الأوراق الرسمية تقول إن هناك 11 منطقة عشوائية في محافظة البحيرة ومنها مناطق: الحوشي، عتمان، القلعة بمدينة دمنهور والكسارة برشيد وأبو بطيحة في حوش عيسي وقري البحيرة، لكن الواقع يؤكد أن العشوائيات تنتشر فى المدن، فضلا عن المناطق والقري العشوائية التي ظهرت فوق أملاك الدولة والأراضي الزراعية والتي تعدت 93 ألف حالة تعد وكانت البحيرة من أعلى المحافظات فى عدد التعديات التي التهمت آلاف الأفدنة من أجود الأراضي الزراعية. تجولت «الوفد» في المناطق العشوائية المنتشرة في المحافظة وكانت البداية في العشش المنتشرة حول السكة الحديد حيث التقينا مع محمد خطيب بالمعاش والذي قال: أقيم داخل هذا المكان غير الآدمى منذ عشرات السنين حيث تزوجت فيه وأنجبت وتزوجت بناتي وأصبحت جداً وأنا مازلت أقيم في هذا المكان الذي يفتقد كل مقومات الحياة البدائية ورغم أنني تقدمت بالعديد من الطلبات إلي مسئولي الإسكان في مجلس مدينة كفر الدوار لكي أحصل علي شقة تؤويني وتحميني من برد الشتاء وحرارة الصيف والحشرات التي تقاسمنا المكان ورغم مرور هذه السنوات الطويلة لم أحصل علي شقة بحجة أن هناك من هم أولي مني بالحصول علي وحدة سكنية وتساءل: أريد أن أعرف من هو أقل مني وهل هناك من يوافق علي أن يعيش الحياة والظروف التي أمر بها، ويواصل قائلاً: أنا لا أبحث عن نفسي فلم يعد في العمر مثلما مضي ولكني أريد أن أطمئن علي ابنتي الطالبة بالثانوية العامة وزوجتي المريضة. وتلتقط أطراف الحديث (أم أحمد) والتي كانت تقوم بغسيل الأواني والأطباق أمام منزلها وتقول الحكومات المتعاقبة أهملتنا وتركتنا نعيش حياة بدائية بدون مياه شرب نقية أو كهرباء أو صرف صحي ونعاني كثيرا كل عام مع دخول الشتاء حيث البرد القارس والرطوبة التي نخرت أجسادنا وأصابتنا بالأمراض العديدة فضلا عن سقوط الأمطار فوق رؤوسنا لأن السقف من الصفيح وقطع الأخشاب القديمة التي لا تحمينا من مياه الأمطار ونظل في ليالي الشتاء في حالة استيقاظ خوفا من انهيار السقف فوق رؤوسنا ونحتمي ببعضنا وأقوم بإحضار (الحلل) وأضعها فوق رأس أطفالي كي تحميهم من الأمطار ليتمكنوا من النوم لساعات قليلة. وتقول سناء محمود -طالبة جامعية- رغم قيامنا بثورتين للمطالبة بالعدالة الاجتماعية اعتقدنا أننا سوف نحصل علي حقوقنا كاملة ولكن كنا واهمين وساءت أحوالنا بشكل كبير وأصبحنا نعيش حياة بدائية تعانى من غياب الصرف الصحي ويقوم الأهالي باستخدام الطرنشات التي سرعان ما تحول الشوارع أمام العشش إلي بحيرات من مياه الصرف التي تجذب الحشرات والناموس مما يسبب لنا العديد من الأمراض خاصة الأطفال. كما تنتشر العديد من المناطق العشوائية في مدينة دمنهور ومنها: أحياء الحوشي وعتمان والقلعة ومعظم هذه الأماكن قريبة من المقابر حيث يعيش أهلها وسط حالة من الفقر الشديد والظروف الصعبة ويعانون الحرمان من جميع الخدمات بعد أن تناساهم المسئولون وكأنهم ليسوا مصريين حيث يقول أحمد صابر -عامل باليومية- ورثت العشة التي أقيم فيها من والدي وأنجبت 4 أبناء في مراحل التعليم المختلفة وأصيبوا بالربو بسبب الروائح الكريهة وأكوام القمامة التي تحيط بنا من كل جانب وسط حرماننا من أبسط الحقوق حتي مياه الشرب نقوم بإحضارها في الجراكن، فضلا عن قضاء حاجتنا في المساجد القريبة. وفي رشيد تعيش منطقة الكسارة حياة بدائية بعد أن تحولت شوارعها إلي بحيرات من مياه الصرف الصحي بسبب انخفاض منسوب الأرض عن أحياء مدينة رشيد وتنتشر الحشرات القارضة وسط الأهالي الذين اعتادوا علي ذلك ورغم الوعود الكثيرة التي تلقوها من المسئولين فإن تلك الوعود ذهبت أدراج الرياح. ولم تقتصر الأحياء العشوائية علي المناطق التي مرت عليها سنوات طويلة نظراً لاستغلال الأهالي حالة الانفلات الأمني وأقاموا العديد من المنازل فوق أراضي الدولة وظهرت أحياء كاملة فوق الأراضي الزراعية حيث وصلت التعديات إلي 93 ألف حالة تعد علي الحقول التهمت آلاف الأفدنة من أجود الأراضي الزراعية وظهرت أحياء عشوائية كاملة خاصة في طريق كفر الدوار - أبو المطامير ودمنهور - الدلنجات وإيتاي البارود - الرحمانية والتي تحولت إلي أحياء عشوائية تفتقد جميع الخدمات ويقوم الأهالي بالصرف علي الحقول الزراعية، مما ينذر بكارثة صحية خاصة مع عدم تدخل المسئولين. ولم يقتصر الأمر علي الأراضي الزراعية فقط، بل ظهرت الأحياء العشوائية بصورة مخيفة داخل المدن بعيدا عن خطوط التنظيم وسط غياب تام من المسئولين كما حدث في شارع المحكمة بكفر الدوار حيث قام الأهالي بالبناء دون انتظار خرائط التنظيم أو إدخال شبكات الصرف الصحي ومياه الشرب والكهرباء فتحولت المنطقة إلي عشوائيات.. منازل متداخلة وشوارع ضيقة، ونفس الأمر تكرر في مدينة دمنهور خاصة خلف مساكن أرض أدمون حيث تم بناء عشرات الأبراج والمنازل فوق الأرض الزراعية دون الحصول علي تراخيص بناء أو موافقة مجلس المدينة. ولم يتدخل المسئولون لمنع ظهور هذه الأحياء التي تزيد أعباء المحولات الكهربائية التي لم تتحمل تلك الزيادات كما تزيد أعباء شبكات الصرف الصحي التي لم تتحمل وانفجرت معظم المواسير. وهكذا تحولت المناطق العشوائية في البحيرة خاصة التي مر عليها سنوات طويلة إلي قنابل موقوتة قد تنفجر في أي لحظة في وجه المجتمع.