تقف ليبيا التي تشهد مدنها الرئيسة تزايداً في الانفلات الأمني على شفا "انهيار كامل للخدمات الصحية"، بعد إعلان آلاف العناصر الطبية الأجنبية عزمهم المغادرة منها، نتيجة الاضطرابات المتزايدة والخطر المحدق. حذرت وزارة الصحة الليبية من "انهيار كامل للخدمات الصحية في البلاد في حال بقاء الوضع الأمني المنفلت على ما هو عليه، خصوصاً مع إعلان دولة الفيليبين عزمها سحب 13 ألفاً من رعاياها، بينهم نحو 3000 عنصر طبي وطبي مساعد من مختلف المرافق الصحية في ليبيا، نتيجة لأوضاعها المتردية". وقال رئيس لجنة الأزمات والطوارئ في الوزارة عبدالرؤوف الكاتب إن "هذا الأمر سيترتب عليه فقدان نسبة كبيرة من قوة المرافق الصحية". طالب الكاتب "مديري إدارات الشئون الصحية في مختلف مناطق ليبيا ومديري المستشفيات والمراكز الصحية، أن ينسقوا في ما بينهم بحسب النطاق الجغرافي المتقارب، ليتم توزيع العناصر الطبية الوطنية لغرض تغطية العجز المتوقع في حال سحب الفيليبينيين من البلاد". جاء قرار مانيلا بعد إقدام مسلحين مجهولين على قطع رأس عامل فلبيني يعمل في مدينة بنغازي، قالت وزارة خارجية بلاده إنه "قتل لأنه غير مسلم". وأتى اختطاف ممرضة فيليبينية على أيدي مجموعة مسلحة في طرابلس واغتصابها ليزيد من إصرار مانيلا على إجلاء رعاياها. وقالت وزارة الصحة الليبية إن "هذا الحادث سيدفع السلطات الفيليبينية إلى تسريع عملية إجلاء رعاياها"، محذرة من "انهيار الأجهزة الصحية في ليبيا"، نظراً إلى ان هؤلاء الفيليبينيين يشكلون حوالى 60% من "القوة الفعلية للعناصر الطبية والطبية المساعدة العاملة في ليبيا"، بحسب مسئولين. وبحسب المصادر نفسها تبلغ نسبة الهنود العاملين في القطاع الصحي الليبي حوالى 20%، بينما لا تزيد نسبة الليبيين على 18%، يضاف إليهم عدد قليل ممن تبقى من الراهبات الموجودات في ليبيا منذ عشرات السنين. يخشى المسئولون الليبيون أن تحذو الهند حذو الفيليبين، مما سيؤدي عندها إلى "إغلاق معظم المراكز الطبية" في ليبيا. وأعلنت وزارة الصحة الليبية أن اجتماعا "الأربعاء" ضم إدارة مركز طرابلس الطبي والسفير الفيليبيني وعدداً من أعضاء السفارة، تم خلاله مناقشة حادثة الخطف والاعتداء على الممرضة الفيليبينية. أمام هذا العجز المتوقع واستيفاء القدرة السريرية في معظم مستشفيات ليبيا، أمر وزير الصحة نور الدين دغمان، بمعالجة الجرحى على نفقة الوزارة في الخارج. وقال دغمان إنه "على الملاحق الصحيين في سفارات ليبيا لدى كل من مصر وتونس والأردن وتركيا وإيطاليا واليونان وألمانيا، استقبال جرحى الأحداث الدامية التي تمر بها البلاد خاصة في بنغازي وطرابلس، لتقديم الخدمات العلاجية لهم على نفقة الدولة الليبية". وفيما تعاني جميع المراكز الطبية والمستشفيات في مختلف المدن الليبية عجزاً في قدرتها الاستيعابية والدوائية، إضافة إلى الموارد البشرية، فإن الأحداث الدامية الأخيرة في البلد بينت حدة هذا العجز، خصوصا في مستشفيات طرابلس وبنغازي. ونظرا للضغط الناجم عن كثرة الحالات يضطر المتحاربون في بنغازي إلى إسعاف معظم جرحاهم إلى مستوصفات الضواحي والبلدات المجاورة للمدينة، لكن تلك المستوصفات لا ترقى لأن تكون بحجم مستشفى متكامل التجهيزات. ومما عزز النقص في العناصر الطبية والطبية المساعدة الوطنية في المستشفيات، أن معظم هذه الأطقم تتكون من النساء اللاتي لا يخرج معظمهن من بيوتهن في حال حدوث اشتباكات، نظراً لطبيعة الشعب الليبي المحافظ والأخطار المحدقة. يضاف إلى هذا افتقار معظم العناصر الطبية المساعدة للمؤهلات الكافية لتحمل مسئوليات الطواقم الأجنبية المدربة، وذلك بسبب تدني المستوى التعليمي في البلد طيلة أربعة عقود مضت.