الفلاح المصري عامة والمنوفي خاصة أصبح ملطشة للحكومة.. عنوان لمآسٍ وآلام ومعاناة يعيشها صاحب الملحمة التي تتجدد مع إشراقة كل صباح.. عاشق لترابه.. لا يشكو ولا يمل.. بل يستمر في العطاء .. هذا هو الفلاح المصري الذي بني مصر.. فهو الجندي والقائد في الجيش وهو العامل والموظف والصانع لحضارة مصر دائما وفي كل العصور.. يحمل علي كاهله أعباء تنوء بها الجبال.. فمن الإهمال والديون ومشاكل الأسمدة ومستلزمات الإنتاج الزراعي والمعاناة الاجتماعية والصحية والفقر والمرض والجهل إلي السجن والتشريد والحجز والتبرير من قبل بنك التهليب الزراعي. وشيكات وإيصالات أمانة علي بياض والتوقيع وعمل توكيل «مفتوح» لبيع أرضه ومنزله حتي زوجته أصبحت «رهينة» لديون البنك الذي أصبح مشروعا لمص دماء الفلاح المصري وتشريده بدلاً عن أن يكون لخدمته، حيث تحول من بنك خدمي، له مهمة مؤقتة إلي بنك استثماري كل همه الربح والتجارة حتي وصل إلي تجارة الأدوات المنزلية والغسالات والبوتاجازات و«العَجَلْ» والبطاطين.. ولم يبق أمامه إلي التجارة في الأمشاط والفلايات، ولن تقوم لمصر قائمة ولن ينصلح حالها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي إلا بإصلاح حال الفلاح المصري «مرمطون الحكومة». في البداية يقول عبداللطيف وأمين عام رابطة العمد والمشايخ بمصر إن الفلاح المصري أصبح ملطشة «لكل الحكومات» رغم أن مصر بلد زراعي ويعمل بهذا القطاع عشرات الملايين من المصريين حيث تواجههم مشاكل الأسمدة والري والتقاوي والعمالة والبذور والفقر والجهل والمرض والحالة المادية والاجتماعية المتدهورة ولم يقف الأمر عند ذلك بل تعداه إلي ما هو أخطر وغير مسبوق في مصر حيث يقوم البنك بإجبار الفلاح علي التوقيع علي أوراق ومستندات وشيكات علي بياض، بل التوقيع علي «توكيل رسمي علي غير قابل للإلغاء» مع رئيس مجلس إدارة البنك - بصفته - بالتفويض بالبيع لمنزله وأرضه وكل ممتلكاته في حالة عدم سداد القرض.. بل وتسريب وبيع هذه الشيكات وإيصالات الأمانة من قبل بعض الموظفين معدومي الضمير إلي بعض - مافيا المحامين - لاستغلالها ضد هؤلاء الفلاحين البسطاء وابتزازهم وعمل قضايا لهم والتنازل عنها بعد الاتفاق علي دفع المعلوم رغم قيامه بتسديد المديونية والفوائد التي تصل في معظم الأحيان إلي 25٪ من القرض والمفترض ألا تتجاوز 8٪ فقط لان الهدف هو قومي تنموي وليس ربويا أو تجاريا!! وأشار طولان إلي قيام البنك أيضا بإجبار الفلاح علي التوقيع علي «عقد وكالة غير قابل للفسخ أو الإلغاء» وأيضا عقد بيع ابتدائي «مع رئيس مجلس الإدارة بصفته في التصرف بالبيع والشراء في الأطيان والأراضي الفضاء والزراعية والعقارات للفلاح «الضحية» الذي لا يعرف القراءة أو الكتابة ضحية بنك التنمية.. أي كلها عقود وأوراق واتفاق إذعان وإذلال من طرف واحد نهايته الحتمية هو السجن والتشريد أو الموت كمداً وراء القضبان.. وكم من أسر كاملة ضمت بعضها في قروض بسيطة وكانت نهايتها السجن والموت. كما أشار فكري عابدين فلاح إلي مواجهة الفلاح المصري «المسكين» لمشاكل لا حصر لها مما تسبب في هجرته للأرض الزراعية أو بيعها وتحويلها إلي أعمدة خرسانية أو تبويرها وتحويلها إلي أي مشروعات ربحية وتجارية إضافة إلي حمي البناء علي الأرض الزراعية في غياب الدولة والقانون والمياه الملوثة وندرة مياه الري وارتفاع أسعار الأسمدة الجنونية بل وعدم توافرها وكذلك المعاناة الاقتصادية والمعيشية والضحية والاجتماعية التي يواجهها الفلاح بالريف المصري وتغيير قانون العلاقة بين المالك والمستأجر والتي عصفت بالملايين إلي الخارج وطردوا في المساحات الصغيرة التي كانوا يقومون بزراعتها مما دفع الكثيرين إلي السفر للخارج والانتحار في مياه البحار والمحيطات غرقا في رحلة الموت إلي إيطاليا وغيرها من دول الأحلام. كما أكد د. صلاح الدين جاد - باحث إسلامي - علي ضرورة أن نتقي الله في هذا الإنسان الفقير المسكين وعمل نقابة تحميه من تعسف السلطة ومعاش لائق له عند بلوغه سن الستين وليس ال 65 كما هو الآن علي ألا يقل عن ألف جنيه وأيضا ضمان اجتماعي ورعاية صحية واجتماعية من خلال التأمين الصحي الإجباري له رسوم بسيطة سنوية لان إصلاح مصر الاقتصادي والاجتماعي بل والسياسي يبدأ من إصلاح القرية والفلاح الذي يميل 85٪ في مساحات وسكان مصر.. كما طالب «جاد» بإعفاء جميع صغار الفلاحين من الديون وفوائدها الصغيرة وتقليل نسبة الفائدة السنوية بما لا يتجاوز 8٪ وأن تعاد صياغة العلاقة من جديد بين الدولة وبك التنمية الزراعي وبين الفلاح «المفتري عليه». كما طالب سامي تمراز موظف بتشجيع البحث العلمي في المجال الزراعي وتوفير ميزانية لذلك وإنتاج جميع تقاوي الخضراوات والفواكه وتمليك الفلاحين مساحات كبيرة في الأراضي الصحراوية بعد إصلاحها ومدها بالمرافق مقابل رسوم سنوية بسيطة وعلي فترة طويلة ليغزو الصحراء حتي نستطيع إنتاج غذاء بدلاً عن الاستيراد من الخارج لصالح مافيا الاستيراد من أصحاب النفوذ. كما طالب أيضا بوضع هوية إنتاجية لمصر الزراعية التي كانت رائدة في زراعة وصناعة القطن طويل التيلة ويمثل المرتبة الأولي في العالم وكذلك تحديث الميكنة الزراعية بأسعار في متناول الفلاح وتحديث وتجديد أساليب الري الحديثة لتوفير عشرات المليارات من المياه «الفاقدة». كما هاجم عنتر فساد فلاح دور الجمعيات الزراعية الذي تراجع إلي تجارة الأدوات المنزلية والغسالات والبوتاجازات والبطاطين وحتي الأمشاط والفلايات وهمه تحقيق الأرباح لصالح أعضاء مجلس الإدارة الذين يحصلون علي نسبة من هذه الأرباح بعد أن كان دورها سابقا هو تقديم كل مستلزمات الإنتاج من وسائل وبذور وأسمدة بأسعار مناسبة بل تقديم خدمة الإرشاد والزراعي والخبرة للفلاح بل الإصرار علي تحميل التقاوي «الفاسدة» علي الكيماوي فأصبح فريسة ما بين فكي بنك «التهليب» الزراعي وسندات الحكومة والأنظمة وجشع واستغلال التجار، فأصبح مصيره إما السجن والتشريد أو الموت وراء القضبان أو الهجرة والانتحار في أعماق البحار ومن يكتب له النجاة من كل هذه المصائب، فمصيره إلي معيشة الذل والمهانة والمعاناة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية حيث ثالوث «الجهل والفقر والمرض».