التبرعات بالمساجد والمقارئ.. توجيهات عاجلة من وزير الأوقاف للمديريات الإقليمية    حدائق ومتنزهات أسوان والجزر النيلية تستقبل المواطنين في أعياد الربيع    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    محافظ بني سويف يكلف رؤساء المدن بتعليق بانرات لتوضيح إجراءات وأوراق التصالح    «التنمية المحلية»: إنهاء استعدادات تلقي طلبات التصالح.. والبداية خلال ساعات    تعرف على تفاصيل شقق الإسكان المتميز قبل موعد الاعلان    حزب المصريين يُحذر من خطورة اجتياح رفح الفلسطينية: مصر باقية على العهد    الصين تتحدث عن إمكانية عقد مؤتمر سلام دولي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي    نزوح أكثر من ألف أسرة بسبب الفيضانات في أفغانستان    اللقطات الأولى لنزوج المدنيين في غزة بعد عملية كرم أبو سالم (فيديو)    مهاجم ليفربول يحذف كل صوره بقميص الفريق بعد أنباء اقترابه من برشلونة    «مش قادر وواقع ومقضيها سوشيال ميديا».. إبراهيم سعيد يهاجم زيزو الزمالك    التصريح بدفن ضحية عصام صاصا مطرب المهرجانات في حادث السير بالطالبية    موعد غرة ذي الحجة فلكيًا.. خلال أيام وهذا موعد عيد الأضحى 2024    طرق الحصول على مصادر المراجعة لطلاب الثانوية العامة 2024.. «التعليم» توضح    تزامنا مع احتفالا شم النسيم.. "النقل": الوزير يتابع إجراءات تقديم الخدمات المميزة للمواطنين    6 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة في روض الفرج الأربعاء المقبل    أبرزهم «السندريلا» وفريد الأطرش .. كيف احتفل نجوم الزمن الجميل بعيد الربيع؟ (تقرير)    بعد إعلانه نوع السرطان.. تركي آل الشيخ يوجه رسالة لفنان العرب محمد عبده (فيديو)    «الكحول حلال في هذه الحالة».. أمين عام رابطة العالم الإسلامي يثير الجدل (فيديو)    6 نصائح من الهلال الأحمر للمواطنين عند تناول الفسيخ والرنجة    نجاح فعاليات حملة التوعية ضد مرض قصور عضلة القلب في الإسماعيلية (صور)    خلال عام واحد.. معهد أمراض العيون يستقبل 31459 مريضًا وإجراء 7955 عملية    تغيير موعد افتتاح فعاليات المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية في دورته ال11    مصرع شخصين وإصابة 3 في حادث سيارة ملاكي ودراجة نارية بالوادي الجديد    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    محافظ مطروح يلتقي شباب المحافظات الحدودية ضمن برنامج "أهل مصر"    بالصور - تتويج زياد السيسي بالذهبية التاريخية في بطولة الجائزة الكبرى للسلاح    محافظ المنيا يوجه بتنظيم حملات لتطهير الترع والمجاري المائية    الري تفتح الحدائق والمزارات أمام المواطنين في احتفالات شم النسيم    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    حبس المتهمة بقتل زوجها بسبب إقامة والده معها في الإسكندرية    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    الفنان السوري فراس نعنع عضو لجنة تحكيم مهرجان بردية لسينما الومضة    الدفاع الروسية: إسقاط مقاتلة سو-27 وتدمير 5 زوارق مسيرة تابعة للقوات الأوكرانية    «الصحة»: إجراء 4095 عملية رمد متنوعة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 37 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    "دور المرأة في بناء الوعي".. موعد ومحاور المؤتمر الدول الأول للواعظات    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    طارق العشرى يُخطط لمفاجأة الأهلي في مواجهة الثلاثاء    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    الشرطة الأمريكية تقتل مريضًا نفسيًا بالرصاص    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخيانة
نشر في الوفد يوم 31 - 08 - 2014

الحمد لله وكفى ، وصلاة وسلاماً على نبيه الذي اصطفى ، وعلى آله وصحبه ومن بسنته اقتدى ، وبهديه اهتدى . . وبعد :
نقف في هذه الخاطرة مع آية من كتاب الله تعالى من سورة التحريم حيث يقول الحق تبارك وتعالى : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } [ التحريم10 ] .
يخطئ الكثير في فهم هذه الآية في معنى الخيانة الواردة هنا ، فالخيانة هنا ليس المقصود منها فعل الفاحشة ، حاشا وكلا ، أن تفعل ذلك امرأة نبي ، لأن الله عز وجل عصم نساء أنبيائه الوقوع في الفاحشة ، وإنما كانت الخيانة في الدين فقط .
فالله جل وعلا بين للناس مثلاً في الكافر إذا كان مع المؤمن يخالطه ويؤاكله ويجالسه أن ذلك لن ينفعه أبداً لأنه لم يؤمن بالله العظيم ، ألم ترى أن أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم دافع عنه وعن دينه وردع عنه المشركين ، ومات على الكفر ، وكان يقول له النبي : قل لا إله إلا الله ، كلمة أُحاج لك بها عند الله ، لكنه مات على الكفر ، ومع ذلك لم ينفعه قربه من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون من أصحاب النار ، وكذلك عمه أبو لهب ، وكذلك ابن نوح عليه السلام ، ووالد إبراهيم عليه السلام ، كل أولئك بين القرآن الكريم أنهم أصحاب الجحيم ، وتأملوا معي هذا الحديث ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ : " أَيْ عَمِّ ، قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ " ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ ، تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَلَمْ يَزَالاَ يُكَلِّمَانِهِ حَتَّى قَالَ آخِرَ شَيْءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : " لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ " ، فَنَزَلَتْ : { مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِى قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } ، وَنَزَلَتْ : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } " [ رواه البخاري ] .
فالكافر لا ينتفع بصلة قرابته من المؤمن ، ما لم يكن مؤمناً ، وهكذا امرأة نوح ولوط عليهما السلام لم ينفعهما مخالطتهما ومعاشرتهما لنبيي الله أن يكونا من أصحاب النار .
والآن نعود إلى فهم الآية فهماً صحيحاً ، يقول ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية { فَخَانَتَاهُمَا } قال : ما زنتا ، أما امرأة نوح فكانت تخبر أنه مجنون ، وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل قومها على أضيافه .
فكانت امرأة نُوح تَطَلع على سر نُوح ، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به ، حتى يبطشوا به ، وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحدًا أخبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء ، فكانت لها علامة بالليل والنهار ، فالليل تشعل النار ، والنهار ترسل الدخان ، ليعلم القوم أن لدى لوط عليه السلام أضياف .
وقال الضحاك عن ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط ، إنما كانت خيانتهما في الدين .
وهكذا لا تفرح أيها الإنسان بقبيلتك ولا بقريتك ، ولا بقربك من فلان أو علان من الناس لأنه صاحب دين واستقامة ، فكل منكما سوف يحاسب عن نفسه ، ولن يغني عنك من الله شيئاً ، لا تفخر بحسبك ولا نسبك ، فالميزان عند الله التقوى ، ألم تسمع قوله عز وجل في سورة الحجرات : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [ الحجرات13 ] .
يقول الله تعالى لعباده : إنَّا خلقناكم من أب واحد هو آدم, وأُم واحدة هي حواء، فلا تفاضل بينكم في النسب, وجعلناكم بالتناسل شعوبًا وقبائل متعددة؛ ليعرف بعضكم بعضًا, إن أكرمكم عند الله أشدكم اتقاءً له . إن الله عليم بالمتقين, خبير بهم .
فالتفاضل بالعمل الصالح ، وحسن الخلق ، والتقوى والإخلاص لله تعالى والصدق معه سبحانه ، أما القبيلة فليس لها محل في ميزان التفاضل الرباني ، أما عند الناس اليوم فربما نعم ، وذلك لجهلهم بدين الله عز وجل ، وهل نفع أبو طالب وأبو لهب قربهما ومكانتهما من سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وكان كل واحد منهما عمه ، بل تأمل هذا الحديث عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " . . . وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ " [ رواه مسلم ] .
بل انظر إلى بلال الحبشي ، وسلمان الفارسي وغيرهما رضي الله عنهما كيف أن إسلامهما أدخلهما الجنة ، لم يضرهما أنهما لم يكونا من قريش أو غيرها من القبائل ، فاحذر يا عبد الله أن تأخذك العزة بالإثم فتفخر على الناس بقبيلتك وعملك سيء ، وسيرتك أسوأ من عملك ، بل المهم هو العمل الصالح ، انتبه من العصبية القبلية فقد جاء ذمها في حديث جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ " [ رواه أبو داود وغيره ] ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لاَ يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِي لِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي ، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ ، يَدْعُو إِلَى عَصَبِيَّةٍ ، أَوْ يَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ ، فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ " [ رواه النسائي وغيره ] ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَسَعَ _ ضرب على مؤخرته _ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ ، فَاجْتَمَعَ قَوْمُ ذَا ، وَقَوْمُ ذَا ، وَقَالَ هَؤُلاَءِ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ . وَقَالَ هَؤُلاَءِ يَا لَلأَنْصَارِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : " دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ " ثُمَّ قَالَ : " أَلاَ مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ، أَلاَ مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ " [ متفق عليه واللفظ لأحمد ] .
وَعَنْ عُقْبَةَ بن عَامِرٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ أَنْسَابَكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ بِسِبَابٍ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنَّمَا أَنْتُمْ بنوا آدَمَ طَفُّ الصَّاعِ _ قريب بعضكم من بعض _ أَنْ تَمْلَؤُوهُ، لَيْسَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلا بِدِينٍ أَوْ عَمَلٍ صَالِحٍ، حَسْبُ امْرِئٍ أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا بَذِيئًا بَخِيلا حَلافًا " [ رواه أحمد وحسن إسناده شعيب الأرنؤوط ] .
هذه هي القبلية والعصبية التي يدعو إليها بعض الجهال اليوم ، فنسأل لنا ولهم الهادية والرشاد ، والتوفيق والسداد ، وأن يهدينا سواء السبيل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.