بعد حالة ولادة متعثرة خرجت حكومة الدكتور عصام شرف المعدلة إلى الوجود بعد عدة اعتراضات من الثوار وميدان التحرير والمجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يعطى التوجيهات لرئيس الحكومة ومن جانب بعض العاملين كما حدث في الاحتجاج ضد اختيار وزير الاثار الذي ادى الى تأجيل اعلان التشكيل بشكل رسمي واداء اليمين الدستورية امام المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري. حالة من الخلاف الشديد داخل الشارع المصري على اختيار الحكومة الجديدة.. هناك من يرى ضرورة اقصاء الدكتور عصام شرف عن منصبه لانه لم يحقق احلام الثورة.. ميدان التحرير انقسم عليه هناك من يؤيده بشدة وهناك من يعارضه فإلى متى تستمر هذه الحالة من التشرذم او التخوين؟ هل حصلت حكومة الدكتور شرف على فرصتها كاملة حتى نستطيع الحكم عليها.. وهل اعطى الدكتور عصام شرف الوقت الكافي لتحقيق اهداف ومطالب الثورة؟.. الحقيقة ان الميدان لم يعط الفرصة لأحد كي يعمل في ظروف مناسبة وكان تحت ضغط طول الوقت وبالتالي لم تتحقق النتائج المرجوة.. فهناك حالة من الاعتراض «عمال على بطال» مما يعيق الاداء الحكومي.. اضرابات واعتصامات واحتجاجات وشتائم وبلطجة وخروج منظم عن القانون.. فوضى ما بعدها فوضى.. الميدان محق في امور كثيرة وخاصة فيما يتعلق بالقصاص من قتلة الشهداء وسرعة محاكمة الضباط المتورطين في قتلهم.. ولكن الحكومة تباطأت في تنفيذ مطالب الثورة.. مما اضطر الثوار للخروج مرة اخرى فإلى متى استمرار الحكومة في التباطؤ في التعامل مع مطالب الثورة وهل الحكومة المعدلة ستكون على درجة عالية من التفاعل مع مطالب الثورة والثوار؟ الحكومة المؤقتة المعدلة جاءت في تحد جديد لتنفيذ مطالب الثورة.. استجابة سريعة تمت وهي علانية المحاكمات لرموز النظام الفاسد الذي تمت الاطاحة به مع ضمانات العدالة في المحاكمة للمتهمين.. الحكومة مطالبة بسرعة اصدار قانون مجلسي الشعب والشورى حتي يطمئن الشعب المصري على طريقة الانتخابات بعد حالة البلبلة المستمرة على طريقة ونظام الانتخابات.. هناك اجماع من غالبية الاحزاب السياسية على اجراء الانتخابات القادمة بالقائمة النسبية وإلغاء نسبة 50٪ للفردي و50٪ للقائمة كما ورد في مشروع القانون الذي اعلنه المجلس العسكري.. فهل ينحاز المجلس لمطالب الاحزاب والثورة.. وهناك ضرورة على أن يجتمع رأي الحكومة والمجلس العسكري على الانحياز لرأي الشعب والثوار في عدم محاكمة المدنيين امام المحاكم العسكرية.. فإذا كانت الثورة قد قبلت محاكمة الفاسدين ولصوص الوطن وأعدائها امام المحاكم العادية.. فلماذا يحاكم المدنيين امام محاكم عسكرية.. كل الاحترام والتقدير للمحاكم العسكرية التي لها قانونها ولها من تحاكمه من العسكريين.. ولكن ماعلاقة أن يحاكم مواطن أمام محكمة عسكرية وله قاضيه الطبيعي وهي المحاكم المدنية.. من أجرم فعليه عقابه ولكن القضاء المدني به من الحماية للمتهم في حق الاستئناف والنقض وكفانا محاكم استثنائية ظلمت كثيرا من المصريين خلال حكم الطاغية حسني مبارك. أزمة الثقة مستمرة بين الشعب والحكومة عبر تاريخ طويل منذ ثورة يوليو 1952 والناس دائما ما يشككون في طريقة اختيار الوزراء.. فلا احد يدري لماذا جاء هذا الوزير ولا أحد يعلم لماذا ذهب وأطاحوا به.. هل معيار الكفاءة والقدرة على خدمة الوطن والمواطنين هو المعيار الوحيد للاختيار هو اساس الاختيار.. أم أن هناك اسباباً اخرى لا نعلمها؟ غالباً ما تكون معايير الاختيار مختلة وابحثوا عبر 30 عاما من حكم الرئيس المخلوع كيف كان يختار الوزراء.. وبعضهم لا يملك مؤهلا علمياً وأسألوا وزيرة القوى العاملة السابقة ووزير النقل والمواصلات الاسبق ووزير الاسكان المغربي ما هي مؤهلاتهم العلمية وقدراتهم لاختيارهم كوزراء.. ايضا حكومة عصام شرف تم اختيار وزراء دون ابداء الأسباب دخلوا وخرجوا ولم يعرف احد لماذا جاءوا ولماذا خرجوا.. وتدخلت العلاقات الشخصية والمجاملات في اختيار البعض.. وزراء يدخلون ووزراء يخرجون ومازال هناك عدم شفافية في هذه العملية وكأن الشعب كالازواج هو آخر من يعمل.. فمتى تكون هناك معايير واضحة وشفافية في اختيار الوزراء والقيادات في هذا الوطن أم تستمر عملية الخداع والإظلام التي مرت به مصر خلال السنوات الطويلة الماضية؟ حالة من الاحباط وخيبة الامل من حكومة شرف الاولى ونخشى ان يكون هو نفس الشعور من حكومته التي شكلت.. فمتى ندرك اشياء ملموسة وبسرعة من خلال تلك الحكومة الجديدة؟ الوضع تحول من سيئ الى أسوأ اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وامنيا.. نعلم جميعا ان هناك أهدافا للثورة والحكومة والمجلس العسكري يعملون من اجل تنفيذ هذه الأهداف.. ولكن اين خطاب تكليف الحكومة والمهام المطلوب ان تنفذها؟ هل نسي المجلس العسكري انه يملك السلطة والسيادة.. يملك السلطة التشريعية والتنفيذية ويحافظ على الشرعية وأمن وسلامة البلاد في الداخل والخارج.. فما هي المهام التي كلف بها الحكومة لتحقيقها خلال الفترة الانتقالية التي ستدير بها البلاد خلال الشهور القادمة؟.. لماذا لم تحدد الاهداف بدقة للحكومة حتى يتم محاسبتها لتكون ملتزمة امام الشعب؟ وخاصة ان فترة الحكومة محددة بفترة لن تزيد بحال من الاحوال على 6 أشهر قادمة حتى اجراء الانتخابات وتشكيل حكومة اغلبية او حكومة ائتلافية حسب نتيجة هذه الانتخابات. من المسئول عن استمرار حالة الانفلات الامني والى متى يستمر ضعف قبضة الدولة في مواجهة البلطجية والاعتداء على الارواح والممتلكات واستمرار حالة الفوضى والخروج عن القانون؟ الامن ليس رفاهية وليس حلاً بعيد المنال ولكنه الاساس لعودة الحياة للاقتصاد الوطني.. فلا اقتصاد ولا سياسة ولا حياة طبيعية بدون احساس المواطنين بالامن والامان لجموع المواطنين.. هل يعقل ما حدث الاسبوع الماضي في منطقة المحطة بالجيزة حينما قام مجموعة من البلطجية بتعذيب وسحل مواطن في الشارع.. ولمزيد من الإذلال ألبسوه قميص نوم حريمي وطافوا به في شوارع الجيزة ضرباً وتعذيباً وقهراً.. وعندما تدخل احد المواطنين لإنقاذه نال ما ناله من اعتداء وضرب بالعصى والمطاوي.. وتدخل اولاد الحلال لاستدعاد الشرطة لم تحضر لاغاثة الملهوف وآثرت السلامة.. فهل هذه الحالة الامنية كفيلة لعودة النشاط الاقتصادي وتحقيق انتخابات حرة خلال الجولات الانتخابية القادمة لمجلسي الشعب والشورى؟.. لماذا لم تتعامل الشرطة والشرطة العسكرية مع هذه الوحوش البشرية التي تنتهك حرمات وحقوق الانسان على عينك يا تاجر جهاراً نهاراً على اعين كل المواطنين.. والى متى تستمر حالات ترويع المواطنين والآمنين دون رادع؟.. وزير الداخلية مطالب بأن يحاسب من قصر وتقاعس عن اداء واجبه.. وإلى متى تستمر هذه الحالة من السلبية لدى جهاز الشرطة والذي بعودته ستعود الحياة للشارع؟.. متي تسقط دولة البلطجية وتسقط سطوتهم في الشارع ولماذا لا يطبق عليهم قانون البلطجة والمحاكمات العسكرية حتي ولو وصلت الاحكام الى قطع رقابهم جميعا.. فما فائدتهم لوطن ولمواطنين يعانون من سطوتهم وقبضتهم الباطشة وهم أعداء المجتمع؟ من المطالب العاجلة للثورة هي محاصرة الفقر من خلال تطبيق الحد الادنى للاجور وزيادة المعاشات وايجاد فرص عمل جديدة وتوفير وتحسين رغيف الخبز والبوتاجاز.. فهل هذه احلام ومطاب مشروعة ام انها فوق مقدرة الحكومة ولن تستطيع انجازها؟ هناك مطالب عاجلة لتحسين أحوال التعليم الذي اصبح في حالة يرثى لها في المدارس الحكومية.. واصبحت الجامعات تخرج اميين غير صالحين لسوق العمل.. فماذا ستفعل تلك الحكومة لتحسين الاحوال خلال الفترة الوجيزة التي ستقضيها؟ كيف يمكن توفير علاج افضل لكل المواطنين وتحسين اداء التأمين الصحي والمستشفيات العامة التي لايزال شعارها الداخل مفقود والخارج مولود.. هل تستطيع الحكومة الانتقالية تحقيق العدالة الاجتماعية؟ وما دورها في السيطرة على الاسعار وهي التي تملك ادوات كثيرة لتفعيل ذلك؟.. هل نعول كثيراً على هذه الحكومة أم ان حالة الخوف والارتباك ستحرقها قبل انجاز أي شىء.. ربما يتعللون بقصر الوقت الذي سيمضونه في كراسيهم وربما تكون الضغوط المستمرة عليهم مؤثرة الى درجة ارباكهم وخوفهم من اصدار قرارات مؤثرة؟!! قد لا يكون الدكتور عصام شرف ليس برجل المرحلة المهمة في تاريخ مصر.. حتى ولو حصل على أضعاف مضاعفة من الوقت.. فالمسألة طبيعة خاصة في هذا الرجل الخلوق الودود.. لأنه بطبيعته يميل الى عدم التسرع والتأني قبل اصدار القرار. لذلك فهو غير قادر على الحسم وسرعة اتخاذ القرار والا قد فعل خلال حكومته الاولى.. لذلك فلن ينجز شيئا حتى ولو استمر سنوات طويلة.. والحل هو سرعة تحديد موعد الانتخابات البرلمانية وسرعة اصدار الدستور الجديد وانتخابات الرئاسة.. فلنقصر من زمن ادارة العسكريين للبلاد ولنأت بحكومة مدنية ورئيس مسئول وساعتها شكراً للحكومة المؤقتة وشكراً للمجلس العسكري نحو ديمقراطية ومستقل أفضل لمصر والمصريين. [email protected]