«أنا بحلم بابني كل يوم بيجري وناس كتير بيجروا وراه وهو بيصرخ ويقول حقي يابا متسيبش حقي»، بهذه الكلمات بدأ رمضان عرفة زكي، بائع متجول حديثه مع «الوفد».. سألناه عن تفاصيل القصة؟ فبعينين زائغتين قال: سأروي لكم التفاصيل منذ ثلاثة أشهر وبالتحديد في 10 يناير 2014 كنت أتابع عملي في بيع الخردة وتأخرت في الشارع وكان ذلك اليوم به العديد من الاضطرابات وكانت رخصة «الموتوسيكل» الذي استخدمه في عملي منتهية الصلاحية وخفت أن أقع في أيدي رجال الشرطة ولأنني أسكن في عزبة خير الله وكنت في هذا الوقت في وسط القاهرة فقررت المبيت عند أحد أقاربي. يصمت «رمضان» للحظات ثم يتابع: أنا أصلاً من بني سويف ولكني أسكن في عزبة خير الله منذ سنوات وعندي خمسة أبناء، ثلاث بنات وولدان، أوسطهم «محمد» عمره 13 عاماً، وكان يساعدني في المعيشة بمثابة ذراعي اليمني، التي قطعت بموته ولم يعتد محمد المبيت خارج المنزل، ولكن في تلك الليلة وعندما عدت إلي المنزل متأخراً أخبرتني والدته أنه لم يبت في المنزل منذ ليلة أمس. انهمرت الدموع من عينيه وكأنه يتذكر ما حدث لمحمد، ومضي: بحثت عنه في كل مكان لم أترك شبراً في عزبة خير الله إلا وبحثت عليه فيه ولكن دون جدوي، ظللت علي هذه الحالة لمدة أربعة أيام وأصبت بحالة من اليأس في العثور عليه بعد خمسة أيام، قررت أن أبلغ الشرطة ولأن لي قريباً يعمل أمين شرطة أبلغته بنيتي في الإبلاغ عن اختفاء محمد وبمجرد عودتي إلي المنزل وجدت رئيس مباحث دار السلام يطرق الباب وسألني: أنت والد محمد رمضان زكي؟.. صمت وانتابني شعور بأن ابني حدث له مكروه ولكن لم أتوقع أنه مات، فقلت له: نعم.. وبكل جفاء قال لي: ابنك مات. طأطأ رأسه في الأرض وأمسك بصورة ابنه الشيء الوحيد الذي بقي منه، يردد «يا حبيبي يا ابني»، وتابع: استقللت سيارة الشرطة لأري مكان الحادث الذي كان أمام مصنع سجاد بالعزبة ملك محمود زكريا، لم أكن أتخيل أنني سأري فلذة كبدي علي هذه الحالة، فقد وجدته وصديقه رجب عبدالحميد حامد 13 عاماً، لأن معظم من شاهدوهما آخر مرة كانا معاً منتفخي الجثة مع خروج لسانه وعينيه، منظر بشع صعقت من هول المنظر ورحت أصرخ وأولول كالنساء، وطلبت من رئيس المباحث استدعاء النيابة العامة لمعاينة الحادث، إلا أنه قال لي: اليوم الجمعة والنيابة في إجازة سوف ننقلهما إلي المشرحة ونري ماذا سيحدث، ورغم إصراري علي عدم نقلهما إلا أن رجال الشرطة حملوهما إلي المشرحة وهناك أصررت علي إجراء تشريح للجثة لأعرف سبب موته وتم تشريح الجثتين وحررت محضر تغيب لهما برقم 369 لسنة 2014 جنح دار السلام. وبوجه يكسوه الحزن والألم قال رمضان غريب: والذي يجعلني أشك في أمر الوفاة أن تقرير الطب الشرعي لم يصدر حتي الآن رغم أنني أطالب به حتي يستريح قلبي، إلا أن الطبيب الشرعي ورجال الشرطة يتعنتون معي ولا أعرف لماذا.. وانتابتني حالة من الشك بعد أن عرفت أن ابني كما يقولون توفي نتيجة إفراغ حمولة من السجاد فوقهما بوزن 6 أطنان رغم أن ذلك المكان يجلس أمامه أحد الخفراء فكيف دخل الصبيان إلي هناك؟.. ولماذا لم يعترضهما أحد إذا كانت هذه الحقيقة؟.. ولذلك توجهت إلي النيابة واتهمت صاحب المصنع بالتسبب في وفاة ابني وصديقه ومنذ ذلك الوقت وأنا لا أعرف سبب وفاته الحقيقي وهل هو توفي قضاء وقدراً أم أنه قتل؟.. نفسي أعرف ابني مات إزاي؟ حسبي الله ونعم الوكيل لأنني لا أري النوم منذ دفنه تحت التراب لأنني في كل ليلة أراه في الحلم يجري وكأنه خائف من شيء ما ويجري خلفه عدد من الأشخاص ويصرخ ويناديني: «يابا حقي اوعي تسيب حقي»، وأصبح البيت بلا معني وخيم عليه الحزن والسواد.