اعتدت في رمضان في هذه الأجواء اللافحة أن أستجير بجوامع القاهرة العامرة وأن أصلي العصر وأنفق وقتا في صحون المساجد القديمة المتسعة أقرأ القرآن وأغذي روحي ونفسي بتلك السكينة التي تملأ الإنسان وهو يقرأ كلمات الله.. ولا شك أن مساجدنا المملوكية والعثمانية التي تنتشر في أحياء القاهرة القديمة تمدك بمناخات الهدوء والراحة والرضا.. وجامع الإمام الشافعي من الجوامع الأثيرة إلي نفسي لمكانه صاحبها الكبيرة في قلوب المصريين عامة وأبناء حي الخليفة خاصة حيثإأنني من أبناء الخليفة فأنني أحن كثيراً إلي الذهاب هناك والصلاة في رحاب الشافعي رضوان الله عليه.. في احتفال بالمذهب السني أعاد صلاح الدين بناء ضريح الإمام الشافعي فكانت قبته الخشبية البديعة المتسعة العملاقة وهي أبرز القباب الخشبية علي مستوي العالم الإسلامي.. ويعلوها مصباح علاء الدين الذي يملأ بالزيت في رمضان ليشع نوراً في المساء هداية ودليلاً، واتجاه المصباح في اتجاه القبلة ولم يزل ذلك المصباح موجوداً منيراً.. وقد أعاد الخديوي عباس حلمي الثاني تجديد جامع الإمام الشافعي لاسيما وهو يجاور مدافن الأسرة العلوية التي أقامته بجواره تيمناً وتقرباً لله.. ومدفن الأسرة العلوية أية فنية في معماره وقبابه وبنائه وهو يضم رفات إبراهيم باشا وطوسون واسماعيل ابناء محمد علي.. أما محمد علي نفسه فهو مدفون في مسجده الشهير بقلعة صلاح الدين.. ومدفن الخديوي اسماعيل وزوجاته ووالدته في مسجد الرفاعي الذي أقامته والدة الخديوي اسماعيل وضم أيضاً رفات فؤاد وفاروق.. أما السلطان حسين كامل والخديوي عباس حلمي الثاني فيضمهما مدفن الباشا والقبة الرائعة في مدافن «أيتباي» عما يطلق شعبياً علي المنطقة وهو بجوار جامع قايتباي وجامع الأشرف برسباي في منطقة مدافن الخفير أي علي طريق الأوتوستراد أمام منشية ناصر.. ذهبت إلي جامع الإمام الشافعي وصليت العصر وهالني الإهمال الشديد وعدم النظافة الواضح بالمسجد واختفاء أعمال إزالة الأتربة وانهيار الصرف الصحي بدورة المياه التابعة للمسجد وهي كبيرة ولكن الصرف الصحي بها منهار.. وقد اختفي العاملون بالمسجد.. والعائلات المحيطة بالجامع هي التي تتولي حفظه والعناية به والضريح مغلق لتكرار محاولات الاعتداء علي صندوق النذور.. كل هذا أصابني بالغم والهم ولا أدري أين رقابة وزارة الأوقاف علي تلك الصروح الإسلامية لاسيما ونحن بصدد جامع جامع وليس زاوية صغيرة.. أين الرقابة علي أداء العاملين بالمساجد والمحاسبة.. والشيء بالشيء يذكر.. فأنا لا أعلم أسباباً جادة لانهيار منظومة الصرف والمياه داخل دورات المياه بجوامع القاهرة القديمة وعدم جدية العاملين عليها في متابعة العيوب ومعالجتها والأمر لا يختص بضعف الميزانية ولكنه في الحقيقة انهيار متابعة وزارة الأوقاف للعاملين بالمساجد ومحاسبتهم ومراقبتهم فقد تحولت مساجد كثيرة من مساجد القاهرة القديمة إلي أماكن راحة وتخزين للعاملين بالورش والمحال المحيطة بالمساجد، هذا تستطيع أن تشاهده في مسجد الست صفية ومسجد المارداني والصالح طلائع وكلها بالدرب الأحمر.. وأيضاً مسجد المحمودية وجوهر اللالا بميدان القلعة.. والنماذج كثيرة.. والاعتداء علي المسجد مقيت ويهدد الاثر وسوء الاستخدام للمبني وللمياه وانعدام الرقابة والحماية والتسيب اصبح كابوساً يهدد المحافظة علي تلك الثروة الحقيقية.. ولعلنا في هذا الشأن سوف يضيع الحق في التنازع ما بين وزارتي الأوقاف والآثار ليكون دليلاً ومثالاً علي انهيار معاني الجدية في انقاذ ثروة وطن.. إن دورات المياه بالمساجد يجب أن تكون مزوردة بالمناشف وتكون اجهزة المياه والصرف سليمة وخاضعة للاصلاح الفوري والعاملين علي دورات المياه حاضرين وقائمين علي اعمالهم ويوجد بكل منطقة العشرات ممن هم مستعدون لامداد تلك الدورات بحاجتها من أدوات ومعدات ولكن هذا في إطار منظومة عمل جادة ومتابعة من قبل الجهات التابع لها المسجد.. فبمن نستجير ولمن نشكو ومن نستطيع أن نطالب بحماية بيوت الله وثروة الوطن التي خلفها لنا الأجداد..!! وبالطبع فإن في خط سيرك لتلك المساجد والجوامع سوف تجد تلولاً للقمامة لا تجد من يرفعها وأسراباً من الحشرات تطاردك ورائحة تحاصر المكان.. ولا أدري ما طبيعة عمل رؤساء الأحياء بالبساتين والخليفة والدرب الأحمر والسيدة زينب وعابدين.. ولماذا لا يتقدمون باستقالاتهم إذا كان عذرهم انعدام الامكانيات.. فعليهم أن يعلنوا هذا وينسحبوا من المشهد حفظاً لماء وجههم.. تلول القمامة والرتش تحتل الطريق الذاهب إلي المذبح الآلي بالبساتين وتحاصر المقابر المواجهة لمبني الخيالة.. تلول وجبال تهدر إنسانية المواطن في بلادنا تطل علينا باستهزاء المسئولين والقائمين علي الأحياء.. شارع البساتين العمومي بمطباته وحفره وانهيار الصرف الصحي تحول إلي مدق وفخ للعابرين والمارين من البشر والسيارات.. شارع السيدة عائشة هو عبارة عن مقلب للقمامة ومدق بدائي مستنزف.. القمامة تحاصر سبيل ابن عباس.. وتفترش شوارع الخيامية والمغربلين والصليبة.. أما سبيل محمد علي أمام حارة الروم فقد تم سرقة السور الحديدي المحيط به..!! إنني أدعو السيد إبراهيم محلب لأن يصلي العصر بجامع الإمام الشافعي وأن يأتي عبر شارع بورسعيد من ميدان باب الخلق ليري حصار الناس بسبب مديرية الأمن وغلق الشارع أمامها ويمر بفخ باب الخلق وشارع بورسعيد ثم يتجه لشارع محمد علي ليري بعيني رأسه انهيار صناعة الاسفلت ومنه لميدان القلعة فميدان السيدة عائشة الذي تحول إلي كابوس لاحتلال الميكروباص وانعدام التخطيط فضلاً عن انهيار الشارع والميدان ومقالب القمامة المحيطة به ومن الميدان يتجه عبر شارع البساتين العمومي ليمر بمحطة الإجزخانة ومنها يدلف إلي مسجد الإمام الشافعي حتي يتعرف ميدانياً كيف يحيا أبناء العاصمة في غياب كامل للأحياء واجهزتها والعاملين.. وليذهب إلي المسجد وير ما آلت إليه أحواله.. فهل يفعلها ويذهب ويري..؟!