كان محافظ الأقصر السابق د. سمير فرج هو الذي هدم منازل تصف المدينة بحجة أنها مقامة على مناطق أثرية أهمها طريق الكباش.. وهو الذي لم يوفر للمتضررين البديل المناسبة وأرغمهم على أن يسكنوا بطوف الوديان وأعالي الجبال.. وعليه أصبحت الأقصر حتى الآن خرابة ينعق فيها البوم والغربان.. وتحول طريق الكباش الذي أقمنا من أجله الدنيا ولم نقعدها حتى الآن الى خرابة تُلقى فيها القمامة ونفايات المنازل، وأصبح بؤرة تتوالد فيها جيوش الناموس والحشرات والهوام.. وهو الأمر الذي أصبح يقلق أجهزة الصحة في الأقصر. وعلى طريقه أتى اللواء طارق سعد الدين، حيث يسير على منهجه لكي يكمل مسيرة الخراب والدمار.. فإذا كان السابق قد دمر المدينة من داخلها.. فها هو اللاحق ينتقل بالمعركة الى خارجها ليضيف فصلاً مأساوياً جديداً لمسرحية الدمار لمدينة العز والصولجان، فيقرر فجأة تقويض وإجهاض أروع تجربة أبدعتها الوجوه السمراء ذات السواعد المعروفة من المزارعين بإصداره قراراً مفاجئاً تحت رقم 370 لسنة 2013 بإزالة الزراعات المقاومة على حوالي 70 فداناً بمنطقة صحراء قرية البغدادي بمركز الأقصر. كل ذلك الجهد الانساني المشرف يجري الإعداد لمحوه من على خريطة الوجود من أجل إنشاء منطقة صناعية تولدت فكرتها العشوائية مع نهاية عام 2013 فالتفكير العاقل يشير الى أنه يبعد عن هذه الزراعات بحوالي كيلو واحد في صحراء منبسطة حتى الحدود مع محافظة البحر الأحمر وهي تصلح لإقامة عشرات المدن وليس مدينة واحدة، ولكن الأفكار ترى أن تدمير الأرض الزراعية أسهل من تمهيد المناطق الصحراوية. ولنا أن نتساءل من السابق؟ ومن اللاحق؟ بمعنى هل المنطقة الصناعية رفعت مساحياً قبل التعدي على الأرض أم أن العكس هو الصحيح، حيث إن مساحة المنطقة تأتي بعد زراعة الأرض بسنوات بعيدة. ولو أنه تمت معاينة الأرض عند الرفع المساحي ووجدت مشغولة بالزراعة وعمر النخيل المعمر، لما حدث ذلك؟ أم أن الرفع تم نظرياً وداخل غرفة مغلقة؟ وهناك أمر آخر يطرح نفسه للسؤال وهو عند المعاينة ومشاهدتهم لأنواع الزراعات المختلفة من قصب وقمح ونخيل وموالح.. ألم يتم التساؤل عن نوع التعامل مع أملاك الدولة؟ مع المزارعين حتى يتم تقنين أوضاعهم؟ ألم يصدر في الأقصر أكثر من ألف قرار إزالة لتبوير الأراضي ولم ينفذ سوى عدد محدود بأصبع اليد فلماذا الإصرار على هذا القرار؟ هل الموقف عناد للتدمير في الزراعة؟ ونحن نعفي الأمن وجهاز الشرطة من الحرج في هذه الظروف. هذه الأرض الزراعية تقع بحوض بربخ السيل لمشروع الترعة العالية رقم 6523 والذي أقامه الراحل خالد الذكر الزعيم جمال عبد الناصر والذي استجاب له الفلاحون في حينه وهرعوا الى المنطقة لترويض رمالها واستنطاق صخورها حتى جاءت بالمحاصيل الزراعية وتحولت الى منطقة سندسية خضراء اللون بها 22 فدان قمح سنابل طازجة و10 أفدنة برسيم حجازي و20 فدان موالح وفواكه و22 فدان قصب سكر متعاقد على توريدها لمصانع سكر قوص وأرمنت ويتوسط كل ذلك أحواش تربية الأبقار والجاموس والأغنام وآخر للطيور ويزين هذه المنطقة الزراعية خمس وحدات موتورات ارتوازية مرتبطة بشبكة مساقي ري عالية بالصبات الخرسانية والخوف من أن التدمير المفاجئ لاتلاف الزراعات الحالية والقضاء على فلسفة التنمية الزراعية سيكون درساً لأجيال الفلاحين القادمة فتعزف عن المشاركة في استصلاح الأراضي الصحراوية ولها في تجربة تدمير زراعات البغدادي أبلغ درس لن تنساه ذرياتهم، حيث دفن في صدورها المستقبل يوم أكل الثور الأبيض «واللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي». فمن الذي يسعى.. وأين الأذن التي تسمع في الأقصر ولم يبق إلا من بيده الكلمة الصواب ليردع جيوش شمشون الأقصر من أن تبسط كلمتها وتسطر عملها بحروف مأساة يكتوي بلهيب شواظها أيد بريئة. والأمر في ذلك مفوض للسيد المحترم المصري الوطني السيد رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب لاقالة محافظ الأقصر. حتى لا يتبين أن السم كان يستقر في قاع الكأس ولك الله يا مصر الحبيبة. عضو الهيئة العليا