تدور منذ فترة أقاويل كثيرة حول مبادرات تطرح من هنا وأخري من هناك، حول فكرة المصالحة مع جماعة الإخوان، خاصة أن الدستور الجديد قد حرص علي تأكيد حق المصريين جميعا في ممارسة حقوقهم السياسية وكافة الحريات الأخرى. هذا الأمر يجعلني أتساءل: أيهما أفضل لمصر، المصالحة مع الارهاب أم أن مصلحة مصر في مواصلة الحرب ضدالإرهاب والإرهابيين والقضاء عليهم؟؟. وللإجابة عن هذا التساؤل هناك اتجاهان، أولهما يرفض رفضا تاما مبدأ المصالحة، خصوصا مع الذين ارتكبوا الجرائم في حق الوطن والمواطنين. أصحاب هذا الرأي يرفضون المصالحة مع كل من تلوثت أيديهم بالدماء الطاهرة أوسعي الي تخريب وتدمير الوطن وترويع المواطنين، هؤلاء يرون انه قد كتب علينا القتال مع الإرهاب والإرهابيين، ولابد لنا أن ننتصر ونقضي علي الإرهاب وعلي كل من يسانده أو يعاونه، حتي نتخلص تماما من تلك البؤر الإجرامية . أما الاتجاه الآخر، فيري أن مصر الآن والمصريين في أشد الحاجة لأن تستقر البلاد وتبدأ علي طريق التقدم والرقي، وأن تعود الاستثمارات والسياحة إلي ما كانت عليه. هذا الاتجاه ينادي بضرورة حقن دماء المصريين ومحاولة الوصول إلي حل يرضي الطرفين، خاصة ان الحرب ضد الإرهاب أمر قد يطول أمده، وبالتالي ستظل البلاد في تلك الحالة من شبه الفوضى، ولا شك أن هذا يحول دون الاستقرار وبالتالي الانتعاش والانتاج. أصحاب هذا الرأي يؤكدون أن مصلحة البلاد خاصة الاقتصادية - في ظل الظروف الحالية –تفرض علينا وضع حد لهذه الفوضى، لكي تستقر البلاد وتبدأ عجلة الانتاج من جديد، ولكن بشرط محاكمة كل من ارتكب جرما في حق الوطن والمواطنين. وبنظرة متأنية للموقف الغربي وبصفة خاصة موقف أمريكا وحليفتها إسرائيل، نجد انهم مصرون علي تنفيذ مخططهم المسموم في منطقة الشرق الأوسط، وهم في سبيل تنفيذ هذا المخطط يضغطون علينا وعلي دول الخليج المساندة لنا ، في محاولة لإجراء التصالح مع جماعة الإخوان، حتي تتمكن تلك الجماعة من التقاط الأنفاس وترتيب الأوراق، ويتمكنوا من الوثوب مرة أخري للحكم، ويتمكن الغرب - بالتالي - من تنفيذ مخططهم المسموم في المنطقة. من هنا، فإني اتصور أن فكرة المصالحة التي يصر عليها الغرب تهدف في الحقيقة إلي دعم جماعة الإخوان من أجل العودة مرة أخري للساحة السياسية، كل هذا من أجل تنفيذ المخطط الغربي المسمى بالشرق الأوسط الجديد. ومن ناحية أخري، إذا نظرنا إلي موقف جماعة الإخوان – خاصة القيادات العليا منهم - وإصرارهم علي عودة الرئيس مرسي للحكم مرة أخري بحجة الشرعية، سنجد - أيضا - ان هذا الموقف بدوره يهدف الي دعم المخطط الغربي، الرامي إلي تفتيت الشرق الأوسط وإشاعة الحروب بين الطوائف الإسلامية ومحاولة النيل من جيش مصر، باعتبار انه هو الجيش الأقوى في المنطقة. ومن هنا، فإني اتصور أن هذا التشدد من جماعة الإخوان والإصرار غير المبرر علي مثل تلك المطالب، ما هو الا مجرد حجة واهية، الغرض منها مساندة الدول الغربية، خاصة أمريكا وإسرائيل لتحقيق مخططهم المسموم في المنطقة العربية، لا سيما وأن في تنفيذ هذا المخطط ستكون هناك الفرصة سانحة لكي تحقق تلك الجماعة بدورها اهدافها في المنطقة العربية. خلاصة القول.. إن كل هذه الأمور الآن اصبحت لا تخفي علي أحد، فأنا علي يقين من أن الشعب المصري وقف علي حقيقة الإخوان وأهدافهم واهداف أمريكا وإسرائيل، فالجميع الآن علي علم تام بأن الإخوان هم عملاء لأمريكا وإسرائيل ودول الغرب ، وهم الآن يسعون إلي تخريب وتدمير منطقة الشرق الأوسط، لإنشاء ما أسموه بالشرق الأوسط الجديد المهلهل المفتت المهدد بالضياع. الشعب المصري الآن عرف هذه الحقيقة، وعرف أيضا الدور الذي تلعبه جماعة الإخوان في تنفيذ هذا المخطط، وأنا علي يقين أن شعبنا قادر علي التصدي لمثل هذه المؤامرات الخسيسة. لقد سبق لشعبنا العظيم وجيشنا الجسور الوقوف أمام جيوش إنجلترا وفرنسا واسرائيل إبان العدوان الثلاثي علي مصر في عام 1956، حينما حاولوا فرض ارادتهم علي قناة السويس، لقد هب الشعب المصري آنذاك لمساندة جيشه العظيم، حتي وصل إلي النصر وتطهير وطننا من دنس إسرائيل والغرب، ولا يفوتني ايضا أن أذكر ملحمة العبور في حرب 1973، حين ضحي شعبنا الابي بالآلاف من شبابنا، لتطهير سيناء الحبيبة من المحتل الإسرائيلي وعودتها مرة أخري لوطننا العزيز. وأخيرا.. فإني علي ثقة تامة أن الشعب المصري بكل طوائفه، سيعود سريعا إلي وحدته التي ابهرت العالم في ثورة 25 يناير 2011، وأنه سوف يجتاز تلك المحنة العصيبة بإذن الله، وإني علي يقين أنه وبمجرد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية، سيفيق شبابنا المضلل من تلك الغفوة وسوف يلتئم في الصف الوطني، ويعرف أن الوطن للجميع وان مصر للمصريين وليست لغيرهم، وبعون الله ستبدأ مصر طريقها الصحيح للتقدم والرقي. فإذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر. حفظ الله مصر وجنبها الكارهين والغافلين.