ينفرد المرشح الرئاسي المحتمل عبد الفتاح السيسي دون غيره من سائر المرشحين المحتملين - بخاصية فريدة لا ينازعه فيها مرشح آخر، ألا وهى أن برنامجه الانتخابي يتكون من جانبين أساسيين هما: الجانب الأول: جانب تطبيقي عاجل وهذا الجانب نفذ سلفاً - دون قصد من السيسي - وهو بعنوان «انقاذ مصر». أما الجانب الثاني: فهو جانب نظري آجل ويحمل عنوان «مستقبل مصر». وعن الجانب الأول التطبيقي «إنقاذ مصر» هدفه واضح من العنوان الذي حمله ألا وهو انقاذ مصر من سائر الأخطار المحدقة بها وهى ثلاثة أخطار محتملة: أولاً: تقسيم مصر وتفكيك اجزائها والتفريط في أجزاء عزيزة من أرضها في سيناء وحلايب وشلاتين حسب ما تم الاتفاق عليه مع حماس والسودان. ثانياً: الإرهاب المسلح الذي حمل لواءه رموز الجماعة الارهابية بالتهديد والوعيد والترويع لأفراد الشعب المصري. ثالثا: الحرب الأهلية التي كان من المتوقع أن تندلع بين تيار الأهل والعشيرة من جانب وبين جموع الشعب المصري - بكافة أطيافه السياسية - من جانب آخر. ولسوف يقف التاريخ طويلاً أمام الملحمة البطولية الرائعة التي صاغها الشعب المصري بحسه الوطني وادراكه لخطورة المرحلة، ومن هنا جاء تفاعله الايجابي مع برنامج السيسي بذلك الخروج الأسطوري الرائع يومي 30 يونية و26 يوليو سنة 2013 وخروجه الأسطوري الآخر يومي 14 و15 يناير 2014 في الاستفتاء على الدستور والتصويت بنعم في إجماع غير مسبوق في تاريخ الاستفتاءات على الإطلاق. وعن الآليات أو الخطوات الاجرائية التي وظفها السيسي لتحقيق الجانب الأول من برنامجه الانتخابي التطبيقي العاجل «إنقاذ مصر» فقد جاءت في خمس خطوات متتالية إلا وهى: أولاً: موافاة رئيس الجمهورية السابق - أكثر من مرة - بتقدير الموقف الداخلي بعد أن استشعر الخطر المحدق بالبلاد. ثانياً: المبادرة بالدعوة الى اجتماع كافة القوى السياسية للتحاور والتشاور لحل الأزمة المحدقة بالبلاد أثر اصدار الاعلان الدستوري الباطل، وبعد موافقة الرئيس السابق عاد - بعد أن استشار مكتب الارشاد - ورفض الدعوة. ثالثاً: امهال الرئيس السابق اسبوعاً كاملاً لحل الأزمة والاستجابة لنداء جموع الشعب والموافقة على اجراء انتخابات رئاسية مبكرة، دون جدوى. رابعاً: تجديد المهلة بمهلة أخرى مدتها 48 ساعة دون جدوى كذلك. خامساً: التنفيذ العملي للجانب التطبيقي - إنقاذ مصر - من البرنامج الانتخابي يوم 3 يوليو سنة 2013 والمتمثل في اقصاء الرئيس السابق واقرار خارطة المستقبل. أما عن الجانب الثاني النظري وهو بعنوان «مستقبل مصر» - كما سبق أن أسلفنا بالذكر - فلعلها المرة الأولى في تاريخ البرامج - على اختلاف أنواعها - أن يسبق «التطبيق» «النظرية» فدائماً النظرية مقدمة علي التطبيق، بيد أن السيسي خالف كل الأعراف وبدأ بالتطبيق. وهنا يجدر التساؤل: لماذا استهل السيسي برنامجه الانتخابي بالتطبيق مخالفاً كل الأعراف في البرامج الانتخابية؟ الجواب واضح وهو أن السيسي استشعر الخطر وادرك بحسه الوطني ضرورة البدء «بالتطبيق» - لانقاذ مصر - وتأجيل «النظرية» - الخاصة بمستقبل مصر - لأنه عد «الانقاذ» بمثابة جراحة عاجلة ينبغي الاسراع باجرائها لتفادي الأخطار التي اسلفنا في ذكرها، ولا ضرر من تأجيل «النظرية»، لأنه لا جدوى من الحديث عن المستقبل قبل انقاذ البلاد من الأخطار المحدقة بها. وعن مفردات الجانب النظري من البرنامج الانتخابي للسيسي وهو بعنوان «مستقبل مصر» فمن السابق لأوانه طرح ذلك حالياً دون الاطلاع عليه.