أكدت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية أن جمهورية روسياالبيضاء (بيلاروسيا)، التى تعد آخر الديكتاتوريات الموجودة فى أوروبا حالياً أصبحت تعانى من أزمة مالية خانقة، مما أدى إلى اندلاع موجات متزايدة من الاحتجاجات في البلد التى تخضع لسيطرة محكمة. وأشارت إلى أن الأمور تنذر بإمكانية انتقال الربيع العربى إلى الجمهورية السوفيتية سابقاً. وأشارت المجلة إلى أن رئيس روسياالبيضاء، ألكسندر لوكاشينكو، يمر بموقف صعب. ونقلت عن المحلل السياسى ألكسندر فيدوتا قوله: "إن أوروبا لا تريد أن تعطي لوكاشينكو المال بدون ديموقراطية، وهو الأمر الذى لا يستطيع القيام به، وروسيا لن تدفع له بدون السيطرة على الأصول المملوكة للدولة، وهو أيضاً ما لا يريد أن يفعله". وأشار إلى أن روسياالبيضاء تقدمت بطلب إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض، ولكن هذا لن يتحقق بدون إدخال تغييرات كبرى على الهيكل الاقتصادى للبلاد. واستطردت المجلة أن العامل الرئيس الذي زاد السخط فى روسياالبيضاء هو الاقتصاد؛ فالمعارضة السياسية كانت نشطة دائماً في تنظيم الاحتجاجات بشكل مستمر، ولكن لوكاشينكو كان يعول على دعم أكثر من نصف السكان الذين يعتقدون أن هناك استقراراً اقتصادياً فى بلادهم. فهم يرون أن الحياة في بلادهم ليست مروعة طالما أنك لا تريد أن تدخل عالم السياسة أو تكسب ما يكفي من المال للسفر ورؤية العالم. وكانت الرواتب رغم انخفاضها مستقرة. لكن اقتصاد روسياالبيضاء بدأ فى الانهيار، وكذلك شعبية لوكاشينكو. بعد سجن معظم عناصر المعارضة الرئيسية أو نفيها عقب الاحتجاجات التي تلت تزوير الانتخابات الرئاسية في ديسمبر الماضي، وانتقلت الاحتجاجات إلى شبكة الإنترنت عبر مواقع التواصل الاجتماعى. ومن جانبها، استخدمت السلطات أيضاً الإنترنت في معركتها ضد المحتجين، فقد ظهرت عدة حسابات وهمية تنشر معلومات كاذبة. وتصاعدت الأمور أكثر بعد العنف الشديد الذى تعاملت به الشرطة مع المتظاهرين الذين خرجوا للاحتجاج خلال احتفال روسياالبيضاء بذكرى استقلالها. وكان مشهد تعرض أناس عاديين للضرب حتى بدون أي سبب على الإطلاق سبباً فى تحول الرأي العام أكثر وأكثر ضد النظام. ولا يمكن لأحد أن يتصور أن ما يراه يحدث فى دولة أوربية حديثة. ويأمل النشطاء فى العاصمة منسيك أن يأتى النصر في الخريف. وفى الوقت الذى يواصل فيه الاقتصاد تدهوره فإن المزيد من الناس يشعرون أنه يجب عليهم الخروج إلى الشوارع. لقد أصبحت الأمور كما كانت فى العصر السوفييتى، حيث أصبح من المستحيل العثور على العملة الصعبة. وسيكون من المبالغة القول بأن الربيع العربي أعطى دفعة لاحتجاجات روسياالبيضاء، وأن إسقاط الأنظمة المستبدة في شمال أفريقيا يعطي المعارضة فى روسياالبيضاء الأمل.