عندما كنت أناقش الوضع فى غزة مع أحد الأصدقاء، فاجأني برؤية مغايرة على قدر كبير من الأهمية، ولأهميتها رأيت أنه يجب أن أنقلها للقارئ الكريم، ربما اتفق معه فيها، وربما تحفظ عليها، وربما اعترض عليها، وفى النهاية نثرى أفكارنا ومناقشتنا لعلنا نصل إلى قراءة أقرب لواقعة العدوان الإسرائيلى على غزة، لماذا فى شهر رمضان الكريم والناس فى حالة صيام وعبادة؟، ولماذا الآن بعد اتفاق جميع البلدان العربية والأوروبية على محاربة الحركات الإرهابية والحركات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين؟. الصديق العزيز يبدأ تحليله للوضع فى غزة بالإجابة عن سؤال نتجاهله جميعا، وهو: من المسئول عن اندلاع هذه المعركة؟، ولماذا سعى إلى المعركة؟، ما الهدف منها؟، ولماذا سعى إليها فى هذه التوقيت؟، لماذا اختار شهر رمضان الكريم؟، وما الهدف المنتظر منها؟. الصديق من البداية حمل حركة حماس مسئولية اندلاع العدوان، إذ يرى إن قيادات حماس هى التى خططت لهذا العدوان، قامت باستفزاز الكيان الصهيوني ودفعه دفعا إلى الاعتداء على غزة، ودك البيوت والمؤسسات وموت وإصابة العشرات من الأبرياء، لماذا؟، لكى تكسب قيادات حماس تعاطف البلدان العربية بعد موقفه المؤسف من العمليات التى تجرى فى مصر، قيادات حماس بعد أن تأكدت بأنها أصبحت خارج اللعبة فى البلدان العربية، واحتسابها على الإرهاب والإرهابيين، وبعد أن تأكدت أن دويلة قطر لن تعينها سوى على الانعزال والانحصار والابتعاد عن المشهد، قرروا أن يغسلوا سيرتهم ويتطهروا من الإرهاب الذي لحق بهم، وكان الحل الوحيد أمامهم هو استفزاز الكيان الصهيوني لكى يشن حملة عسكرية على غزة، هم يختفون فى الجحور عند بدء عمليات الدك، والإعلام ينقل صور الغلابة من المواطنين الذين يستشهدون وتتم إصابتهم. وبالفعل تم تكليف البعض باختطاف ثلاثة من المستوطنين ليسوا من العسكريين وقتلهم، وهو ما استفز مشاعر جميع المواطنين الإسرائيليين وحكومات الدول الأوروبية، حيث استنكروا بشدة عملية اختطاف أبرياء من المواطنين وتعذيبهم وقتلهم. الحكومة الإسرائيلية التقطت اللعبة الحمساوية، وتأكدت تماما أن قيادات الحركة أجروا هذه العملية لكى يتطهروا ويغسلوا فكرهم وسلوكهم وأفعالهم الإرهابية، فأعدوا أنفسهم وجيشهم لكى يلعبوا اللعبة بما يخدم على مصالح الكيان الصهيوني، وهو ضرب مخازن الأسلحة ومعسكرات التدريب وتصفية بعض لقيادات التي تغرد خارج السرب، وبالفعل حددت الأهداف التى يتم دكها من الطائرات، وانطلقت الحملة أو وبدأت اللعبة، إسرائيل تعلم جيدا أن دك الأهداف لن يكون دقيقا مائة بالمائة، وأن عمليات القصف سوف تطول بعض المبانى المجاورة، وقيادات حماس على يقين من هذا، لكن هذه هى اللعبة، قيادات حماس سعت إليها وإسرائيل يجب أن تستغلها، كما أن معظم حكومات البلدان العربية تفهم جيدا أنها لعبة، وأن قيادات حركة حماس خططوا لها. وبدأت اللعبة وللأسف كالعادة المواطن البسيط هو الذي تحمل الآثار السيئة والدموية والتخريبية للعبة حماس مع الكيان الصهيونى. الصديق العزيز صاحب هذه الرؤية يرى أيضا أن البيانات والتصريحات التى تصدر عن البلدان العربية والأوروبية جزء من اللعبة، وهى ليست برو عتب كما قلت له، بل هى جزء أساسي من العتب، فمن الصعب أن تعلن الحكومات العربية أنها لعبة، وأن قيادات حماس تسعى لغسل تاريخها وسيرتها الإرهابية، بل ستصدر بيانات وإدانات ومساعدات برو العتب. هذه هي اللعبة، لكن السؤال الذى لم يجب عليه الصديق: هل قيادات حماس سوف تنجح بالفعل فى غسل سيرتها الإرهابية؟، وهل البلدان العربية سوف تعيدها إلى الصف مرة أخرى؟، وهل ستساعد البلدان العربية قيادات حماس فى استرداد مكانتها في غزة؟، هل ستساعد قيادات حماس على احتلال غزة مرة أخرى وضياع القضية الفلسطينية؟.