يقول الله عز وجل: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلم تتقون» صدق الله العظيم. وفي تمعن لهذه الآية يتضح ان الهدف من صيام شهر رمضان هو أن نخرج بعد رمضان بالتقوي، والتقوي تعني أن يجدك الله حيث أمرك ولا يجدك حيث نهاك فإذا أمرك بالصلاة في المسجد وجدك في الصلاة في المسجد وإذا نهاك عن شيء فلا يجدك وأنت تفعل هذا الشيء. فضل شهر رمضان يقول النبي (صلي الله عليه وسلم) (إن في الجنة باب يقال له الريان يدخل منه الصائمون ينادي يوم القيامة أين الصائمون فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه أحد غيرهم). وهذا الحديث به 3 نقاط مهمة جداً وهي: 1- ان هذا الباب لمكان داخل الجنة وليس باب الجنة لان الحبيب المصطفي يقول في الجنة ولم يقل للجنة أي لن يدخل منه كل من دخل الجنة ولكن يدخل منه بعضهم. 2- إن الذين يدخلون من هذا الباب جماعة معينة من في الجنة وهم الصائمون بصدق الذين كانوا يصومون صياماً حقيقاً وبصدق في رمضان فهناك من هم في الجنة ولن يدخلوا هذا الباب ويحرمون حلاوته. 3- إن هذا الباب يسمي الريان وليس معني الريان انه يروي من العطش لأن من في الجنة قد شربوا من يد الحبيب محمد شربة هنيئة لا ظمأ بعدها ولكنه يروي من دخل منه من كل الملذات التي حرم الصائم نفسه منها بسبب صيامه. يقول النبي (صلي الله عليه وسلم): (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وسلسلت الشياطين) وهذا الحديث يعني أن أبواب الجنة تفتح لاستقبال المؤمنين الذين يحققون الصيام الحقيقي في رمضان وأيضا تغلق أمامهم أبواب النيران وإن الشياطين تقيد ولا تستطيع أن تغوي الإنسان فإن غوي الإنسان فيكون ذلك بسبب نفسه الأمارة بالسوء وليس بسبب الشيطان وهناك من يفعل أشياء في رمضان بسبب نفسه الأمارة بالسوء أكثر مما يدعوه الشيطان إليها في غير رمضان فهناك من يقوم بأعمال لم يفعلها في غير رمضان مثل الذي يذهب إلي الملاهي للإفطار ثم بعد الإفطار يشاهد برنامج الحفل الذي به الكثير من مناظر العري والنظر إلي الراقصات أو من يذهب إلي الشوارع لمعاكسة الفتيات بعد الإفطار. يقول النبي (صلي الله عليه وسلم): (ولله عتقاء من النار في رمضان وذلك كل ليلة) ومعني هذا الحديث أن الإنسان يكون مسلسلاً بالسلاسل من رقبته ويجر بها إلي النار فإذا جاء رمضان تفك رقبة الإنسان من هذه السلاسل بسبب الصيام وذلك كل ليلة ومن تفك رقبته من هذه السلاسل فلا تقيد بعد ذلك أي لا يسحب إلي النار بعد ذلك). هناك 3 أحاديث للنبي (صلي الله عليه وسلم) بنفس المعني ولكن تتغير بعض المواقف وهي: 1- من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. 2- من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. 3- من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وإذا تخيلت كل الذنوب والمعاصي التي وضعت في صحيفتك حتي الآن فكم هي وكم وزنها في ميزان سيأتيك ثم تتخيل أنه إذا كان صومك صوما صحيحا لمدة 30 يوما تمحي كل هذه السيئات فإن لم تستطع صيام 30 يوما صياما صحيحا فتخيل أن قيامك في صلاة القيام 30 يوما قياما صحيحا سوف يمحو الله به كل هذه السيئات فإن لم تستطع فتخيل أن قيام ليلة القدر أي العشر الأواخر من رمضان كأنك ظللت تتعبد لله عز وجل لمدة 84 عاماً متصلة دون انقطاع. يقول النبي (صلي الله عليه وسلم) (هو شهر يضاعف الله فيه الأجر فمن أتي فيه بنافلة كان كمن أدي فريضة فيما سواه ومن أدي فيه فريضة كان كمن أدي 70 فريضة فيما سواه). حاول أن تتخيل انك إذا صليت ركعتين سنة تكون كمن صلي فريضة في غير رمضان من الصلوات التي تركتها وإذا صليت فريضة تكون قد صليت 70 فريضة قد تركتها من قبل. ومن أجل ان نصوم صوما حقيقيا يجب علينا أن نعي ما يلي: 1- صيام البطن أي الامتناع عن الطعام والشراب فقط ونفعل ما دون ذلك وهذا النوع لا يأتي بثواب رمضان ولا يحقق التقوي المرجوة من الصيام. 2- صيام الجوارح أي صيام الجسد كله فإن كان صيام البطن ينتهي عند صلاة المغرب فباقي الجسد يظل صائماً طيلة الثلاثين يوما فالعين تصوم عن النظر إلي المحرمات من المشاهد الخليعة والأذن صائمة لا تسمع النميمة واللسان صائم لا يتكلم في أعراض الناس ولا يغتاب وشعر المرأة صائم فلا يفطر بعرضه علي أعين الرجال واليد صائمة فلا تمسك بالسجائر فتفطر فكيف يكون كل جسدك صائماً ثم تحرمه من الفضل العظيم لرمضان بسبب أن يدك تفطر بإمساك السجائر والقدم صائمة فلا تسير إلي حرام وهذا قبل الإفطار وبعده طيلة 30 يوما وهذا ما يؤدي إلي التقوي وإلي ثواب شهر رمضان في بنوده الخمسة السابقة والحبيب يقول وإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم إني يذكر نفسه في الأولي بأنه صائم وفي المرة الثانية يذكر الذي يسبه بالصيام وفضله. 3- صيام القلب أي أن الإنسان قلبه صائم عن كل حب وكل شيء إلا حب الله وذكر الله فهو في عمله يذكر الله وفي طريقه يذكر الله وفي بيته يذكر الله.