تزايدت في الآونة الأخيرة، التظاهرات والاحتجاجات لاعتصامات وتنوعت معها المطالبات بالإصلاح، واختلفت الرؤية بين مؤيد ومعارض للأحداث، إلي حد أنه يمكن أن يصل بنا الحال إلي ما يشبه الفوضي، خاصة مع الغياب الأمني ونفور الناس من الشرطة، الأمر الذي ينذر بخطر داهم للبلاد. نحن لا ننكر حق الشعب في التظاهر والتعبير عن رأيه ومطالبه، ولكن لابد أن يكون هناك فارق بين حق التظاهر وبين الفوضي، لأن تعدد المطالب مع تعدد الأحزاب والجماعات والجبهات، يجعل من تنفيذ هذه المطالب شبه مستحيل، لأن الحكومة - أي حكومة - لا تستطيع أن تستجيب لكل هذه المطالبات دفعة واحدة، أو بالسرعة التي يطالب بها البعض من المتحمسين، وعلي سبيل المثال، كيف يمكن أن يطبق فوراً الحد الأدني للأجور في الوقت الذي تعاني فيه الدولة من ندرة الدخل القومي وتوقف عجلة الإنتاج؟ ثم كيف نطالب رجال القضاء بسرعة الفصل في القضايا المعروضة عليهم، خاصة قضايا قتل المتظاهرين؟ العدالة لابد أن تأخذ حقها في التحقيق والتمحيص، لأن القاضي العادل يستحيل أن يظلم بريئاً واحداً، فالأولى به إذا ما شك في ارتكاب الجريمة أن يبرأ ساحته، عملاً بالقاعدة القانونية المعروفة (الشك يفسر في مصلحة المتهم) لأنه خير للعدالة أن يفلت ألف مجرم من العقاب، من أن يدان برىء واحد. المهم، أن هناك مطالب عديدة يستحيل لأي مسئول الاستجابة إليها بالسرعة التي يطالب بها البعض، وبالتالي، هل من المفروض أن تستمر هذه الاضطرابات والمظاهرات والاعتصامات لسنوات وسنوات، حتي يستطيع أولي الأمر منا، تنفيذ مثل هذه المطالب كلها؟ نحن لدينا شعب ثائر ونفد صبره وفي الوقت نفسه لدينا ميراث ثقيل من المشاكل التي تحتاج منا الكثير من الجهد والصبر، إذن فما الحل؟ لو استمر الحال علي ما هو عليه، من اعتصامات وتظاهرات، فإن الأمر سينقلب إلي فوضي، بل ربما ينقلب إلي ما هو أسوأ من الفوضي، وقد يصل الحال بنا إلي حد التصادم، الذي قد يترتب عليه شبه ما حدث ويجري في ليبيا أو اليمن أو سوريا، فهل هذا هو المطلوب؟ هناك من يتربص بنا ويريد أن يصل بالبلاد إلي هذه الهاوية ونحن الذين نساعد مثل هؤلاء الحاقدين والكارهين للوصول إلي مآربهم باستمرار الفوضي في البلاد. أفيقوا يا شباب مصر.. واعلموا أن قواتنا المسلحة أشرف وأنبل جيش في منطقتنا العربية، لأنه يكاد أن يكون هو الجيش الوحيد الذي وقف إلي جانب الثوار. الجيش الآن هو الملاذ الوحيد لنا جميعاً، خاصة في حالة غياب الأمن من الشارع المصري. الجيش هو الذي حمي ثورة شعب مصر وهو أيضاً حامي أرض الوطن، لا تدفعوا الجيش إلي أن يغير من موقفه، فمن غير المعقول أن ما تم هدمه طوال الستين أو الثلاثين سنة الماضية، يمكن بناؤه في عدة أشهر، فالهدم أسهل بكثير من البناء. الزموا الهدوء وتذرعوا بالصبر وطول البال، فالفرج قريب إن شاء الله. مصر مصرنا جميعاً، وإذا تعرضت للخطر تعرضنا كلنا للخطر، بل وإلى الغرق. فهل هذا هو المطلوب؟ طيب... وبعدين؟