منذ أسابيع قليلة شرفت بحضور احتفال جمعية بناة السد العالي بمرور نصف قرن علي تحويل مجري نهر النيل، بحضور المهندس إبراهيم محلب وبعض الوزراء وعبدالحكيم جمال عبدالناصر، وتم تكريم بعض الوزراء والمسئولين والمهندسين، وفي نهاية الحفل سعدت بحوار سريع مع عبدالحكيم عبدالناصر حول السد العالي ذلك المشروع القومي الذي التف حوله المصريون، وأكدت له استيائي من عدم تكريم بعض العمال الذين أسهموا في بناء السد العالي، مؤكداً له أنه لو كان عبدالناصر بيننا اليوم لقام بتكريم العمال أولاً، لانحيازه للفقراء والبسطاء.. فهز عبدالحكيم رأسه. ومنذ أيام تولي عبدالفتاح السيسي قيادة مصر الذي أشفق عليه من التركة المثقلة، خاصة أن كثيراً من المصريين يحلمون بالحياة الوردية وتحقيق الأماني الممكنة منها والمستحيل دون بذل أدني جهد أو تضحية من جانبهم!.. ومن ثم أقول: ليس لدي السيسي عصا سحرية ولن يفعل وحده كل شيء مهما امتلك من قدرات، المهم أن يقوم كل فرد بدوره ابتغاء مرضاة الله عز وجل أولاً وأخيراً. في هذا المقام أذكر ما قاله الجاحظ في كتابه «البيان والتبين»: «لا تجعل غيرك يقوم بما يجب أن تقوم به أنت نيابة عنك»، لا مفر من أن نعدل من سلوكياتنا وفي مقدمتها ألا يأكل بعضنا البعض وأن يفترس كل منا الآخر، وعلي حد تعبير الشاعرة السودانية مني جبريل أحمد العبيلي «مصر أجمل بدون هذه السلوكيات التي غزت المجتمع المصري مؤخراً». علينا أن نعترف عن قناعة بصعوبة ما نحن فيه ومقدمون عليه بسبب تعدد الأزمات، ومن ثم البدء فوراً في تنفيذ المشروعات القومية - ليست بالطبع العملاقة فقط - والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، والصناعات الإبداعية التي تتعلق بحرف يدوية تمثل التراث المصري، التي تجعل لمصر ميزة نسبية تعوض ما فقدته بعد توقف تصدير القطن.