طول عمري أخاف م الفن وسيرة الفن وأهل الفن. طول عمري بحب الفن وجمال الفن ورموز الفن. طول عمري هائم قائم نائم أسمع وأدلع وأحب الفن. بس.. بس إيه اللي بتكتبه ده؟.. كلام له ألف معني ومعني.. اعذرني عزيزي القارئ ربنا زرع في نفسي موهبة مارستها وأنا تلميذ في الروضة.. ياه ده من زمان قوي؟.. أيام ما كان هناك مدارس وتربية وتعليم.. علم وثقافة وفنون.. أيام الزمن الجميل الله يرحمه ويرحم أمواته. نرجع تاني.. مارست هواية التمثيل منذ نعومة أظافري وبعد الثانوية العامة اجتزت سراً اختبارات أكاديمية الفنون بنجاح وقبلت في معهد الفنون المسرحية.. رجعت فرحان وفجرت القنبلة وكانت مفاجأة سي السيد والدي حطمت كل آمالي.. إزاي يا ولد رافض تبقي دكتور وعايز تبقي ممثل؟ ما أنت يا بابا علمتني أتفرج علي يوسف بك والريحاني وإسماعيل ياسين وسمعتني ثومة وعبدالوهاب وليلي مراد.. خلاص روحي وإحساسي بالفن ليس له حدود، وده طريقي اللي عايز أكمله. اخرج من بيتي.. لا أنت ابني ولا أعرفك.. يا نهار أسود.. دنا حبقي ابن عاق.. أوعي يا بني تعمل كده.. أنا في عرضك.. أبوك حيغضب عليك.. وحياتي عندك أرجع عن غيك وتكون دكتور.. ده كلام أمي الجميلة الغالية ودموعها كانت كالسيل المنهمر يفيض حناناً ورعباً وخوفاً من المجهول، أصل إحنا كلنا تربية بيوت ونوادي فقط ولا نعرف للشارع طريقاً.. حتي السينما والمسرح كانت زيارتهما عائلية كل أسبوع.. حظنا كده.. نشأنا وتربينا في بلد جميل راق متحضر.. مدينتي ومعشوقتي بورسعيد التي كانت ريفيرا مصر.. بقول كانت! المهم.. طويت قلبي بين ضلوعي لأخفي ضرباته التي أسمعها وانهمرت دموعي وأنا مختبئ تحت لحافي لكي لا يسمعني ولا يراني ولا يحاورني.. وكان قراري خوفاً علي أمي لأنني أول بختها الذي سيخيب في نظرها أمام جبروت سي السيد والدي المحترم العظيم صاحب القلب الطيب والمعذور لأنه يتمني أن يكون ابنه دكتور قد الدنيا. مارست الفن في الجامعة وقضيت الليالي بين دور السينما والمسارح، حيث كانت السيتينات التي تتسم بصحوة فنية لم تتكرر نتيجة تراكم السنين الثلاثينات والأربعينات والخمسينات من القرن الماضي حيث رواد التنوير ورواد الفنون في كل المجالات الفنية والثقافية. كان المسرح الجامعي حافلاً بالأمجاد والعروض المسرحية المصرية والأجنبية وكان يتبنانا مخرجون محترفون عظام وأعدنا تراث سيد درويش العظيم الذي أثري وجداننا بالألحان الشرقية المتطورة التي كانت بداية التطور الموسيقي الذي خرج بها من التخت الشرقي إلي موسيقي الأوبريت والأوركسترا، حيث استفاد منه من هم بعد سيد درويش حتي يومنا هذا. ازدهرت الفنون وذاع صيت الفنانين وأصبح الفنان ثروة قومية.. وبعد تخرجي التحقت بمعهد الفنون المسرحية.. كنت مصمماً علي التعليم الأكاديمي بجوار الموهبة.. وكان العمر قد ولي وانخرطت في تيارات الحياة المتقلبة وللأسف لم أحترف الفن الذي كنت قاب قوسين منه ولكني مارست الكتابة والنقد والتذوق ومازلت حتي اليوم أشعر أنني لم أحقق ذاتي. كان الفن المصري إحدي علامات الحضارة المصرية القديمة والحديثة وتراثنا كان يغطي العالم العربي كله ومنه من وصل إلي العالمية وازدهرت فنون السينما والمسرح والإذاعة والدراما والموسيقي والغناء وكل أنواع الفنون، وكانت المسارح تتصارع يومياً لجذب المشاهد المحترم الذي يبحث عن الثقافة والذوق الرفيع والمعلومة المحترمة التي لا تخدش الحياء وكانت العائلات دائماً تصحب أولادها لكي يستمتعوا بالفن الجميل. دخل مجال الفن تجار وأصحاب رؤوس أموال همهم الوحيد المكاسب المادية دون النظر إلي رسالة الفن حتي وصل الحال إلي الابتذال والتدني والألفاظ النابية والعري والفساد وغرس العادات السيئة في نفوس الشباب. تحول الفن المصري إلي ركاكة وسطحية وضآلة وقلة أدب.. وأغلقت المسارح الجادة وأفلست الحكومة وتخلت عن السينما والمسرح وكل الفنون الراقية وتحولت الميزانيات إلي مرتبات. قامت ثورة 25 يناير التي سرقها الإخوان.. وانتهت الفنون واستوردت القنوات الفضائية الدراما التركية والسورية وجاي في الطريق الدراما الصينية كسلعة كباقي السلع التي تغرق الأسواق المصرية. ضاع الفنانون وأصبحوا عاطلين بلا عمل ولا موارد، خاصة أن ليس كل الفنانين نجوماً تتقاضي الملايين فعددهم قليل. الغالبية العظمي من الفنانين في حالة سيئة وأحوالهم الاجتماعية تنذر بالخطر، فالموارد متوقفة والجيوب خاوية والأسعار مولعة.. وكل واحد بدأ يبحث عن مصدر رزق آخر ولكن للأسف هوه حد لاقي شغل؟.. انتهي الفن ونحن ننتظر صحوة جديدة ليعود الفن إلي مكانته وننقذ الفنانين من محنتهم ونعود للريادة الثقافية. ووسط هذا التخبط تظهر لنا أفلام بعناوين فجة وسيناريوهات غير محترمة وحوارات بذيئة وللأسف تدر الملايين علي أصحابها.. وكان قرار محلب بمنع «حلاوة روح» قراراً عظيماً ولا يمس حرية الإبداع لأن الإبداع الجيد يفرض نفسه، ففيلم «حلاوة روح» كانت فيه هيفاء وهبي حلوة بلا روح ولا ذوق ولا أدب في المناظر والحوارات والعيب فيمن صرح بعرض هذه الأفلام. يا حكومة اصحي وحاولي ضبط إيقاع المجتمع واضربي بيد من حديد كل خارج علي الأصول والأعراف المحترمة وامنعي باقي الأفلام.. لماذا حلاوة روح فقط؟.. دي البلاوي مالية السوق ومثل هذه الأفلام توجه الشباب إلي التحرش والجريمة وتفقد مصر ريادتها في الفنون المحترمة ويتحول الفن العظيم وخيرة الفنانين إلي روبابيكيا. المنسق العام لحزب الوفد