فى ظل التحولات الدولية والتحولات الجارية فى الدول العربية يبدو العالم العربى على أعتاب حقبة جديدة بما تحمله فى طياتها من الفرص والتحديات ، الأمر الذى يتطلب من الدول العربية وقفة مع النفس لمراجعة حساباتها وتقييم علاقاتها الخارجية ، لاسيما مع الولاياتالمتحدة ، فمالذى أنجزته على مدى عقود مضت على صعيد القضية الفلسطينية ، و ما الذى وفت به أمريكا وإسرائيل ؟ ، إن الإجابة على هذه التساؤلات تتطلب بالضرورة الإجابة على أسئلة فرعية ، أهمها : مالذى يمتلكه العرب للترغيب أو للضغط على السياسة الأمريكية تجاه العالم العربى ؟؟؟. إن النظرية الواقعية والسياسة الخارجية الرشيدة تقوم على أساس أن التحرك الخارجى لأى دولة يقوم على حماية المصلحة الوطنية باستخدام الأدوات السياسية الممكنة ، والمتأمل فى السياسة الأمريكية تجاه العالم العربى يجد أنها تتصرف وفق سياسة " العصا والجزرة " ، فكثيراً ما تلوح بوقف معوناتها الخارجية ، كما هو الحال مع مصر ، وعندما تعجز عن ذلك تلجأ إلى بعض الدول الحليفة للضغط باستخدام أدوات أخرى، كالضغط على مصر من خلال أثيوبيا للتأثير على تدفق مياه النيل. وعلى الجانب العربى ، فإننا إذا راجعنا السياسة الخارجية العربية ، والمصرية بصفة خاصة ، وإذا نظرنا إلى خريطة العالم العربى ، فسوف نجد أن هناك بعض الدول غير العربية المجاورة ، تمثل تهديدا لها، بدرجات متفاوتة ، وتمثل فرصة للنفوذ والاختراق الغربى للضغط الخارجى ، سواء كان هذا التهديد حقيقى أو يتم استغلاله وتضخيمه من قبل الولاياتالمتحدة كزريعة لوجودها العسكري ، وهذه الدول بإستثناء إسرائيل هى ايران ....تركيا .... اثيوبيا، حيث تبدو معزولة من جانب بعض الدول العربية، وهذا واضح جدا فى اثيوبيا التى تبدو جزيرة فى محيط عربى ، حيث تقع بين السودان وارتريا والصومال ، فغالبا ما تستغل أمريكا الخصائص والاختلافات الجغرافية والثقافية والعقائدية واللغوية فى خلق الخلافات البينية مع العالم العربى ، ففى حالة ايران فإنها تبرر وجودها العسكرى فى قطر بحماية امن الخليج من التهديد الايرانى ، أما أثيوبيا فهى تستخدم كورقة للضغط على العالم العربى سواء بافتعال النزعات والحروب مع الدول المجاورة أو بالضغط على مصر من خلال مياه النيل . إن السياسة الخارجية العربية الرشيدة يجب أن تقوم على أساس إستغلال نقاط القوة وتقويم ودعم نقاط الضعف ، وأما عن نقاط القوة فهى عديدة ، فالعالم العربى يحتل موقعا استراتيجيا فى العالم ، فاذا كان العالم ينقسم وفق النظرية الجغرافية والاستراتيجية إلى دول المركز والأطراف ، ومن يسيطر على المركز يسيطر على الأطراف ، فالعالم العربى يقع فى نطاق المركز ، وإذا كانت السيطرة اليوم هى سيطرة سياسية وليست عسكرية ، فيجب أن تطور الدول العربية من سياستها بشكل يسمح لها باستغلال موقعها كنقطة قوة لها ، ولا تسمح للدول الأخرى باستغلاله ببناء القواعد العسكرية ، كما أن ما تمتلكه من موارد اقتصادية لاسيما النفط فضلاً عن الفوائض المالية والاستثمارات فى الدول الغربية يجعلها تمتلك من أدوات التأثير والحوافز السياسية (الجزرة العربية ) ، ناهيك عن أن التحولات الجديدة فى النظام الدولى سوف تسمح لها بحرية الحركة الخارجية فى ظل نظام دولى جديد متعدد الأقطاب ، فالتوجه شرقاً وتنمية علاقات اقتصادية وسياسية وعسكرية مع روسيا والصين سوف تسمح لها بموازنة التأثير الانجلو – امريكى على الساحة الدولية وداخل المنظمات الدولية لاسيما الأممالمتحدة ، ويتطلب الأمر منها أيضا توحيد الصف العربى وتنمية العلاقات الودية مع الدول غير العربية المجاورة وألا تنعزل عنها بشكل يسمح بالاختراق الامريكى لهذه الدول والتحالف معها للضغط وتهديد المصالح العربية .