أصبح ميدان التحرير المكان الذي يستطيع منه أي فنان أو صاحب موهبة النفاذ إلى قلوب الناس وعقولهم، ففي ليالي الاعتصامات الحالية بالميدان، وأثناء الليل تحديدا لا تستطيع إلا أن تستمتع بالفنون المختلفة، فأمامك وجبة حماسية من الأغاني والرسومات أو الأشعار الخاصة بأحد المواهب، بعد أن عادت إلى الميدان مرة أخرى عند إحساسهم بحاجة الميدان إليهم. مطرب وطني عبد الرحمن هريدي، عضو في ائتلاف شباب الثورة، ويعمل في الاستثمار العقاري، يتحدث عن تجربته في تجميع الحالات الفنية في الميدان، قائلا: "لقد بدأت تجربتي يوم 29 يناير بعد جمعة الغضب الأولى، وهو اليوم الذي كان فيه أكثر من جنازة لأكثر من شهيد، وبدأ توافد الناس على الميدان، وقد وجدت أن الأغاني الوطنية لها التأثير الإيجابي الأكبر في تحفيز الثوار ورفع روحهم المعنوية، فأخذت ميجافون، ودرت حول الميدان أردد الأغاني الوطنية وشاركني الكثير من الثوار، في ترديد الأغاني الوطنية". ويكمل: "تكرر الأمر في الفترة الأخيرة أثناء الاعتصام الأخير، أثناء الانقسامات التي بدأت بين الثوار، على الإخوان أو الدستور أولا أو الانتخابات أولا، فقمت بالدوران في الميدان وتطوع العديد بالغناء من المواهب من الشباب والفتيات، والكثير من الشعراء وتجمع الكثير منهم، نحيى الليالي في الاعتصامات، تماما كما في أيام الثورة". راب الغضب أثناء تجولك في الميدان تستطيع أن تستمتع بأغاني الفرق الموسيقية الشبابية الجديدة، كفرقة "كايروكي" و"قهوة سادة" و"الحنة السويسي"، وأنواع موسيقاهم المختلفة كالراب في فرقة "ستريت يونيت"، والذي انتشر بين الشباب وزاد الإقبال عليه معبرا عن الغضب والتمرد بداخل الشباب. حسن سعيد، مغني راب، 21 عاما، يقول: "موسيقى الراب لم تأخذ حقها في مصر"، ويغني مقطعا لأغنية جديدة قام بتأليفها للثورة اسمها "مصر الثورة" يقول فيها: "يا مبارك اسمع اسمع.. ابن مصر بيسمّع.. مصر أم الحضارات.. مصر مهد العبارات.. فلتسقط النظامات.. اللي دمر في الشباب، وأهو جه وقت العتاب .. وأهو جه وقت الحساب". رسالة إلى الوالي في الميدان أيضا وبخلاف الغناء والموسيقى ستجد تجمعات للشعراء الشباب خاصة على المنصات.. منصور عبد الغفار، عضو اتحاد الكتاب، وأستاذ القانون العام في جامعة حلوان، وجدناه يلقي قصيدة بعنوان: "عاش الزعيم"، يقول فيها: "نظرا لأن النعمة فاقت حدها.. ولأننا مش قدها.. ولأن فعلا انجازاتك فوق طاقتنا نعدها.. ولأننا غرقنا في جمايل مستحيل هنردها.. نستحلفك نسترحمك نستعطفك نستكرمك.. ترحمنا من طلعة جنابك حبتين". يقول منصور: "هذه القصيدة قمت بإلقائها في 2005 في نقابة الصحفيين، أثناء قوة النظام السابق"، ويكمل: "لي قصيدة أخرى تسمى (رسالة إلى الوالي)، وقد قلتها في شعبة العامية في اتحاد الكتاب يوم 24 يناير، وأقول فيها: يا أيها الوالي اللي شايف همنا، ومفرح القلب اللي شايل حزننا.. من كتر ما حبينا حكمك كلنا.. والعيب تغرقنا في يومنا وأمسنا، ولأننا مش مرتاحين مع بعضنا، وإنت اللي بعت اليوم وأمس وحلمنا، وإنت اللي ملّكت الأجانب عمرنا.. نستأذنك تمشي وتنسى أمرنا". مسرح وفن تشكيلي وأنت تروي عطشك بعصير المانجو أو البرتقال من أحد الباعة الموجودين في الميدان، أو وانت تشرب الشاي الساخن، تجد بعض الشباب يقدمون "اسكتش مسرحي استعراضي"، عندما تقترب منهم ستجد انهم "فرقة المستقبل الاستعراضية المسرحية"، أما عرضهم فيحمل اسم "واحد ميدان التحرير"، والذي يتحدث عن الظروف التي دفعت الشباب إلى الخروج لميدان التحرير. الفرقة أيضا قدمت أغنية اسمها "عشانك يا مصر" التي تقول: "عشانك يا مصر.. عشنا وموتنا وكل هدفنا نرفع راسك يا مصر.. دم الشهدا بيعشق اسمك يا مصر". بخاماتهم البسيطة، حول الفنانون التشكيليون أرض ميدان التحرير إلى معرض فني يحكى عن الثورة، ولا تقتصر موهبتهم على ذلك بل جعلوا منها مجالا للتفاعل مع الجمهور مباشرة، حيث يشاركونهم في الرسم في ورش عمل مصغرة.