"المنشاوي" يترأس اجتماع المجلس الأكاديمي لجامعة أسيوط الأهلية    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها وجهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية.. صور    نائبا محافظ مطروح والدقهلية يفتتحان معرض "كنوز مطروح" في نسخته الثانية    السكرتير العام المساعد لمحافظة الجيزة: 19 سوقا لتوفير السلع بأسعار مناسبة    محافظ البحيرة تلتقي ب50 مواطنا في اللقاء الدوري لخدمة المواطنين لتلبية مطالبهم    الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يؤكدان دعمهما لوحدة اليمن واستقراره السياسي    بعد حادث إطلاق النار.. "CIA": إغلاق بوابة المقر الرئيسي للوكالة القريب من العاصمة واشنطن    إطلاق نار بالقرب من مقر وكالة المخابرات الأمريكية CIA في ولاية فرجينيا    فرنسا تهدد إسرائيل: سنفرض عقوبات ما لم توقف عمليات غزة    القوات الروسية تسيطر على بلدة نوفايا بولتافكا في دونيتسك    وزير الشباب: نعمل لوضع مصر في مكانتها الرياضية السليمة بين شعوب العالم    «إلى النهائي».. الأهلي يفوز على منتدي درب السلطان المغربي في كأس أفريقيا لليد    مواعيد مباريات اليوم الخميس في دوري روشن السعودي والقنوات الناقلة    بعد ارتباطه بالأهلي.. كوتيسا ينضم إلى أيك أثينا اليوناني بصفقة انتقال حر    أحمد سالم: رفض تظلم زيزو لا يعني تعسفًا.. وجماهير الزمالك نموذج في دعم الكيان    السجن 3 سنوات لعاطل ضبط بحوزته حشيش في روض الفرج    استمرار حبس المتهمين بإطلاق أعيرة نارية تجاه مقهي في السلام    المنطقة الأزهرية تعلن ختام امتحانات نهاية العام الدراسي للقراءات بشمال سيناء    وزير السياحة الأسبق: الرئيس يُشرف بنفسه على إخراج مبهر لافتتاح المتحف الكبير    تعرف على قناة عرض مسلسل «مملكة الحرير» ل كريم محمود عبدالعزيز    أسماء جلال تشارك جمهورها احتفالها بعيد ميلادها ال30 (فيديو)    إشادات نقدية للفيلم المصري عائشة لا تستطيع الطيران في نظرة ما بمهرجان كان    وزير الصحة: مصر حريصة على تقديم كل سبل الدعم الصحي للأشقاء السودانيين    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    القومي للمرأة ينظم لقاء رفيع المستوي بعنوان «النساء يستطعن التغيير»    الأمن يضبط 8 أطنان أسمدة زراعية مجهولة المصدر في المنوفية    أسرار متحف محمد عبد الوهاب محمود عرفات: مقتنيات نادرة تكشف شخصية موسيقار الأجيال    أدعية دخول الامتحان.. أفضل الأدعية لتسهيل الحفظ والفهم    إسرائيل تسحب وفدها من مفاوضات الدوحة    مجلس وزراء الصحة العرب يؤكد دعمه للقطاع الصحي الفلسطيني    وفاة شقيق المستشار عدلى منصور وتشييع الجنازة من مسجد الشرطة بأكتوبر اليوم    كرة يد - إنجاز تاريخي.. سيدات الأهلي إلى نهائي كأس الكؤوس للمرة الأولى    اليوم العالمي للتنوع البيولوجي.. "البيئة" تكشف سبيل إنقاذ الأرض    خبير تربوي: تعديلات قانون التعليم مهمة وتحتاج مزيدًا من المرونة والوضوح    الجوازات السعودية تكشف حقيقة إعفاء مواليد المملكة من رسوم المرافقين لعام 2025    بحوث "مباشر" تحدد القيمة العادلة لسهم "بنيان" عند 7.94 جنيه    ضبط 9 آلاف قطعة شيكولاته ولوليتا مجهولة المصدر بالأقصر    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    خالد الجندي: يوضح حكم الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة؟    ماتت تحت الأنقاض.. مصرع طفلة في انهيار منزل بسوهاج    "سائق بوشكاش ووفاة والده".. حكاية أنجي بوستيكوجلو مدرب توتنهام    تأثير الكبد الدهني على القلب- نصائح فعالة للوقاية    الدكتور محمد خليل رئيسًا لفرع التأمين الصحي في كفر الشيخ    عاجل.. غياب عبد الله السعيد عن الزمالك في نهائي كأس مصر يثير الجدل    «الداخلية»: ضبط 46399 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    إعلام عبري: إسرائيل تستعد للسيطرة على 75% من أراضي غزة    كامل الوزير: نستهدف وصول صادرات مصر الصناعية إلى 118 مليار دولار خلال 2030    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    جامعة بنها الأهلية تنظم اليوم العلمي الأول لكلية الاقتصاد وإدارة الأعمال    «سلوكك مرآتك على الطريق».. حملة توعوية جديدة لمجمع البحوث الإسلامية    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    "صحانا عشان الامتحانات".. زلزال يشعر به سكان البحيرة ويُصيبهم بالذعر    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منسيون.. في بطن البقرة
نشر في الوفد يوم 10 - 07 - 2011

كوبرى العاشر هو الكوبرى الذى يفصلك بين عالمين مختلفين.. فى بدايته وعلى الكورنيش ترى المعادى.. "حى ولاد الناس" حيث العمارات الفخمة تحيط بها الحدائق والشوارع الواسعة
النظيفة، وبمجرد أن تعبر الكوبرى الذى لا يتجاوز طوله 200 متر تفاجأ فى نهايته بأكوام من القمامة، ومنازل الكثير منها مهدم والآخر مبني بالخشب والصفيح، والمجارى تحيط بها من كل الجهات ورائحتها تفوح في المكان كله .. قد يدهشك التناقض في الوهلة الأولى ولكن بمجرد أن تعرف أين أنت سرعان ما تزول دهشتك سريعا.. فأنت في بطن البقرة.
تطوير بالقمامة
بعد أن تتوغل قليلا في البقرة ترى ورشا للفخار ومنافذ لبيع منتجاته بجوارها ورشا للجبس، وأمامهم يوجد مقلب صغير للزبالة مرفوع عليه لافتة مكتوب عليها ( مشروع تطوير منطقة الحرفيين )، والعجيب أنه على بعد 500 متر من الورش وتلال القمامة تجد جهاز شئون البيئة والإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار، ولم يحاول أي من أفراده أداء عملهم فى حماية البيئة وإزالة القمامة وتصليح بالوعات المجاري المفتوحة على الدوام..
الغريب أن الدولة أصدرت قرارا بإزالة تلك المناطق التي تشوه وجه مصر القديمة منذ السبعينات، وتم بالفعل هدم معظم الورش وإنشاء أربعة مصانع فخار لم يكتمل بناؤها حتى الآن، وكان ذلك تحت مسمى ( مشروع تطوير الصناعات الحرفية ببطن البقرة ( وتحت رعاية سوزان مبارك، إلا أن المشروع توقف كليا وتحول المكان لمقلب قمامة كبير لا يجلب لسكان المنطقة إلا الأمراض والأوبئة، وأصبح مخبأ للبلطجية وتجار الحشيش بالإضافة إلى خسارة معظم السكان لعملهم الأصلى مما اضطرهم إلى العمل إما عتالين أو عمال باليومية ونسوا حرفتهم الأصلية .
قادنى فى رحلتى داخل بطن البقرة وبالتحديد السحيلة أحمد النمر من كبار أهالي المنطقة ويعمل جاهدا لجلب المساعدات للأهالي الذين يعانون على حد قوله من أمراض كثيرة أبرزها فيروس سى والفشل الكلوى نتيجة تلوث المياه.
عرفت منه أن المنطقة يعيش بها حوالى 3000 أسرة معظمهم من غير المتعلمين، والقليل منهم وصل إلى مرحلة الثانوية لذلك عدد الموظفين 1% فقط والباقي فنيين وعمال يكسبون رزقهم يوما بيوم.
في البقرة احنا منسيون
( يا أستاذة احنا محدش سائل فينا احنا منسيين ) بهذا الوصف تحدث النمر عن وضعهم في بطن البقرة مشيرا لعدم وجود مرافق أو أمان في المنطقة، فالبلطجية وتجار المخدرات ينتشرون بالقرب منهم فى عزبة خيرالله والشرطة مختفية، وفى حال حدوث أى مشكلة يتم إنهاء الازمة بالجلسات العرفية..
دخلت أحد بيوت السحيلة.. مجرد غرفة بسيطة مظلمة مساحتها لا تزيد على 15 مترا، ولا يوجد بها سوى شباك صغير للتهوية.. الغرفة خالية من الأثاث اللهم إلا سريران صغيران وكارتونة بها بعض الملابس المهلهلة..
تقول أم على (مسنة تجاوزت الستين): أسكن في هذه الغرفة من 30 عاما أنا وأبنائي، وأختي التوأم وأبناؤها بعد أن توفى زوجانا، الإيجار منذ سنوات كان 65 جنيها حاليا قفز ل150 جنيها ولازم ندفعه وإلا صاحب البيت يطردنا رغم أنه يعلم أن معاشي من الضمان لا يتجاوز 110 جنيهات!!
وتضيف: العيشة هنا صعبة جدا.. مافيش مياه وبنضطر نملى من الحنفية على الكوبري وكمان الكهرباء بتقطع طول النهار، لكن مضطرين هانروح فين أكتوبر بعيدة عننا والعيشة فيها أصعب؟
من البقرة لعثمان يا قلبي لاتحزن
ويوضح عم كمال المشكلة التي أشارت لها أم علي قائلا: هناك نزاع بين شركة المعادى وسكان منطقة بطن البقرة للاستيلاء عليها وتحويلها إلى مساكن بأسعار خيالية مثلما حدث في أبراج الفسطاط، وهذا ما نرفضه تماما ونطالب الحكومة بتطوير المنطقة وإعادة تسكيننا فيها.
ويكمل: منذ سنوات وبعد أن صدر قرار إزالة الورش وعدتنا الحكومة بنقلنا إلى وحدات سكنية لوكس باكتوبر وبعد ذهابنا فوجئنا بها منطقة مقطوعة خلف المقابر تسمى مساكن عثمان، لا توجد بها مدارس ولا مستشفيات ولا مياه، حتى العيش لم نكن نجده بسهولة ولكي نصل لأقرب منطقة يوجد بها عيش بربع جنيه لازم ندفع 5 جنيهات فى مواصلة واحدة ).. علشان كده لم نستمر أكثر من سنة ورجعنا تانى لبطن البقرة.
وتضيف أم عبد الرحمن التى تعمل دلالة فى المنطقة: هناك البلطجية والعرب كانوا بيطلعوا علينا لكن في بطن البقرة ممكن انام والباب مفتوح لأنى وسط أهلى وناسى، صحيح الشقة فى مساكن عثمان مساحتها 32 مترا يعني أكبر من الغرفة دى بس هي عندي زى القصر، وكمان البنات هنا بترضى بقليلها " العروسة بتتجوز في حجرة صغيرة بخلو رجل 2000 جنيه، وبوتاجاز وسرير وجلبيتين وخلاص على كده .
لم تكن أم عبد الرحمن وزوجها واولادها الأربعة وحدها من عادت من مساكن عثمان، بل عادت معها أسر كثيرة لعدم وجود فرص عمل ملائمة بأكتوبر، وعدم توافر الأمان فبائعو المخدرات والبلطجية يسكنون المقابر ويهجمون عليهم من آن لآخر يساعدهم على ذلك عدم وجود قسم شرطة قريب منهم .
أما الحاجة مصوابة - تجاوز عمرها 85 عاما- فقد عادت لغرفتها الصغيرة بعد أن شعرت بالوحدة في سكنها الجديد، ولم تجد من يخدمها أو يساعدها كما كان يحدث في سكنها القديم، خاصة أنها مريضة تحتاج إلى الذهاب إلى المستشفى لإصابتها بأمراض الشيخوخة وفقدانها إحدى عينيها وعدم قدرتها على المشى.. لتعلن "تراب البقرة ولا شقة عثمان"..!
وتعلن أم منى، التى رزقها الله ب5 بنات يعانين من الفشل الكلوى الذى أفقدها اثنتين منهم، عن رفضها التام لترك بطن البقرة لعدم وجود مستشفى فى اكتوبر للغسيل الكلوي ولعدم توافر عمل ملائم لزوجها هناك وتصرخ قائلة: "دى صحرا عايزين يخلصوا مننا فيها وخلاص".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.