مازالت أزمة المصانع المتعثرة تسمم أجواء المناخ العام للاستثمار، وغلق ما يزيد على 2000 منشأة شاهداً على سوء الأوضاع بمصر فى مرحلة ما بعد الثورة وتداعياتها على الاقتصاد وهى من ضمن أبرز ظواهره التى تمثلت فى توقف الاستثمارات وتدنى نسب النمو ووصول ديون مصر إلى ما يزيد على تريليون جنيه. قبل أيام عقدت جمعية رجال الاعمال المصرية البولندية مؤتمراً موسعاً مع عدد من ممثلى الشركات البولندية الكبرى وعرضت فكرة تأجير خطوط إنتاج فى المصانع المصرية للشركات البولندية. الفكرة يمكن تعميمها وتطويرها والاستفادة من فترات الركود فى القطاعات الصناعية المختلفة. «الوفد» رصدت آراء رجال الأعمال فى فكرة تأجير خطوط إنتاج فى المصانع المتعثرة وربما لا يلقى العرض قبولاً لدى البعض ولكنه العرض الوحيد والذى ربما يحرك الماء الراكد فى مياه التعثر. اعتبرها الدكتور هلال محرم، نائب رئيس اتحاد المستثمرين، خطوة جيدة لتحريك الماء الراكد فى سوق الاستثمارات ودخول المستثمر الأجنبى كشريك أفضل كثيراً من بيع هذه المصانع المتعثرة وخاصة بعد التجربة السيئة التى مر بها الاقتصاد من تداعيات عمليات بيع لمصانع القطاع العام. وأضاف قائلاً: من المهم أن يستفيد الجانب المصرى من المستأجر الأجنبى.. سواء من حيث إدارته أو من خلال «النوهاو» -حق المعرفة- أو التكنولوجيا المتقدمة التى سيأتى بها بما يعنى إسهاماته فى المشروع القائم ولكنه تعثر لأسباب خارجة عن إرادة صاحبه، مؤكدا أن العرض بتأجير خطوط إنتاج سيلقى صدى طيب سواء للمستثمر المحلى أو الأجنبى فبالنسبة للأول الأجواء والظروف لا تمنحه القدرة على ضخ أموال جديدة أو إعادة الروح لمنشآته والأجنبى سوف يحصل على مشروع قائم حاصل على ترخيص بتشغيله، بالإضافة إلى إقامته على أرض مرفقة. لافتا إلى أن ذلك أحد الحلول، بدلاً عن تدخل الحكومة وقيامها بمساعدتها للخروج من عثرتها ولكن لا مانع من تدخل البنوك لدعم أصحاب المصانع فى ظل وجود شركاء جدد جادين ذوى خبرة وقدرة على الإدارة التى ستسهم فى إعادة إحيائها مرة أخرى. وأيد الدكتور عادل جزارين رئيس جمعية رجال الأعمال الأسبق الفكرة معتبراً إعادة تشغيل خطوط إنتاج المصانع المتعثرة وإدخال تكنولوجيا حديثة هو إضافة للصناعة المصرية وخطوة أولى لجذب استثمارات جديدة، بالإضافة لمساهمة الجانب الأجنبى فى فتح أسواق للصناعة المصرية بالخارج. وأضاف أن الحكومة بإمكانها الأخذ بالفكرة، وطرحها فى مصانع القطاع العام المتوقفة وبحاجة لإعادة تشغيلها ويعد ذلك تصحيحاً لوضع قائم، مؤكداً أنه من الخطأ أن تلجأ الحكومة لأسلوب القديم فى زمن طرأت عليه متغيرات، ومفهوم جديد للإنتاج والإدارة فمن الضرورى ضخ دماء جديدة فى الإدارة وإدخال ماكينات حديثة متطورة تكنولوجيا. وأضاف خالد أبو المكارم، رئيس شعبة البلاستيك بغرفة الكيماويات باتحاد الصناعات، قائلاً إنها رؤية مختلفة لمفهوم الشراكة وجيدة فى حالة وجود مصنع قائم ومستقر منذ فترة لكنه لا يمتلك قدرة مالية لشراء خامات أو دفع مرتبات للعاملين فهو بحاجة لإعادة تشغيل مصنعة بالكامل أو جزء منه، فمسألة تأجير خطوط متوقفة لمستثمر هو إحياء لشىء ميت، وبالإضافة إلى الجدوى من إحياء هذه المصانع هو تحريك الاستثمارات بدلاً عن الجلوس وانتظار دخول مستثمرين جدد. ويشير «أبو المكارم» إلى أهمية تحديد النشاط الذى سيتم تطبيق الفكرة عليه، فمثلا قطاع كالغزل والنسيج مصانعه قائمة بالفعل وبأعداد كبيرة بما يعنى أن القطاع به تخمة من الاستثمارات وتوقفه لأسباب مالية وإدارية، وهذا النوع من الشراكة قد يكون مفيداً له، عكس قطاع آخر كقطاع البتروكيماويات قطاع واعد وناجح ولكنه بحاجة لضخ استثمارات جديدة فلا يسرى هذا النظام عليه. ورحب محمد إسماعيل عبده، رئيس شعبة المستلزمات الطبية بغرفة القاهرة التجارية، بالعرض باعتباره محرك للمياه الراكدة فهناك أكثر من 2000 مصنع بحاجة لإعادة تأهيلها وتشغيلها مرة أخرى -حسب قوله- ومعظمها إما تم إغلاقه، أو فى طريقه للغلق وبها خطوط متوقفة والبنوك قامت بالحجز عليها، مما عرض ماكيناتها للتلف، بالإضافة إلى فقدان المصنع لجزء كبير من قيمته وفى حالة إعادة تشغيله سوف يستعيد جزء من قيمته، ويضيف عدداً جديداً من العمالة، مما يسهم فى زيادة الإنتاج وبالتالى الناتج القومى. وأوضح «إسماعيل» أن دخول الشركات البولندية بأى صيغة سواء التأجير أو الشراكة سوف يفتح الباب لدخول شركات من جنسيات أخرى. أما يحيى زنانيرى، نائب رئيس الشعبة العامة للملابس بالاتحاد العام للغرف التجارية، فيشترط أن تكون الصناعة أو القطاع متقدمة فى بلادها بالنسبة للشركات التى ترغب فى استئجار الخطوط فمثلا بولندا متقدمة للغاية فى صناعة الملابس الجاهزة والغزل والنسيج وعلى حد علمى أن دول الاتحاد الأوروبى ومن ضمنها بولندا تلجأ للتخلص من هذه الصناعة باعتبارها من الصناعات الملوثة للبيئة ولذلك اتجهت لإقامة مصانعها فى دول جنوب شرق آسيا وتعتبر مصانع الغزل والنسيج بمصر جاذبة لها لكونها منشآت قائمة بالفعل ولا ينقصها إلا الماكينات وضخ أموال جديدة ونحن على الجانب الآخر بحاجة للخبرة الأجنبية وإعادة تأهيل العمالة، فرغم تمتعها بميزة انخفاض شعرها، إلا أنها تفتقد للمهارة الفنية، لافتا إلى أن هناك بلاداً مثل ألمانيا بدأت بالفعل نقل مصانعها لبلاد عربية ولكن للأسف مصر ليست من ضمنها نظراً لظروفها السياسية وإدارتها المرتبكة. فيما دعم المهندس فاروق مصطفى، العضو المنتدب لأسمنت بنى سويف-مصر، الفكرة خاصة أن هناك بالفعل مصانع مغلقة وتشكل طاقة عاطلة، ولكنه يراها غير مضمونة عند التنفيذ، فقد تكون الشركة متعثرة نتيجة أخطاء مالية جسيمة من أصحابها، أو يتم التعامل مع الشركة الأجنبية بطريقة تسىء للتجربة بما يعنى إجهاضها فى بداياتها، لذلك فهو يرى أنه من الأفضل ضخ استثمارات فى مشروعات جديدة ولا مانع من شراكة ما بين الحكومة والقطاع الخاص مع أهمية توفير الطاقة للمستثمرين.