علاقة لا أخلاقية غامضة ملتبسة، تستفز العقل والوجدان، ليس لها سند من قيم وتقاليد الصداقة النبيلة، ومع ذلك فكل طرف عليه أن يفترض أو يتوهم أرضية مشتركة بينهما، وإن كان من المستحيل الإفصاح عنها أو الاقتناع بها، تنطلق من أسس ومبادئ متعارضة ومتباينة لا سبيل إلى التوفيق بينها، فالإخوان أصحاب نظرة أحادية للحياة والدين، يتوهمون أنهم وحدهم حماة الدين الصحيح وأصحاب الحقيقة المطلقة، ورسالتهم ودعوتهم نهاية التاريخ، والغرب يؤمن بالتعددية ويتبنى أيديولوجية علمانية تفصل بين الدين والسياسة، لكنها المصالح السياسية، تقفز فوق كل اختلاف، وتتكفل فى نهاية المطاف أن تجمع بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، بين رجل الدين وحليف الشيطان، ففى عالم السياسة كل شىء يمكن أن يكون مباحاً حتى لو تعارض مع الدين من غش وغدر وتزييف وتضليل. على جماعة الإخوان في علاقتها بالغرب أن تتجاهل كل أسس التنافر والتعارض، وعلى الغرب بدوره أن يختفى خلف قناع زائف من المودة والتسامح والدفاع عن حقوق الإسلام والمسلمين، تؤكد الجماعة في خطابها السياسي والإعلامي في الداخل تكفيرها الدولة المصرية وتعمل بكل إمكاناتها وطاقاتها على تخريبها لإقامة خلافتها المزعومة على أنقاضها، ولا تجرؤ على نقد الغرب العلماني الذى تحتمي به وتسبح بحمده وتعيش على أرضه وتأتمر بأمره وتسخر إعلامه وتشتريه للدفاع عنها بل تستنجد به وتحفزه على التدخل السافر فى شئون الدولة المصرية حتى لو وصل الأمر إلى التدخل العسكرى وإعلان الحرب عليها ومقاضاتها دولياً إذا لزم الأمر، تندد حرائر الجماعة وسبعة ونص بنساء مصر، وتعلن الجماعة أن صوت المرأة عورة، لكنها تلتزم الصمت تجاه مظاهرة عاريات باريس أمام سفارتنا المصرية بها تضامناً مع الإخوان، توجه الجماعة إرهابها إلى أبناء وطنها في الداخل والخارج، وتغض البصر عن مظاهر عداء الغرب للإسلام والمسلمين وتتمسح به وتعتبره منارة الحرية والعدالة والمساواة وحامى حمى الإسلام، ليت قادة الجماعة يطلعون على بعض آراء كبار مفكرى وفلاسفة الغرب لعلهم يوجهون خطابهم عن الإسلام الوجهة الصحيحة لتصحيح الصورة المغلوطة عنه لديهم. في ألمانيا على سبيل المثال تناول فيلسوف التاريخ والحضارة جوتفريد هيردر الحكومة الإسلامية باعتبارها النموذج الردئ للحكومة الاستبدادية، فهى تأتمر بأمر السلطان والسلطان بدوره يستمد سلطانه وهيبته من التعاليم الدينية وحدها، والفكر الدينى بل والدين ذاته مجرد أداة لتأكيد شرعية الوضع القائم، ولا مجال للاجتهاد وحرية الرأى أو ازدهار العلوم. وندد المؤرخ الكبير بوركهارت بالحضارة الإسلامية وأرجع انهيارها إلى نزعة الغرور والتكبر الشيطانية التى تملكت القلوب تجاه الشعوب التى لا تدين بالإسلام مما دفعها إلى إعلان راية الجهاد والحرب المقدسة لإعلاء كلمة الإسلام، ووصف هيجل فيلسوف ألمانيا الأشهر حضارة الإسلام باعتبارها حضارة التعصب، فالدين والإرهاب هو المبدأ الذى اتسمت به الفتوحات الإسلامية في بداياتها الأولى، أما فى فرنسا فقد أكد كلود ليفى شتراوس أن الإسلام دين يرتكز على العجز عن التواصل مع الخارج، يستحيل عليه تحمل وجود الغير كغير، بل يعتبره والعدم سواء، فالمسلم ليس بمقدوره أن يعتقد بوجود إيمان يخالف إيمانه . وفى أمريكا يكفى أن نتجه إلى فوكوياما في كتابه «نهاية التاريخ» لنراه يعلن أن الإسلام بعيد كل البعد عن الليبرالية التى ينشدها النظام العالمى الجديد، وبدوره يتوقع هنتنجتون في كتابه «صدام الحضارة» حتمية الصدام الثقافى بين الغرب والإسلام، فالحضارة الإسلامية بطبيعتها لا يمكن أن تكون ديمقراطية وتعددية تعتنق مبدأ المساواة واحترام القانون.