كان لزاما على الدولة الإقدام على اتخاذ قرارات حاسمة لمجابهة مشاكل تراكم الديون الخارجية وزيادة عجز الموازنة بدرجة تعرض مصر لخطر داهم فيما إذا استمر الوضع على ما هو عليه. ولهذا أقدم الرئيس «السيسى» على اتخاذ قرار بترشيد الدعم وتقليل عجز الموازنة العامة لتحقيق العدالة الاجتماعية بين فئات الشعب. ولقد بادر فاتخذ القرار دون خوف من التداعيات، فالمرض عضال وبالتالى فإن مبضع الجراح كان مضطرا لاستئصال الورم السرطانى الذى كاد أن يزهق روح الضحية. ولقد علقت صحيفة «الواشنطن بوست» فرأت أنه هو القرار الأجرأ على الاطلاق الذى سيخرج مصر من متاهة الأزمة الاقتصادية. وكما كان متوقعا سادت موجة انتقادات ضد القرار. ولكنها لا تلبث أن تتبخر وتزول بعد فترة وبعد أن يتيقن الجميع أن الدولة كانت على حق عندما شرعت فى اتخاذ خطوات عملية لإنهاء المعاناة اليومية للمواطنين من خلال تبنى نهج إصلاحي حقيقي للاقتصاد بعد أن وصل إلى حافة الانهيار. ويكفى حجم الدين اليومى الذى يصل إلى مئات الملايين من الدولارات. ولهذا فإن ما أقدم عليه الرئيس كان حتميا بعد أن قرر أن يضع الشعب وجها لوجه أمام الحقيقة. صحيح أن القرار للوهلة الأولى كان صادما لدى الفئات الفقيرة والتى رأت أنه سينعكس عليها بالسلب بالنسبة لرفع أسعار السلع إلا أنه كان طوق إنقاذ لمصر المحروسة كى تتمكن بواسطته من الوصول إلى بر الأمان خلال عامين. كان القرار برفع أسعار البنزين والسولار ضرورة فرضها الوضع الاقتصادى المنهار الذى تمر به مصر. ولهذا يتعين اليوم قطع الطريق على كل مستغل يحاول توظيف مايحدث لتصفية الحسابات السياسية والانتخابية. ويتعين أيضا على الدولة اليوم فى معرض تخفيف الصدمة التى أصابت بعض ذوى الحاجة العمل على توفير بدائل أخرى تخفف من خلالها الضغوط التى خنقت الناس خاصة الطبقة الكادحة. لقد جاء القرار ليشكل مواجهة حاسمة لقضية الدعم التى لم يعد هناك بد من التعامل الحاسم والجاد معها. وبالتالى جاء لاصلاح جزء كبير من العجز فى ميزان المدفوعات، فالضرورة هى التى فرضته حتى لايتم تصدير المشاكل للأجيال القادمة نتيجة لتراكم الديون والفوائد. لذا كان لابد لنا من مواجهة أنفسنا بما يحدث على أرض الواقع، فلا يمكن أن نظل أسرى تغييب الحقيقة ودفن الرؤوس فى الرمال. ولهذا يتعين علينا اليوم دعم قرارات الرئيس «عبدالفتاح السيسى» التى تهدف إلى إخراج مصر من عنق الزجاجة وإقالتها من عثرتها ليعود لها احترامها ودورها المركزى المؤثر إقليمياً ودولياً.