ثارت في الآونة الأخيرة حالة من الجدل الواسع حول الأضرار المتوقعة من استخدام أجهزة التليفون المحمول والتأثيرات الضارة لمحطات أو هوائيات المحمول التي أخذت في الانتشار فوق أسطح المنازل وبالرغم من كثرة الندوات والأبحاث العلمية حول هذا الموضوع فإن العلم لم يصل بعد لقرار حاسم في مدى تأثير المحمول وخطورته على الصحة العامة وأجهزة الجسم المختلفة ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها أن أغلب الأبحاث والتجارب أجريت على فئران وليس على البشر مع الفارق الكبير في الحجم والمقاومة الطبيعية وأن رد الفعل البشري الطبيعي يختلف كثيراً من شخص لآخر، كما أن تأثير المحمول يتغير حسب عمر الشخص وأهم من ذلك كله أن التأثير الضار وجد أنه يتناسب طردياً مع معدل وطول فترة الاستخدام للمحمول. يقول الدكتور أحمد الموصلي، استشاري الأنف والأذن والحنجرة: لفهم مخاطر المحمول وأضراره الصحية يجب أن نفرق بين تأثير الموجات الكهرومغناطيسية على جسم الإنسان ودور وقدرة أجهزة المحمول على توليد موجات كهرومغناطيسية ومدى علاقة ذلك بمحطات أو هوائيات المحمول المنتشرة داخل المدن، وثبت علمياً بما لا يقبل الشك أن الموجات الكهرومغناطيسية لها أضرار شديدة وتأثيرات بيولوجية خطيرة على صحة الإنسان، ويظهر ذلك بوضوح في الأضرار البيولوجية التي تحدث للناس الذين يسكنون تحت أو بالقرب من أبراج وأسلاك الضغط العالي. فقد أثبتت الأبحاث التي أجريت على هؤلاء الناس زيادة أمراض الحساسية بينهم بنسبة 200% والتشوهات الخلقية للمواليد بنسبة 280% وارتفاع ضغط الدم والصداع المزمن بنسبة 29%، أما أمراض الجهاز الهضمي فزادت بنسبة 332%، والغريب أنه بالرغم ان الحكومة منعت البناء والإقامة أسفل خطوط الضغط العالي، فإن الناس لا يزالون يقيمون مساكن عشوائية أسفل هذه الخطوط، ولكي نفهم تأثير الموجات الكهرومغناطيسية فإن هذه الموجات تؤدي لتسخين أنسجة الجسم مثلما يحدث في أفران الميكرويف التي تستخدم لطهي الطعام، وتوجد إحدى النظريات التي تفترض أن هذه الأشعة تحدث تداخلاً وتشويشاً على بعض الأنشطة الكهربائية والحساسة التي تحدث داخل الجسم، وثبت أن هذه الموجات الإشعاعية لها تأثير مباشر على الغدد الصنوبرية الموجودة أسفل المخ، ما يؤدي إلى نقص إفراز مادة تتسبب في اختلال عمل الجهاز المناعي، وبالتالي زيادة القابلية للإصابة بالسرطانات بأنواعها. ويضيف الدكتور أحمد الموصلي: إن تأثير هذه الموجات الإشعاعية على البكتيريا والفطريات التي تصيب الإنسان أحياناً يكون له مردود إيجابي، أي يوقف عمل البكتيريا والفطريات – حسب شدة ونوع الإشعاع - وأحياناً يكون له مردود سلبي أي يزيد من شراسة وأضرار البكتيريا والفطريات.. والسؤال عن قدرة التليفون المحمول على توليد الموجات الكهرومغناطيسية.. في الحقيقة أن كمية وقوة الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من التليفون المحمول لا تختلف كثيراً عن الموجات المنبعثة من أغلب الأجهزة المنزلية وأخطرها مجففات الشعر «سيشوار» وأن 60% من الموجات الصادرة عن المحمول تمتصها يد المتكلم، وبالرغم من قدرة الموجات الإشعاعية الصادرة عن المحمول على اختراق الأجسام، إلا أن اختراق جمجمة «رأس» الطفل يكون أسهل وأسرع من اختراق جمجمة البالغين، وأن استخدام المحمول لأكثر من 6 دقائق متواصلة يرفع درجة حرارة المخ بمقدار 1/10 درجة مئوية فقط وهي زيادة لا تسبب تغيرات بيولوجية أو فسيولوجية للمخ. ويؤكد الدكتور أحمد الموصلي أن كثيراً من الدراسات أثبتت أن محطات أو هوائيات المحمول لا تسبب أضراراً تذكر طالما التزمنا بالشروط الصحية والبيئية المفروضة وهي أن يكون ارتفاع المبنى المقام عليه برج المحمول يترواح بين 15 - 50 متراً على أن يكون ارتفاع الهوائي نفسه أعلى من المباني المجاورة في دائرة قطرها 10 أمتار، وأن يكون ارتفاع الهوائي عن سطح المبنى نفسه 6 أمتار على الأقل، وأن يكون سطح المبنى المقام عليه الهوائي من الخرسانة المسلحة، وقد يقترح البعض أن تقام أبراج المحمول خارج الكتلة السكانية لتفادي أي خطورة على صحة الإنسان، ولكن ثبت خطأ هذه الفكرة لأنه كلما ابتعد الهوائي عن مستخدمي المحمول كلما أدى إلى زيادة قوة وتردد الموجات الصادرة منه، ما يؤدي لأضرار أكثر من المتوقع، ويتضح مما سبق أن أغلب الآراء بخصوص التليفون المحمول تتفق على أنه بالرغم من إصداره لموجات كهرومغناطيسية، إلا أن هذه الموجات تكون من الضعف بحيث لا تسبب أي تغيرات بيولوجية أو فسيولوجية للإنسان مثلها مثل أغلب الأجهزة الكهربائية داخل المنزل. وينصح الدكتور أحمد الموصلي، بعدم استخدام المحمول داخل المستشفيات، خاصة في غرف العناية المركزة لمنع التداخل بين أشعة المحمول والأجهزة المنتشرة فيها وعدم استخدام المحمول للأطفال أقل من 12 سنة وتقليل مدة الاستخدام المتواصل لتكون أقل من 6 دقائق في المرة الواحدة وتجنب ملامسة المحمول للرأس مباشرة وغلق المحمول أثناء النوم وعدم وضعه داخل غرف النوم، خاصة تحت الوسادة والابتعاد عن أبراج المحمول أكثر من 6 أمتار في كل اتجاه وعدم ملامسة البرج نفسه «الهوائي» كما يفعل بعض الناس.