حدث مهم جداً وقع في بلادي منذ عشرة أيام، ولأن مصر بلد العجائب فلم يلق إلا اهتماماً عابراً مع أنني متأكد أنه الأول من نوعه ولم يسبق وقوعه علي أرض الكنانة.. إنني أقصد تلك الصلاة التي أقامها بعض المسيحيين علي منصة الإخوان المسلمين عقب صلاة الجمعة 8 يوليو بميدان التحرير، ولا أظن أبداً أن الأقباط أقاموا من قبل صلاة في حضن جماعة إسلامية!! والقداس الذي أقيم أيام الثورة بالتحرير كان في يوم أحد تحت رعاية وحماية الثوار علي اختلاف اتجاهاتهم، والوضع في يوم الجمعة العظيم 8 يوليو الماضي كان مختلفاً.. شهدنا أكثر من خمس منصات لقوي سياسية متباينة جمعها حب مصر، وفوجئ الجميع بالأقباط يقيمون قداساً علي منصة الإخوان دون غيرهم في توقيت عجيب حيث كانت تلك الصلاة بعد الجمعة مباشرة وكأن هؤلاء قد أرادوا أن يقدموا لكل من في الميدان درساً رائعاً في التسامح. وكنت أظن أن أجهزة الإعلام ستعطي لهذا الحدث اهتماماً خاصاً، ولكن خاب أملي! وظلت «ريما علي عاداتها القديمة» دون تغيير، فلم أجد سوى جريدة الأهرام وصحيفة الشروف، أما بقية الصحف فقد رفعت شعار «طناش»!! بل إن مطبوعة خاصة صدرت حديثاً قالت في صفحتها الأولي دون حياء إن الإخوان قد انعزلوا بشعاراتهم وهتافاتهم عن غيرهم!! وواضح أن كاتب هذا الخبر كتبه وهو جالس في حجرة مكيفة دون أن يكلف خاطره بإلقاء نظرة علي ما يجري في التحرير!! وعندي عتاب كبير علي تلك الجماعة التي أتشرف بالانتماء إليها، فهي لم تبذل أي جهد لترويج هذا الذي جري وإعلام الناس بتفاصيله، ومن هم هؤلاء الأقباط الذين صعدوا علي منصة الإخوان، ونبذة عن القداس الذي أقاموه، بل التزم الإخوان الصمت مثل الآخرين!! وهذا ما لم أفهمه أو أجد له تفسيراً مع العلم أنه لا يمكن أن يتم إلا بموافقة قيادة الجماعة علي الأقل تلك الموجودة في الميدان مثل الدكتور محمد بلتاجي والمهندس خيرت الشاطر نائب المرشد والمسئول الأول عن تنظيم الإخوان في هذا اليوم، فكل واحد من هؤلاء يستحق تعظيم سلام من كل مخلص للمواطنة. وهذه الخطوة التي شهدناها يوم الجمعة العظيم تأتي ضمن سلسلة خطوات للإخوان من أجل طمأنة شركاء الوطن والتقارب معهم وإفهام الجميع بأن الأقباط علي قدم المساواة مع المسلمين وأعجبني تصريحاً للمرشد العام الدكتور محمد بديع بأن وزير السياحة القبطي منير فخري عبدالنور أفضل كثيراً من بعض الوزراء المسلمين الذين سبقوه في منصبه! ومع أن هذا الكلام يدل علي عقلية منفتحة جديرة بالاحتفال بها إلا أنها قوبلت كالعادة من الإعلام العلماني بصمت مريب!! وكذلك طلبه زيارة الكنيسة ولقاء البابا شنودة، فلم يرد عليه أحد حتي الآن!! ليه ما تعرفش؟ وربما كان التعصب الحائل دون إتمام هذا اللقاء حتي الآن!! وأعجبني كذلك حرص الإخوان علي التنسيق مع الأقباط في بعض الأماكن في الانتخابات الأخيرة التي جرت بنقابة الصيادلة، وحقق فيها التيار الإسلامي فوزاً كبيراً وكان للمسيحيين كذلك تواجد قوي، والشعار المرفوع في التحرير: «مسلم ومسيحي إيد واحدة» وما أسهل الكلام، والمشكلة في صعوبة تنفيذه، وفي يقيني أن الإخوان نجحوا في امتحان المواطنة حتي الآن نجاحاً كبيراً وأثبتوا بالفعل أن مصر ملك لكل أبنائها. [email protected]