الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق عالم جليل، صدع بالحق في فتاواه التي أطلقها إبان توليه منصب الافتاء في عهد النظام الأسبق وبالرغم من أن فتاواه الجريئة لم ترق للنظام آنذاك، إلا أنه لم يخش في الحق لومة لائم، فمفتي مصر الأسبق وأستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، كرس وقته وجهده لخدمة الدعوة الاسلامية أينما حل أو ارتحل، وقد شهد له الجميع بأنه رجل فاضل وعالم كبير، وأقروا بعلمه الغزير، فلفضيلته مؤلفات عديدة في مختلف فروع الفقه الاسلامي والجنائى والمعلومات المدنية والتجارية مثل: العلاقات الدولية في الشريعة الاسلامية والقضاء والثبات في الفقه الشافعي والعقود الربوية والمعاملات المصرفية، الزكاة وأحكامها وفتاوى المرأة، التقيناه وهذا نص الحوار معه: بداية.. الفتوي أمر خطير وهناك البعض غير المؤهلين لها ومع ذلك يفتون بغير علم فمن أحق بالفتوي وأقدر عليها؟ - أهل الذكر هم أحق الناس بالفتوى كما قال تعالى: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» فهو خليفة الله في العلم، وأهل الذكر أو العلماء المجتهدون هم الذين يقولون بيان الحكم الشرعي الذي يتصل بالحلال والحرام والجائز والمباح وغير المباح على أن تكون هذه الأحكام مطابقة للأصول الشرعية الصحيحة ومعتمدة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بما يتوافق مع مصالح الناس وتحقيق الكليات الخمس الضرورية، فعلى من يتصدى للافتاء أن يمحص القضية التي عليه أن يفتي بشأنها وأن ينظر في الاجتهادات السابقة فيها وأن يراعي مدى الخلاف الذي حدث والأمور التي استجدت ثم يصل الى حكم يتعلق بالمصلحة العامة. في بداية رمضان كل عام يحدث لبس لدى المقيمين في الخارج بالبلاد الأجنبية لتحديد الرؤية فما المواقيت التي يمكن أن يستندوا لها في هذه البلاد؟ - بالفعل هذه نقطة مهمة تشغل المسلمين في البلاد الأجنبية خاصة القريبين من القطبين، حيث يمتد الليل الى فترات طويلة وفي هذه الحالة يمكن للمسلمين أن يأخذوا بمواقيت أقرب البلاد اليهم أي تلك التي يتقارب فيها الليل مع النهار والقاعدة الشرعية هنا استناداً للآية القرآنية «وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام الى الليل»، أما إذا غم عليهم ولم يستطيعوا معرفة التوقيت فيمكنهم الاستناد الى توقيت أم القرى أما في حالة أن يطول النهار الى درجة يشق معه الصيام على المسلمين فلهم الرخصة في أن يفطروا على أن يخرجوا الفدية إعمالاً للنص الشرعي «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين». بصفتك عالماً أزهرياً في المقام الأول كيف يمكن محاربة الفكر المتشدد وعلى من تقع مسئولية ذلك؟ - كل العلماء والمسئولين والمفكرين ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة مسئولة عن صد هذا الفكر الضال والمنحرف والمتشدد، أما بالنسبة للأزهر الشريف وغيره من المؤسسات الدينية، فدوره بيان سماحة الدين الاسلامي ووسطيته والتبرؤ من أدعياء العلم وأنصاف العلماء، الذين يضلون الناس بآرائهم، ولابد من محاصرة كل فكر ضال ومنحرف، ذلك الفكر الذي يعمل على نشر الارهاب، ولابد أن ينتشر التعليم على يد العلماء والمرجعيات التي لها قدم ثابتة في العلم، فالإسلام في حاجة الى أن يقدم في شكله الصحيح على يد رجال الدين الأزهريين أصحاب العلم والمرجعية الدينية السمحة. وما موقف الأزهر من المد الشيعي الذي يحاول اختراق الأزهر في رأيك؟ - الأزهر يرفض المد الشيعي رفضاً تاماً باعتبار أن له جانباً سياسياً وتنظيمياً وله أهداف بعينها وهذا مرفوض، والمد الشيعي حكمه يختلف كلياً عن فهم السنة والجماعة، والأزهر لا يعارض الشيعة كمذهب فقهي ولكن يعارضه كمذهب تنظيمي فنحن في الأزهر ندرس جميع المذاهب ومنها المذهب الشيعي كفقه لكن لو تخلى عن تمسكه بالتنظيم السياسي الى أن يحكم ويأتي عن طريق الاستخلاف وليس بالاختيار المطلق، فهم يعتبرون الإمام منصوصاً عليه وموحي اليه وأنه لا يخطئ وهذا كله نرفضه رفضاً تاماً. أخيراً.. حدث انفلات أخلاقي كبير في المجتمع وانتشرت السلوكيات المسيئة.. فكيف نواجه هذا الانفلات الأخلاقي؟ - بالرجوع الى أحكام الشرع والدين لأن الانسان والحياة التي يعيش فيها وجهان لعملة واحدة، وهو في ملبسه ومأكله ومشربه وحتى علاقته بنفسه وعلاقته بغيره سواء كان هذا الغير قريباً أو بعيداً حاكماً أو محكوماً لابد أن يراعي الحقوق والضوابط من خلال الكتاب والسنة والعرف الذي لا يتعارض معهما، يقول الله تعالى: «الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون» «الأنعام 82».