عندما تبدأ الأسماك وبعض فصائل الكائنات الحية فى الهجرة نحو القطبين، تاركة المناطق الأخرى من بلدان العالم وراءها كالفراغ، أعلم انها مؤشرات غضب الأرض على سلوك الإنسان وقسوته مع البيئة قد بدأ، ولتكشر الطبيعة عن أنيابها، وتعبر عن غضبها بطريقتها المدمرة، فقد سمعنا كثيراً عن آثار الاحتباس الحرارى الناجم عن التلوث المناخى، وتصاعد هذه الملوثات إلى الغلاف الجوى لتزيد من ثقب طبقة الأوزون المسبب لارتفاع درجة حرارة الأرض وهلاك البشر والمحاصيل وكثير من الكائنات الأخرى. وتم فى هذا الإطار عقد عشرات المؤتمرات لبحث الظاهرة واصدار التوصيات، التى توصى الإنسان بأن يتعامل مع الأرض والبيئة بشيء من الرفق والحرص والإنسانية، لكن يبدو أن كل هذا ذهب هباء، بسبب إصرار الدول االكبرى على السير قدما فى الصناعات وأساليب الحياة والإنتاج والطاقة التى تخلف وراءها الملوثات البيئية المسببة لظاهرة الاحتباس من غاز ثانى أكسيد الكربون، والآن بدأت مؤشرات الخطر الحقيقية فى الظهور. ولأجل هذا قام عدد من العلماء والخبراء اليابانيون في مدينة يوكوهوما اليابانية بعمل تقرير مفصل حول تأثير التغير المناخي على الأرض خلال السنوات المقبلة، وعلى التوازي بدأ عدة مئات من أعضاء منتدى المناخ بالأمم المتحدة منذ يوم الثلاثاء الماضى في إنجاز هذا التقرير بمساعدة يابانية كبيرة، وهذا التقرير هو الأول من نوعه منذ عام 2007، ويعد ثاني إصدار ضمن سلسلة من التحليلات التي قامت بها فرق بحث دولية عدة. ووفقاً لما اورده موقع شارل ايوب اللبنانى، فإن التقرير تضمن آليات التغير المناخي، وانتهى إلى أن ارتفاع درجة حرارة الأرض أصبح «أمراً واقعاً»، وتم تسريب عدد من مسودات للتقرير باسم «ملخص متخذي القرار»، لكن لم تصدر النسخة النهائية، حتى يوافق المشاركون من العلماء وممثلو الحكومات على محتواها، ويتضمن فصولاً عن صحة الإنسان، والأمن والصراع الغذائي، وأربعة فصول عن طرق التكيف مع تبعات التغير المناخي. ويقول كريس فيلد، الرئيس المشارك لمجموعة العمل القائمة على التقرير: «لدينا المزيد من المعلومات عن المخاطر التي ستؤدي إليها الظاهرة، كذلك لدينا المزيد من الرؤى حول طرق تقليل هذه المخاطر، فآثار الاحتباس الحراري ظهرت بالفعل، سواء كانت ذوبان الجليد، أو تراجع أعمار الأشجار أو تغير كميات الأمطار». ويضيف التقرير « ومن المتوقع أن تزيد مخاطر «الأنظمة البيئية محل التهديد «مع ارتفاع درجة الحرارة درجة مئوية واحدة، إذ من المرتقب حدوث موجات حارة وفيضانات، خاصة في آسيا، ومع زيادة درجة الحرارة درجتين مئويتين، ستزداد مخاطر ذوبان الجليد في القطبين والتأثير على الشعاب المرجانية، وفي مجال الزراعة، ستتناقص المحاصيل الزراعية بنسبة 2% كل عقد خلال القرن المقبل بالتزامن مع زيادة حادة في تعداد سكان الأرض، ويتوقع التقرير زيادة الوفيات مع ارتفاع درجة حرارة الأرض، وستضطر بعض فصائل الكائنات الحية، بما فيها الأسماك، إلى الهجرة نحو القطبين، وهو ما يعني أن سكان المناطق التي ستهجرها هذه الفصائل سيتعين عليهم البحث عن مصدر آخر للبروتين. كذلك يشير التقرير إلى زيادة الأحماض في المحيطات ضمن الأخطار التي تواجه أمن وهجرة البشر، وتباين مستويات التغير المناخي على مختلف بقاع الأرض، كما يرصد طرق التكيف مع هذه التغيرات من خلال مجموعة من الجداول تم تصنيفها حسب حدتها وخطورتها، كما يرصد المخاطر التي يمكن تقليلها باتخاذ بعض الخطوات الوقائية، ويفسر التقرير التأثيرات والتغيرات التي ستواجهها الأرض خلال القرن المقبل، كما سيرصد الطرق الممكنة للتقليل من حدة هذه التأثيرات.