أثارت دعوة الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية جدلاً واسعاً فى الأوساط السياسية. فقد وصف «البدوي» قانون الانتخابات البرلمانية ب«المشوه» وغابت عنه الأحزاب تماما وتم تهميشها، مطالباً بتأجيل الانتخابات البرلمانية وعرض القانون لحوار مجتمعي وأن نضع أيدينا علي العوار الموجود في هذا القانون، لافتاً إلي أنه يخشي من قيام رموز الحزب الوطني بتحويل مصر إلي ساحة حرب. وأيد العديد من الخبراء والقوى السياسية تصريحات رئيس حزب الوفد إلى قناة «دريم» الفضائية. وذكروا أن الاقتراح بتأجيل الانتخابات البرلمانية لعام لا يستهدف التأثير على خارطة الطريق، ولكن الهدف منه إتاحة الفرصة أمام الأحزاب، لإعادة صياغة رؤية حزبية حقيقية، تتيح لها فرصة المشاركة في الحياة السياسية بشكل إيجابي، ومنع دخول المنتمين للحزب الوطني أو للجماعة الإرهابية إلى البرلمان من جديد. وتوقع المحللون السياسيون وفقهاء القانون تأجيل انتخابات البرلمان هذا العام بسبب ضبابية وارتباك المشهد السياسي، حيث لم يصدر حتى الآن قانون تقسيم الدوائر وتقسم المحافظات الجديدة ولا يوجد مبرر لعدم إصداره. خاصة أن قانون الانتخابات فى الأصل أصدر دون أن يطرح للحوار المجتمعى بالرغم من أن معظم الأحزاب اعترضت عليه وطالبت بتعديل مواده التى وصفوها بأنها تنتج بيئة خصبة تعيد إنتاج نظام مبارك من جديد والمتأسلمين بوجوه مختلفة. قانون الانتخابات يقول حسام الخولى إن الإشكالية الحقيقية التى تواجهها معظم الأحزاب والتيارات المدنية هى قانون الانتخابات نفسه لما به من بعض المواد المعقدة والتى تخلق جوا من الاضطراب «حول الانتخابات البرلمانية وأدائها الأمر الذى أربك المشهد السياسي وأصابه بالتعقيد، وفشل التحالفات القائمة وعدم استقرارها حتى الآن سببه هذا القانون السيئ.. مضيفا أن تحالف عمرو موسى سبق أن اعترض مراراً على قانون الانتخابات وطالبت معظم الأحزاب بتعديله، مؤكداً أنه يرحب بتأجيل الانتخابات إذا كانت هناك إعادة النظر فى قانون الانتخابات وتعديل مواده متوقعاً المزيد من التعقيد والارتباك أيضا فى قانون تقسيم الدوائر لأنه قائم على قانون شائك. أحمد عودة، نائب رئيس حزب الوفد، قال إن الحزب مستعد لإجراء الانتخابات البرلمانية فى أى وقت ولدينا كوادر ومرشحون فى جميع الدوائر.. ومطالبتنا بتأجيل الانتخابات تستند إلى أن قانون الانتخابات الحالى غير معبر عن إرادة المصريين ويجب إصدار تعديلات جوهرية فى هذه الانتخابات ومنها إلغاء القائمة المطلقة وتعديلها إلى نظام القوائم النسبية إلى جانب تعديل النسب المحددة للقوائم والفردى على أن تكون 50% للقوائم و50% للمقاعد الفردية.. وأيضا إعادة تقسيم الدوائر بحيث تشمل كل قائمة منطقة محددة مناسبة، لأن النظام الحالى جعل من كل قائمة تشتمل على 5 أو 6 محافظات وهذا أمر معقد ومعجز للناخب أو المرشح. وأضاف «عودة» أن القانون الانتخابى الحالى لم يسبق له مثيل فى تاريخ مصر السياسى ولابد من إعادة تقسيم الدوائر بصورة معقولة وليكن إعادة التقسيم الذى كان معمولاً به من قبل إلى جانب اشتراط تمثيل فئات محددة فى كل قائمة حسب العدد المرشح فيها، وهذه أمثلة للتعديلات وليست على سبيل الحصر. وأشار «عودة» إلى أنه يجب استبعاد الإخوان والسلفيين وجميع الأحزاب ذات المرجعية الدينية بالإضافة إلى استبعاد المتهمين والملوثين من أعضاء الحزب الوطنى الذين أفسدوا الحياة السياسية. تدخل الرئيس وطالب الدكتور رفعت السعيد رئيس المجلس الاستشارى بحزب التجمع الرئيس عبدالفتاح السيسى بعدم التوقيع على قانون الانتخابات البرلمانية وإدخال بعض التعديلات عليه بالوسائل القانونية المخولة له بصفته رئيساً للبلاد ومسئولاً عن السلطة التشريعية لعدم وجود البرلمان. ودعا السعيد الأمن إلى الإعلان بشفافية كاملة عن الأموال التى تدفقت على القوى المتأسلمة خلال الفترة الماضية والتى سيكون لها دور كبير فى الانتخابات المقبلة وستخضع البرلمان لدخول نسبة كبيرة من القوى المتأسلمة من الإخوان وحزب النور وغيرهما من أحزاب الإسلام السياسى. وأضاف: أخشى أن يفسر التأجيل بارتباك المشهد السياسى والأمنى.. فى ظل دعوتنا لتنشيط السياحة والاستثمار مما يعيق الاقتصاد أو أن يعتقد البعض أن المؤيدين للتأجيل هدفهم سيطرة رئيس الجمهورية على السلطة خوفاً من أن يكون البرلمان القادم ليس فى صالحه. وشدد السعيد على ضرورة السرعة فى تعديل القانون الانتخابى وإجراء الانتخابات فى شهر يناير أو فبراير المقبل. وتوقع الدكتور عصام الإسلامبولى الفقيه القانونى أن يتم تأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، بسبب فشل التحالفات الانتخابية المطروحة وارتباك القوى المدنية.. وأوضح « الإسلامبولي» أنه حتى الآن لم يتم وضع قانون تقسيم الدوائر، وأنه من الضروري وضع ذلك القانون قبل انتخابات مجلس النواب، ومن الممكن أن يكون ذلك سبباً قوياً في تأجيل الانتخابات، مشيراً إلى أنه لابد من صدور القانون وبعدها دعوة للانتخابات فيما لا يقل عن شهرين كذلك التعديل الجديد فى حالة تقسيم المحافظات الجديد. وأضاف «الإسلامبولى» من المفترض أن يتم إجراء الانتخابات البرلمانية بعد إقرار الدستور بستة أشهر، وهو ما فسرته اللجنة اعتبارًا من بداية تشكيل الأمانة العامة للجنة العليا للانتخابات، الأمر الذى يعد محايلة على القانون. وأوضح أن المشرع كان يقصد إجراء الانتخابات البرلمانية بعد دعوة الناخبين للتصويت بستة أشهر، وهو ما لم يحدث حتى الآن، فضلاً عن عدم صدور قانون تقسيم الدوائر، لارتباطه بتقسيم المحافظات، وإعادة ترسيم الحدود، وهو ما يحتاج لوقت ويقوى احتمال تأجيل الانتخابات على حد قوله. ضرورة ثورية يقول الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة قناة السويس، إن كل مخلص غيور على هذا الوطن، ويعتقد أن هناك ثورتين قد اندلعتا فى مصر فى 25 يناير 2011، و30 يونية 2013، يتابع بحسرة ما يجرى على أرض المحروسة بعد إتمام استحقاق الانتخابات الرئاسية واجتيازها بنجاح بإرادة شعبية كاسحة. فالمشهد الحالى عبثى بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان. فالصفقات -وليست الحوارات- تتم بين أصحاب المصالح وأصحاب رؤوس الأموال للقفز على البرلمان وتوظيف إرادة الشعب فى الانتخابات البرلمانية القادمة من أجل إنتاج برلمان «مهجّن» وخليط من أصحاب اللحى والمتأسلمين والإخوان، ورموز نظام مبارك الفاسدة، وكلاهما استعد للمشهد على ما يبدو لأداء الدور المطلوب للقضاء على فكرة التغيير الجذرى، وهى الهدف الأساسى للثورة، وإذا حدث هذا، كما أتوقعه، فإن ترويض الثورة حتى إجهاضها بات مخططا له بلا جدال. مؤكدا ان الانتخابات عموما تتطلب مناخًا ملائما لإجرائها، لأن نتيجتها ستتحكم فى مستقبل الوطن، ونصبح أمام واقع قد يجرنا إلى ما قبل 30 يونيه وما قبل 25 يناير، وإما أنه سيكون مقدمة لسلسلة من التغييرات المتعاقبة تحقيقا لمطالب الثورة والشعب. وأضاف «زهران» من الواضح أن المقدمات الحادثة الآن ستقود حتمًا وباليقين إلى تكوين برلمان ضد الشعب وضد الثورة، حيث تشير المدخلات إلى أن عبور الاستحقاق الأول «الدستور» كانت مشكلته الأساسية نقطتين على حسب تقديره هما إجراء تعديلات وليس دستورا جديدا، وتم التغلب على ذلك عمليا بمراجعة كل مادة على حدة بالإضافة والحذف والتعديل حتى ظهر دستور جديد وبه عورات كثيرة، ولم أقتنع بإصرار الرئيس الانتقالى على التعديلات على دستور الإخوان، ويرى «زهران» أن خطوة الانتخابات الرئاسية مرت بأخف الأضرار وأعظم المكاسب، ولولا أن السيسى هو المرشح الشعبى، لكنا فى مأزق من الراغبين فى القفز على المشهد من القوى المضادة للثورة والمتربصة بها وبالشعب، لأنهم لا يريدون أن يفرطوا فيما اكتسبوه وخطفوه عنوة، وبالمخالفة للدستور والقانون من وراء ظهر الشعب، ونتيجة لتحالف الثروة والسلطة، فالميزة الحقيقية فى الاستحقاق الثانى هى أننا شاهدنا المرشح الرئاسى باعتباره «ظاهرة شعبية» وهو الذى حقق بشكل غير مسبوق نسبة 97٪ وهى الغالبية الكاسحة وبمثابة الإجماع الشعبى. ويواصل حديثه: الاستحقاق الثالث وهو الانتخابات البرلمانية التى يجب إتمامها بشكل تتحقق من وراء نتائجها مطالب الشعب بشكل حاسم، ولا يكون البرلمان القادم هو المعول للانقضاض على مطالب الثورة وعلى غالبية الشعب؟ وطالب «زهران» بتعديل قانون الانتخابات «الحقوق السياسية وانتخابات البرلمان» بحيث يقتصر على النظام الفردى، ولا يتجاوز عدد الأعضاء 450، هناك مشروع مقدم إلى اللجنة بهذا الأمر، وأن يقتصر التعيين على الفئات المدرجة فى الدستور، وإلغاء القوائم التى ستكون وسيلة حل البرلمان القادم، كذلك العزل السياسى لرموز نظام مبارك السياسية والتنفيذية والتشريعية، لحماية الثورة وتنفيذ حكم محكمة الأمور المستعجلة «القاهرة»، وكذلك قيادات الإخوان على نفس المستوى وكل من ينسب نفسه إلى الجماعة بعد اعتبارها جماعة إرهابية، مطالبا بتنفيذ حكم محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة، وكلا الحكمين يقضى بحرمان هؤلاء من الترشح فى جميع الانتخابات، وهو الأمر الذى يحمى الثورة ويسهم فى تهدئة الأجواء، ويساعد على خلق برلمان أفضل. كما طالب ايضا بحل جميع الأحزاب الدينية «المتأسلمة والمتأدينة»، تنفيذًا لنص المادة 74 من الدستور الجديد 2014، وعددها حاليا «22» حزبًا، وهذه الخطوات الثلاث معًا من شأنها خلق بيئة سياسية مناسبة لانتخابات برلمانية حقيقية تسهم فى توليد برلمان بغالبية كاسحة تتوافق مع أغلبية السيسى. والخيار الآخر هو إجراء الانتخابات البرلمانية فورًا والدفع بشخصيات من نظام مبارك لقيادة البرلمان القادم، وهو أم الكوارث للثورة وللشعب ولمصر، ويستحيل خلق حالة من الاستقرار، بل قد يؤدى ذلك إلى أسوأ العواقب، لا قدر الله، ولتهيئة الظروف لتنفيذ هذه الخطوات الثلاث معًا فإن تأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة عام كامل هو الحل الحقيقى والمفتاح السحرى لتوليد الأمل، لا الغضب فى نفوس الشعب المصرى. مشدداً على عدم الاستعجال فى تكوين برلمان قد يعصف بكل شىء، ولكن مع رئيس منتخب بإرادة شعبية كاسحة، وعليه العمل بالتشاور مع الجميع.