أقام المركز الثقافي المصري بالرياض، ندوة عن العلاقة بين الفن والأخلاق وحرية الإبداع، تحت رعاية السفير المصري بالمملكة عفيفي عبدالوهاب، وإشراف المستشار الثقافي المصري الدكتور محمد عثمان الخشت، شارك فيها من الجانب السعودى عبدالعزيز المريبض، أمين ندوة المريبض الثقافية، والإعلامي الحميدي الثبيتي، والكاتب خالد الغنامي، والإعلامي ماجد بن نويصر، والكاتب عبدالهادي السعدي. من جانبه أكد الدكتور الخشت في مداخلته على ضرورة الالتزام بالمعايير الأخلاقية في الإبداع الفني، وأن رأى التيارات التى تطالب الفن عموماً والسينما خصوصاً بعدم تجاوز «السقف الأخلاقى» للمجتمع ليست بدعاً ولا ابتداعاً ولا تطرفاً فهى متوافقة مع رأى مجموعة من كبار الأدباء والفنانين والفلاسفة الغربيين، مثل أفلاطون، والكاتب الإنجليزي جون راسكن وتولوستوى، بل أفضل وأعدل بمراحل من الموقف المتطرف الذى اتخذه أفلاطون الفيلسوف اليونانى الكبير. أوضح على ضرورة أن يكون الفن محكوماً بوعي أرقى من وعى الشارع؛ فالسينما يجب ألا تعكس الواقع كالمرآة، بل يجب أن تسهم فى صنعه، وهى لا تغير فقط وعى المشاهد، بل تغير أيضاً مَنْ يصنعها فيتجاوز ذاته ويتحدى قدراته. إن الصورة الفنية - شئنا أم أبينا- هى أداة توجيه للسلوك والأفكار سواء بشكل مباشر أو غير مباشر؛ إنها أخطر من الكلمات المقروءة، نتيجة التأثير غير المحدود للصورة المتحركة. أشار الخشت إلى أن المواطن العربي إزاء موقفين متطرفين من السينما: موقف فوضوي متسيب، وموقف متشدد محرم، وكلاهما يعبر عن وجهة نظر ضيقة الأفق، وعقل مغلق؛ فالعقل المغلق ليس سمة للمتشددين فى الدين فقط، بل سمة أيضاً للفوضويين الذين يريدون أن يفرضوا رؤيتهم للحياة على الجميع دون مسئولية ودون شعور بالتزام تجاه المجتمع. وبقدر رفض التطرف فى التشدد والتحريم، يكون رفض الإفراط فى الإباحية والتحلل من مصفوفة القيم الإنسانية. وفى هذا الإطار تبدو الرؤية الإسلامية الوسطية التى تجعل "الفن للمجتمع"، ومن ثم تربطه بالخير، ليست بمعزل عن تيار قوى فى فلسفة الفن نشأ وترعرع فى إطار الفكر الغربي، ومن هنا فإن الحديث عن فوضى الإبداع بلا حدود، إنما هو نوع من الانفلات يروج له أنصار الإثارة من أجل زيادة المكسب المادي وارتفاع حصيلة بيع التذاكر، فعندما تضعف اللغة الفنية، تكون الإثارة هى البديل. يذكر أن القناة الأولى السعودية قامت بتغطية الندوة، وأجرت لقاءات مع المتحدثين فيها الذين أعربوا عن ضرورة الالتزام بالمعايير الأخلاقية في الأعمال الفنية وضرورة قيام الفن بدوره في خدمة المجتمع، وتقديم رسالة إنسانية رفيعة، كما أعربوا عن تقديرهم للجهود المتواصلة التي يبذلها المكتب الثقافي المصري بالرياض في نشر الوعي الحضاري الإسلامي، وبث أفكار الوسطية والاعتدال، وتدعيم الروابط الثقافية بين مصر والسعودية في مختلف المجالات.