بعد نكسة يونيو 1967 أصيبت سيدة الغناء العربي أم كلثوم بحالة من الاحباط الشديد والاكتئاب، دفعتها الى الاتشاح بالسواد، والانزواء في فيللتها، وتحدثت مع اصدقائها المقربين عن رغبتها في اعتزال الغناء،.. ولم يقنعها بالعدول عن افكارها سوى مقابلة خاصة دعاها اليها جمال عبدالناصر، اتفقا خلالها على ان تعود «ثومه» للغناء، رغم الاحزان والجراح، على ان توجه عائدات حفلاتها لدعم «المجهود الحربي»، وبالفعل قامت بجولة في محافظات مصر: الاسكندرية – طنطا – المنصورة – البحيرة، ثم حفلين في باريس، وتحولت أم كلثوم أسطورة الغناء العربي، إلى أسطورة للوطنية والنضال، بالرغم من ظروفها الصحية التي كانت قد بدأت في التدهور. .. في كل محافظة كانت تذهب اليها، وكل مدينة تقيم فيها حفلاتها، كان المحافظ ورئيس المدينة يقدمان لها مفتاح المدينة، اضافة الى «سبائك» ذهبية تبرعاً من سيدات المحافظة، هي عبارة عن مصوغاتهن الذهبية بعد صهرها!! تبرعاً لمصر. حفل «الإسكندرية» الذي أقيم في «عز» الحر، يوم 31 أغسطس 1967، كان إيراد تبرعاته 100 ألف جنيه، ووقتها كانت ثروة ضخمة بأسعار عام 1967! وفي أكتوبر من العام نفسه أحيت «ثومة» حفلين أسطوريين في قاعة «الأوليمبيك» بباريس، حضرهما أثرياء العالم، والرئيس الفرنسي شارل ديجول، وملوك وأمراء عرب وأوروبيون، وحققا عائدات 212 ألف جنيه استرليني. وكما فعلت في باريس.. كان أداؤها أمام ملك المغرب، ورؤساء تونس والسودان ولبنان وليبيا، بحضور عشاق «ثومه» من كل أصقاع العالم العربي. وفي الكويت تجاوز مردود الحفل الذي أقامته في سينما «الأندلس» - للأسف تم هدمها الآن – حوالي 100 ألف دينار كويتي،.. هذا فضلاً عن 60 كيلوجراماً من الذهب جمعتها سيدات «الجمعية الثقافية النسائية». ولم يأت عام 1970 حتى كانت سيدة الغناء العربي وأسطورة الوطنية المصرية أم كلثوم قد قدمت للمجهود الحربي المصري ما يربو على 3 ملايين دولار أمريكي حسب التقديرات. اعلم أنه ليس مطلوباً من الفنان أن يكون له موقف سياسي، لكن ذلك لا يعني ألا يكون له موقف «وطني».. والفارق كبير!. بعض من الفنانين المصريين تعرضوا للانتقاد اللاذع، بسبب سلبيتهم، أو مواقفهم غير «المبررة»، فهناك من «تهرب» من الخدمة العسكرية، وهناك من أقلع بطائرته الخاصة إلى لبنان حتى تتضح الأمور، وغيرهم ممن يحتاجون لمصالحة حقيقية مع جمهورهم، ومع الشعب المصري كله، وها هي الفرصة قد أتت ليؤكد فنانو مصر معدنهم الأصيل، ويردوا لبلدهم «بعضاً» من «جميله» عليهم، وأيضاً ليعرب فنانو العرب الذين احتضنتهم قاهرة المعز، ولمعت نجومهم في سمائها، وشغف أهلها بهم حباً،.. وحان الوقت ليظهروا امتنانهم لمصر.. وأهلها. فهل سنشهد حفلات «للكنج» و«الهضبة» و«مطرب الجيل».. وكروانة الشرق.. وقيثارة العرب.. و… الكثيرين من الفنانين تطوف محافظات مصر،.. وعواصم العالم العربي، وكبريات مدن العالم، يذهب ريعها، وتعود عائداتها إلى مصر حتى نستعيد أمجاد «ثومه»؟!.. أم سنكتفي بالهتاف «تحيا مصر»؟! وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. twitter@hossamfathy66