محمد أفندى حلمى كاتب سجن حلفا اعتاد أن يصلى فى المسجد الكبير للبلدة، وفى المسجد يجتمع رجال الناحية للصلاة، من بين المصلين جار له، لكن هذا الجار من التابعين للمذهب الشافعى، هذا الجار يؤدى دائما الصلاة عاري الرأس، مع أنه يمتلك عمامة وطرابيش، محمد أفندى خشي من سؤال جاره: لماذا تؤدى الصلاة عاري الرأس؟، ربما مذهب الشافعية لا يشترط تغطية الرجال للرأس فى صلاتهم، عندما عاد إلى منزله وجلس يفكر فى الأمر، قرر أن يخرج من حيرته هذه، فى الصباح ذهب إلى مكتب البريد وطلب من عامل البريد ان يرسل له تلغرافاً إلى مصر المحروسة، العنوان: مجلة المنار، يسلم ليد فضيلة الأستاذ الشيخ رشيد رضا صاحب المنار، الموضوع: هل صلاة الرجل مكشوف الرأس صحيحة ام باطلة؟، مع العلم ان من يصلى بالمسجد مكشوف الرأس يتبع مذهب الإمام الشافعي، كما أنه يمتلك عمامة وطرابيش، التوقيع: محمد أفندي حلمى كاتب سجن حلفا، التاريخ: 2 سبتمبر سنة 1903، شهر رجب سنة 1321 هجرية. أجاب الشيخ رشيد بقوله: لا يشترط لصحة الصلاة من الملابس إلا ما يستر العورة وهي عند الشافعية ما بين السرة والركبة ؛ فصلاة مَن ذُكِرَ صحيحة ولكن الله تعالى أمرنا بالتجمل عند الصلاة بقوله : { خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } ( الأعراف : 31 )، ومن التجمل والزينة في عرف الإسلام ستر الرأس بالعمامة وقد استبدل بها كثير من المسلمين غيرها كالطربوش فستر الرأس في الصلاة مطلوب شرعًا وتركه مذموم إلا لعذر وهو من شعائر النصارى. وفى شهر يوليو سنة 1923 تلقى رسالة مماثلة من بيروتبلبنان: «حضرة صاحب الفضل والفضيلة سيدنا ومولانا العالم العلامة مفتي الأنام السيد محمد أفندي رشيد رضا صاحب مجلة المنار الغراء حفظه الله تعالى . هل تجوز صلاة الرجل المسلم وهو حاسر الرأس، أي مكشوف بلا حرمة ولا كراهة ولو لغير ضرورة ولا عذر مطلقًا أم لا ؟ تفضلوا بالجواب ... التوقيع / عبد الحفيظ إبراهيم اللاذقي، بيروتلبنان». أجاب: نعم تجوز صلاة حاسر الرأس إذا كان رجلاً ؛ لأنه لا يشترط في صحة الصلاة من اللباس إلا ما يستر العورة ، والرأس عورة من المرأة دون الرجل. ولكن يستحب أن يكون المصلي في أكمل اللباس اللائق به، ومنه غطاء الرأس بعمامة، أو قلنسوة، أو كمة ( طاقية أو عرقية ) ونحو ذلك مما اعتاد لبسه كالطربوش، فكشف الرأس لغير عذر مكروه، ولا سيما في صلاة الفريضة، ولا سيما مع الجماعة، فإذا نوى به التشبه بغير المسلمين كان حرامًا؛ لأنه تشبه في متعلقات أمر ديني. وأما التشبه بهم في الأمور الدينية المحضة الخاصة بهم كأن يفعل فعلاً يعدّه به من يراه منهم ، فقد صرّح الفقهاء بأنه ارتداد عن الإسلام» .