الصناعة المحلية قادرة علي التعافي.. وتلبية احتياجات المشروعات القومية من الحديد .. مليون و350 ألف طن.. حجم الواردات المتوقعة من الحديد.. وأوكرانياوتركيا تغرقان السوق المحلي ,أمريكا فرضت إجراءات عقابية ضد تركيا بسبب ممارساتها للإغراق, حمل الخطاب الذي ألقاه الرئيس السيسي عقب تنصيبه رئيساً للبلاد قدراً كبيراً من التفاؤل بمستقبل مصر في شتي مناحي القطاعات المختلفة سواء اقتصادية أو زراعية أو تعليمية أو سياحية أو صحية.. واللافت للنظر في الخطاب أن «السيسي» ركز بشدة علي قطاع الصناعة باعتباره محور التنمية خلال المرحلة القادمة خاصة أن مصر مقبلة علي تنفيذ عدة مشروعات قومية كبري بهدف تحسين حياة المواطنين وخلق فرص عمل جديدة للشباب، وزيادة معدلات النمو وغيرها.. التقيت بجورج متي رئيس قطاع التسويق بمجموعة العز للصلب والذي يعد واحداً من أهم الخبراء في مجال صناعة الحديد والصلب ليحدثني عن رؤيته الشاملة لقطاع الصناعة في الفترة القادمة.. يؤكد جورج متي أن الإغراق وتدفق الواردات يحرم الصناعة المحلية من فرص التوسع وتنمية استثماراتها وخلق وظائف جديدة. يشير إلي أن مصانع الحديد المصرية قادرة علي تلبية احتياجات السوق، وكذا المشروعات القومية الكبيرة التي ستقام في مصر خلال المرحلة القادمة. يشدد علي أن أكبر معوقات الصناعة هي الطاقة، وأن أسعار الحديد تتحدد صعوداً وهبوطاً وفق ديناميكية العرض والطلب. مع جورج متي كانت التفاصيل التالية،، سألت جورج متي في البداية عن رؤيته للمرحلة القادمة عقب تولي الرئيس السيسي حكم البلاد فأجاب: - هناك تفاؤل شديد بالمرحلة القادمة ومصدر هذا التفاؤل أنه سيكون هناك استقرار سياسي وأمن كبير وكلاهما من أهم العوامل الجاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية. وكيف تري واقع الاقتصاد والصناعة في الفترة القادمة أيضا؟ - أؤكد لكم أن الفترة القادمة ستشهد طفرة في الاقتصاد والصناعة بقطاعاتها الحيوية المختلفة، علي أن يتزامن ذلك مع خلق بيئة تشريعية وقوانين محفزة للاستثمار بمعني أن يكون هناك نظام تقاضي ناجز يتماشي مع القوانين العالمية خاصة أننا ننافس دولا ناشئة أخري في المنطقة. بالإضافة إلي ذلك التزام الحكومة باتخاذ القرارات الحاسمة التي تصب في صالح الصناعة المحلية وحمايتها من الأخطاء والمعوقات التي تهددها ونأمل أن تشهد الفترة القادمة معدلات نمو كبيرة في الصناعة خاصة أن مصر مقبلة علي تنفيذ مشروعات قومية كبيرة من شأنها خلق فرص عمل ووظائف للشباب الأمر الذي يؤدي في النهاية إلي تحقيق دخول تكفي الفئات المهمشة وتحقق العدالة الاجتماعية قدر الإمكان. ألا تتفق معي أن صناعة الحديد والصلب سيكون لها نصيب كبير في حركة التنمية التي ستشهدها مصر الفترة المقبلة؟ - بالتأكيد لان صناعة الحديد والصلب هي محور التنمية ويكفي أنها تقود نحو 90 صناعة خلفها. ولكن هل ستستطيع المصانع المحلية تلبية احتياجات السوق والمشروعات القومية الضخمة أم سيتم اللجوء إلي الاستيراد كالعادة؟ - أؤكد لك ان الصناعة المحلية قادرة علي تلبية احتياجات السوق رغم تدفق الواردات من حديد التسليح التركي والأوكراني ووجود حالة إغراق كبيرة تهدد الصناعة المحلية، فلا يعقل أن تكون الحصة السوقية للواردات عام 2008 نحو 4٪ ترتفع إلي 18٪ العام الحالي. فقد سجلت الواردات من حديد التسليح والمسطحات المدرفلة علي الساخن عام 2008 نحو 240 ألف طن، ارتفعت عام 2009 إلي 2٫9 مليون طن بحصة سوقية بلغت نحو 34٪ وهي أعلي معدلات للواردات خلال السنوات الماضية، نتيجة خطة التحفيز الاقتصادية للحكومة.. والتي وصلت بمعدلات النمو خلال عام 2009 إلي 7٫2٪، ومن المتوقع أن تبلغ الواردات نحو مليون و350 ألف طن العام الحالي بناءً علي مؤشرات الخمسة أشهر الأولي من العام الجاري، أي 7 أضعاف معدلاتها عام 2008 بحصة سوقية تقدر بنحو 18٪ من إجمالي حجم السوق في مصر. وهل تري أن تدفق الواردات سيؤثر سلباً علي حجم الطلب وإنتاجية الصناعة المحلية؟ - بالطبع ستتأثر المصانع سلباً بشكل كبير، فالإنتاجية ستقل كثيراً، وستكون هناك زيادة في التكلفة نظراً لعدم قدرة المصانع علي التشغيل الاقتصادي بما يتماشي مع طاقتها الإنتاجية، ولا ننسي أن هناك زيادات أخري متوقعة في التكلفة بالنسبة للطاقة بما فيها الكهرباء والغاز وأجور العمالة وغيرها. وما هي الدول التي تغرق الأسواق المصرية بمنتجاتها؟ - كانت تركيا هي الدولة الرئيسية التي تغرق السوق المصرية، والمصدر الأساسي لحديد التسليح للسوق المحلي حتي العام الماضي، ولكن دخلت أوكرانيا كمصدر كبير ومنافس للأتراك أيضاً بنسبة لا تقل عن ثلثي حجم الواردات نظراً لانخفاض أسعارها بنحو 20 دولارا عن أسعار الأتراك خاصة أن إنتاجهم قفز إلي 14٫4 مليون طن، أما تركيا فتنتج نحو 22 مليون طن سنوياً، وتصدر نحو 12 مليون طن حديد تسليح، الأمر الذي عرضها إلي إجراءات عقابية من عدة دول منها الولاياتالمتحدةالأمريكية نتيجة قيامها بإغراق أسواقها بحديد التسليح. وأحب أن أشير في هذه النقطة إلي أن واردات مصر من حديد التسليح التركي بلغت 94٪ «186» ألف طن خلال العام الماضي بأكمله، ثم قفزت إلي 209 آلاف طن خلال الخمسة أشهر الأولي من العام الحالي، أما الواردات من أوكرانيا فقد سجلت العام الماضي نحو 13 ألف طن، وقفزت خلال الخمسة أشهر الأولي من العام الحالي إلي 152 ألف طن، ولا ننسي أن الإغراق وتدفق الواردات يمثل في حد ذاته إهداراً للعملة الصعبة الضرورية لاستيراد سلع مهمة وضرورية، فقيمة الواردات المتوقعة من حديد التسليح والمسطحات المدرفلة علي الساخن العام الحالي تصل إلي 800 مليون دولار، حيث إنه من المتوقع أن ترتفع الواردات إلي مليون و350 ألف طن العام الحالي، وأصبح من الضروري الحد من تدفق هذه الواردات خاصة أننا لدينا إنتاج عالي الجودة ويسد احتياجات السوق المحلي، ويتم تصدير الفائض للخارج، فلدينا طاقة إنتاجية تقدر بنحو 10 ملايين طن، ولا يتعدي الاستهلاك 6٫5 مليون طن. وهل نستطيع اختزال مشاكل الصناعة في الإغراق؟ - بالطبع لا، هناك مشكلة أخري لا تقل أهمية عن مشكلة الإغراق وهي مشكلة الطاقة والتي أصبحت تؤثر بشكل كبير علي قدرة التشغيل بالمصانع، فالغاز غير متوافر بكميات كافية تسمح بالتشغيل الأمثل للطاقات الإنتاجية المتاحة، والكهرباء هي الأخري، ونظراً للتوقيف الإجباري خلال فترات الذروة تؤثر علي إنتاجيات المصانع ومعدلات التشغيل. لماذا يشتكي المستهلكون دائماً من أسعار الحديد ويتهمونها أنها لا تعرف الانخفاض؟ - تسعير المصانع الحديد مرن، والأسعار تصعد وتهبط بشكل ديناميكي بما يتماشي مع مستويات التكلفة وأساسها الخامات التي تمثل من 70 إلي 80٪ من إجمالي التكلفة، ودعني أضرب لك مثالاً واقعياً علي ديناميكية أسعار الحديد، ففي مايو الماضي كان سعر طن الحديد من مجموعة العز يصل إلي «5050» جنيها شاملاً الضريبة ثم انخفض إلي 4 آلاف و990 جنيها بحلول شهر ابريل الماضي ثم انخفض مرة أخري إلي 4900 جنيه وخلال هذه الفترة كان يرتفع وينخفض وفقاً للعوامل المرتبطة بأسعار الخامات في البورصات العالمية، وكذلك علي أسعار صرف الدولار والتي شهدت ارتفاعاً كبيراً خلال ديسمبر 2012 بلغ معدله 20٪. هل تتوقعون زيادة الطلب علي الحديد الفترة القادمة خاصة أن ذلك سيكون مدفوعاً بالمشروعات القومية الكبيرة وحركة البناء بما فيها البناء العشوائي؟ - دعني أصحح لك معلومة أولاً وهي أن الطلب العشوائي لا يمكن التنبؤ به، ولا يمكن أن تعتمد عليه أي صناعة بما فيها الحديد، وقد خلت الفترة الماضية منذ قيام الثورة من المشروعات القومية للبنية التحتية مما حرم السوق من استهلاك كان سائداً خلال سنوات ما قبل الثورة. فعلي سبيل المثال، وصل الاستهلاك المحلي من الحديد عام 2009 إلي 7٫6 مليون طن بينما لم يتجاوز الاستهلاك العام الماضي نحو 5٫9 مليون طن بانخفاض قدره 1٫7 مليون طن أي أن المصانع لم تصل بعد إلي أعلي نقطة وصل إليها السوق، ونتوقع أن ينحسر البناء العشوائي نتيجة طفرة معمارية كبيرة للبنية التحتية من محطات كهرباء وصرف صحي ومياه شرب بالإضافة إلي إنشاء أول محطة للطاقة النووية بمدينة الضبعة كثيفة الاستخدام للحديد، بالإضافة إلي مشروعات الإسكان والأبنية التعليمية، وكذا المشروعات في قطاعات السياحة والصحة وغيرها.. وكل هذه المشروعات ستخلق طلباً كبيراً علي الحديد خاصة أن لدينا فائضا يقدر بنحو 3٫5 مليون طن.