من يصدق أن مدينة رأس البر عروس المصايف المصرية والتي تم صرف ملايين الجنيهات علي تطويرها, ضمن مشروع التنسيق الحضاري في عهد محافظ دمياط الأسبق ووزير الاسكان الحالي, توجد بها واحدة من أكبر المناطق العشوائية بمحافظة دمياط, حيث أصبحت منطقة الصيادين تمثل عبئا علي مسئولي المحافظة فتلك المنطقة العشوائية يوجد بها نحو35 أسرة يعيشون داخل عشش مصنوعة من السدد والأكياب في عيشة غير آدمية حيث يسكنون وسط الحشرات والفئران ولا يوجد لديهم مياه للشرب أو صرف صحي لدرجة أنهم يلقون بمخلفاتهم في مياه نهر النيل المقابل لهم, وأصبح حل مشكلتهم وبطريقة انسانية أمرا ملحا, خاصة أن تلك العشش تتعرض للحرائق بصفة مستمرة وضاعت منهم تحويشة العمر أكثر من مرة بسبب تلك الحرائق. ولذلك هناك سؤال يطرح نفسه اذا كانت رأس البر قد تحولت الي مصيف عالمي بفضل أعمال التجميل والتطوير التي تمت فيها علي مدي الخمس سنوات الماضية, فلماذا لم يتم النظر الي سكان هذه العشش الموجودين منذ أكثر من خمسين عاما؟! يقول محمد ماهر طرابية من سكان العشش: اننا نعيش داخل تلك العشش المكونة من السدد والأكياب( الغاب والبردي) منذ أكثر من خمسين عاما ويوجد من الأهالي من يعملون بمهن الصيد وعمال باليومية وأصحاب معاشات, وكانت رأس البر في تلك الفترة عبارة عن تلال من الرمال وكانت العشش كلها من السدد والكيب, فالمنطقة التي نعيش فيها تختلف عن مدينة رأس البر حيث انها تعتبر امتدادا لقرية الصيادين بالجربي وهي قرية مقامة من عدد من العشش بطرق عشوائية, فنحن نعيش معيشة أقرب الي القرون الوسطي, معيشة بدائية جدا وحياة غير آدمية لا تصلح أن تعيش فيها حتي الحيوانات حيث لا يوجد لدينا صرف صحي ولا أي مرافق خدمية فنحن نقضي حاجتنا عن طريق حفر كبيرة بالأرض داخل العشش ومع الأيام تقوم الأرض بامتصاص تلك المخلفات وما يتبقي منها نقوم بإلقائه في مياه النيل المجاورة لنا, وهي الطريقة الوحيدة المتاحة للتخلص من مخلفاتنا. ويضيف: نقوم بالحصول علي مياه الشرب من خلال عدة طرق بدائية وهي الجراكن البلاستيكية من خلال ملئها من مصنع الثلج المجاور لنا أو عن طريق العمارات السكنية المجاورة, وفي فصل الشتاء نقوم بحماية أنفسنا من مياه الأمطار من خلال وضع المشمع البلاستيك فوق أسطح العشش, كما أننا نغلف به العشش من الداخل لحمايتنا من شدة البرد, كما أن عددا كبيرا من أهالي المنطقة يعانون الأمراض بسبب المعيشة الصعبة التي نعيشها, هذا فضلا عن وجود عدد كبير من الحشرات والفئران والكلاب والثعابين الذين يعيشون معنا كأنهم أفراد من أسرنا, فماذا أفعل ولدي ثلاثة أولاد في مراحل التعليم المختلفة ويعيشون وسط ظروف غير طبيعية بالمرة. ويضيف إبراهيم خميس ابراهيم من سكان العشش: اننا نعيش في مأساة, فقد احترقت العشش أكثر من مرة لأسباب غير معروفة حيث كنا نخرج من الحريق الواحد تلو الآخر بملابسنا فقط وضاعت تحويشة العمر أكثر من مرة, حيث كان كل همنا انقاذ أطفالنا من تلك الحرائق, وكانت العناية الإلهية قد أنقذت مدينة رأس البر من أكثر من كارثة جراء تلك الحرائق لأنه يوجد خلف تلك العشش محطة وقود وحاولنا أكثر من مرة إيجاد حلول لمشكلتنا, فمنذ بداية الثمانينيات ونحن نحاول ايصال صرخاتنا للمسئولين سواء بالمحافظة أو مجلس المدينة, ولكن دون جدوي ولكن عام في2002 وفي عهد د. عبدالعظيم وزير محافظ دمياط الأسبق, قرر تطوير المناطق العشوائية برأس البر وبالفعل تم تطوير المنطقة المجاورة لنا الكائنة بين مصنع ثلج حبة والقشاوي ولكن لم يقترب أحد منا واستغثنا بالسيد الدكتور محمد فتحي البرادعي محافظ دمياط الأسبق ووزير الاسكان الحالي ولكن وقف ضدنا وقال في أحد البرامج التليفزيونية التي جاءت تكشف مأساتنا بأننا نازحون من محافظات أخري, برغم أننا كلنا مصريون وأولادنا في مراحل التعليم المختلفة ومنهم من تخرج في التعليم الفني, وآخرون في الجامعات ولا يوجد ضمن سكان العشش أي مواطن خارج عن القانون, فالجميع ملتزم بتطبيق القانون برغم أننا لم نأخذ حقنا الطبيعي من الدولة. وعقب ثورة25 يناير ذهبنا الي اللواء محمد علي فليفل محافظ دمياط الحالي, وذلك عقب تسلمه مسئولية المحافظة مباشرة وقمنا بشرح أوضاعنا, وأكدنا له أن هناك أحد المهندسين بمجلس مدينة دمياط يعرف كل كبيرة وصغيرة عنا وعن مشكلتنا, وبالفعل استجاب لطلبنا وتم نقله الي مجلس مدينة رأس البر ووعدنا أنه سيقوم بحل مشكلتنا بعد انتهاء الموسم الصيفي برأس البر, ونحن الآن في انتظار تنفيذ هذا الوعد, خاصة بعد أن هدأت الأمور داخل المحافظة فنحن لا نطلب إلا تطوير المنطقة التي نعيش فيها فلايمكن أن يتم صرف الملايين علي مصيف رأس البر ونحن نعيش عيشة بدائية, حيث يحدونا الأمل في أن يتم القضاء علي مشكلة العشوائيات في تلك المنطقة.