لم يعد سرا في ظل الإعلام العالمي المفتوح الذي ينقل الحدث لحظة وقوعه ويعرضه علي شاشات التليفزيون حول العالم، نقول لم يعد سرا أن رأس الحربة في الشر المحيط بالعالم هو دولة عظمي وحيدة حتي الآن اسمها أمريكا، تخطط لابتلاع النفوذ في كل العالم، وتجر خلفها أتباعها من دول الاتحاد الأوروبي التي تبحث عن فتات موائد النفوذ ولا تستطيع وحدها الحصول عليه دون معونة رأس الحربة في واشنطن، وإلي جانب المؤامرات التي أصبحت علنية ومنها علي سبيل المثال المخطط الشرير الجاري تنفيذه حاليا في الشرق الأوسط لتفتيت دوله الي دويلات متعادية متحاربة علي أساس طائفي وديني وعرقي والذي نجح الآن في العراق والسودان واليمن وليبيا ويكاد ينجح في سوريا، والذي يدير الإرهاب في المنطقة لزعزعة استقرارها ويستخدم لتنفيذه أحط أنواع العملاء في الداخل والخارج، ويحشد لأعماله الإرهابية الضرورية لزعزعة استقرار دول المنطقة حثالة المرتزقة وشذاذ الآفاق الذين يرفعون زورا وبهتانا راية ما يسمي بالجهاد لإقامة الأكذوبة الكبري المسماة بالخلافة الإسلامية التي يستحلون باسمها كل الدماء البريئة والدمار الهائل الذي ينشرونه باسم الدين، وقذ تذبح الضحية باسم الله، ودين الله سبحانه وتعالي بريء من كل هذا الإجرام براءة الذئب من دم ابن يعقوب. ولن نبالغ عندما نقول إن التآمر والجشع والشر جزء أصيل من فكر الغرب الذي تقوده أمريكا حاليا، وأنه بعد نهاية الاستعمار التقليدي القديم باحتلال دول العالم الأضعف في أفريقيا وآسيا أساسا واستنزاف مواردها. بدأ الاستعمار الحديث يطور نفسه ليحقق أغراضه بأساليب جديدة علي رأسها تفتيت الدول المستهدفة وإذكاء الحروب الأهلية بها بعد تفتيت مجتمعاتها علي أسس طائفية وعرقية، وكانت من أشرس وأحط المؤامرات الغريبة علي دول العالم الثالث ما عرف ب«تقرير لوجانو» الذي عرضناه تفصيلا علي صفحات «الوفد» علي مدي سبعة مقالات أسبوعية في الفترة من 20/5/2008 الي 1/7/2008 تحت عنوان «لوجانو ومؤامرة الغرب الكبري»، والذي نلخصه هنا في عجالة حسب ما تسمح به المساحة وندعو القارئ الي الرجوع إليه في أرشيف جريدة «الوفد» أو الحصول علي نسخ التقرير الأصلي الذي نشرته دار «سطور» للنشر في هذه الفترة، والتقرير موضوع بالكامل بمعرفة لجنة الخبراء السرية وقد عرضناه في أمانة كاملة وكان مفروضا أن يبقي سرا إلا أن عضوة لجنة الخبراء التي دونته رأت أن تتباهي به وتنشره علي الملأ رغم البشاعات التي احتواها كما سنبين والموضوع ببساطة كما يلي: في سرية تامة كلف قادة العالم الغربي أواخر عام 1995 مجموعة سرية من أكبر خبراء الغرب تخصصا كل في مجاله بالاجتماع الذي استغرق عاما كاملا في مدينة لوجانو في جنوبسويسرا لدراسة الخطر الداهم الذي يحيق بالحضارة الغربية ويهددها بالفناء، والمتمثل في الآتي: كان عدد سكان العالم سنة 1970 حوالي ثلاثة مليارات ونصف المليار نسمة وكانت نسبة الجنس الأبيض 15٪ من هذا العدد وباقتراب نهاية القرن العشرين وصل عدد سكان العالم الي حوالي ستة مليارات نسمة وانخفضت نسبة الجنس الأبيض الي 10٪ حيث كانت الأغلبية الساحقة في الزيادة السكانية بدول العالم الثالث في أفريقيا وآسيا، ولو ظل الوضع كذلك فإنه بحلول سنة 2020 سيقترب تعداد العالم من ثمانية مليارات نسمة وستنزل نسبة الجنس الأبيض الي 5٪ ما يهدد حضارة الجنس الأبيض بالفناء وسيادة أجناس أخري علي العالم، ولذلك كان تكليف قادة العالم الغربي سرا الي مجموعة الخبراء هو الدراسة الشاملة للوضع واقتراح برنامج يتضمن خفض سكان العالم الي أربعة مليارات نسمة بالتخلص من مائة مليون شخص كل عام علي مدي عشرين عاما وطبعا يكون التخلص من مواطني العالم الثالث في أفريقيا وآسيا أساسا. وبعد انتهاء لجنة الخبراء من مهمتها السرية قدمت تقريرها المرعب الي قادة العالم الغربي ببرنامجها للتخلص من مائة مليون إنسان كل عام ويتم ذلك علي ثلاثة محاور هي: 1 - نشر المجاعة في الدول الفقيرة ولعل أحدث أسلوب شيطاني ابتكره الرجل الأبيض كان استخدام الحبوب الغذائية في إنتاج الطاقة لتقليل الاعتماد علي النفط. 2 - نشر الأوبئة الفتاكة مثل الإيدز والجيل الجديد من جراثيم السل ونحوها للتخلص ممن يعتبرهم واضعو التقرير «نفايات بشرية» حسب التعبير الحرفي الوارد بالتقرير. 3 - الحروب وتفجير الصراعات العرقية والدينية والطائفية بين الدول المستهدفة ومساعدة شعوب هذه الدول علي الحصول علي الأسلحة ذات التقنية المنخفضة التي تساعد علي الاقتتال فيما بينهم. وقد قامت عضوة لجنة الخبراء السيدة سوزان چورچ بكتابة التقرير كله سرا أول الأمر، ثم قررت نشره دون أي شعور بالخطأ قائلة إنه مادامت هذه هي الوسيلة الوحيدة لحماية «الحضارة» فلا مجال للتردد، والحضارة لديها طبعا هي حضارة الجنس الأبيض وحده، والمتتبع لما يدور في الشرق الأوسط حاليا من إرهاب علي سبيل المثال ومن تدفق ملايين من قطع السلاح من ليبيا والسودان وقطاع غزة علي الإرهابيين وحثالة المرتزقة التي تحاول حاليا تمزيق أوصال الدولة في مصر وتحويلها الي دولة فاشلة - لا قدر الله - لولا يقظة شعبها وتفاني جنودها البواسل في الجيش والشرطة يدرك جيدا أن مؤامرات الغرب الدنيئة يحاولون تنفيذها حسب الخطة الموضوعة وليس الأمر مجرد شائعات. في ختام هذا العرض البشع لجرائم أهل الحضارة البيضاء ضد الإنسانية نعرض باختصار كتاب «نك تيرس» وعنوانه: «تزايد العمليات الخاصة.. حروب أمريكا السرية في 134 دولة». يسرد «تيرس» في كتابه ما تفعله الميليشيات السرية التي كونتها الحكومة الأمريكية للعمل خارج نطاق القوانين فيقول إنما هي ميليشيات تعمل في الليل في جنوب آسيا وأحراش أمريكاالجنوبية تخطف الرجال من بيوتهم في المغرب، وتقتل الميليشيات قوية التسليح في القرن الأفريقي وتقوم بعملياتها في جو الشرق الأوسط الحار وفي جو دول اسكندناڤيا المتجمدة، ففي كل أنحاء العالم تشهد إدارة أوباما حربا سرية لم يدرك أحد حجمها حتي الآن!! فمنذ 11 سبتمبر سنة 2001 تزايد حجم هذه القوات الأمريكية المنشأة للعمليات الخاصة بصورة سريعة جدا في عددها وميزانياتها وتعمل هذه الميليشيات السرية في نحو 70٪ من دول العالم وفي أواخر أيام چورچ بوش كانت هذه القوات تعمل في حوالي ستين دولة وارتفع العدد الي 75 دولة في سنة 2010 حسب شهادة كارين ديونج وجريج جافي الصحفيين في جريدة «واشنطن بوست»، وفي سنة 2011 صرح الكولونيل تيم ني قائد هذه الميليشيات أن عدد الدول التي تنشط فيها قواته وصل اليوم الي 120 دولة وسيرتفع العدد سريعا. وبحلول سنة 2013 كانت هذه الميليشيات السرية تعمل في 134 دولة حول العالم طبقا لشهادة الرائد روبرت بوكهولت مدير العلاقات العامة لهذه الميليشيات وقد بدأ تكوين هذه الميليشيات سنة 1987 ويقدر عددها حاليا باثنين وسبعين ألف مقاتل وصلت ميزانيتهم الي 6.9 مليار دولار سنة 2013. ويسرد كتاب «تيرس» تفاصيل تكوين هذه الميليشيات وعملها بشهادات موثقة من قادتها، ولعلنا نتذكر الدور الإجرامي الذي لعبته عصابة ميليشيات بلاك ووتر الشهيرة خلال حرب العراق وأفغانستان وجرائم القتل والدمار الهائلة التي ارتكبتها فضلا عن عقدها مع الحكومة الأمريكية بتخصيص قوات منها لحماية السفير الأمريكي وكبار المسئولين الأمريكيين في هذه الدول كما لو كانت قوات الجيش الأمريكي لا تستطيع حمايتهم، ولكن الحقيقة أن السبب الأول في التعاقد مع هذه العصابات هو أنها عصابات سرية لا تخضع للقانون ولا يمكن مساءلتها. ولا نملك في نهاية هذا المقال إلا دعوة القارئ العربي لإمعان الفكر في مدي الإجرام والتآمر الذي يكنّه الأمريكي القبيح وأتباعه لشعوبنا حتي لا تبلغ بنا السذاجة في التفكير في التعايش مع عملائه المحليين تحت أضحوكة ما يسمي بالمصالحة الوطنية. نائب رئيس حزب الوفد