أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية، بدر عبد العاطى، أن الوزارة قامت بتعميم ورقة رسمية على جميع سفارات مصر بالخارج ووسائل الإعلام الأجنبية بهدف التواصل مع الحكومات ووسائل الإعلام فى دول الاعتماد تتضمن عناصر الموقف المصرى بعد انتهاء العديد من جولات التفاوض مع الجانب الإثيوبى، والتأكيد على موقف مصر الثابت من ملف مياه النيل الذى يستند إلى مبادئ المنفعة المتبادلة وعدم إلحاق الضرر بأى طرف، فى إطار جهود وزارة الخارجية لشرح الرؤية المصرية الخاصة بمشروع سد النهضة للمجتمع الدولى وآثاره المباشرة المحتملة على مصالح وأمن مصر القومى. تتناول الورقة بشكل مفصل مراحل تطور هذا الملف منذ الإعلان عن مبادرة حوض النيل منذ عشر سنوات، والاتفاق على قيام دول النيل الشرقى التى تشمل مصر والسودان وإثيوبيا بإعداد دراسة مشتركة لمشروعات الربط الكهربائى والتجارة الإقليمية للطاقة، والتى توصلت إلى إنشاء سدين على النيل الأزرق هما: سد ماندايا وسد Border. وقال المتحدث الرسمى بأن التقرير الدولى اشار إلى أن المستندات الخاصة بالتصميمات الهندسية ومعدلات الأمان فى المستوى الأول لبناء السد، والتى لم تكن جيدة، حيث طالبت اللجنة الدولية إلى ضرورة الانتباه للسد المساعد والذى يحتوى تصميمه على نقاط ضعف، كما أن دراسات الجدوى والدراسات المالية لم تقدم إلى اللجنة الدولية، فضلاً عن عدم إمدادها بدراسات طُلبت خلال فترة عملها على مدى عام، مشيرًا إلى أن نماذج المحاكاة للتصميم الهيدرولوجى وبحيرة التخزين، يوضح تأثيرات سلبية على احتياجات المياه فى مصر، كما أن له تأثيرًا سلبيًا على توليد الطاقة من السد العالى، مع الأخذ فى الاعتبار المواصفات الحالية المعلنة من جانب الحكومة الإثيوبية والتى تفترض مقاييس محددة لملء الخزان على مدى 6 سنوات. وتكرر مصر موقفها بأنه انطلاقًا من روح التعاون والرغبة الجيدة من الجانب المصرى للوصول إلى اتفاق مع الحكومة الإثيوبية حول المشروع، قام وزير الخارجية السابق بزيارة إلى أديس أبابا فى يونيو 2013، لتبادل وجهات النظر مع نظيره الإثيوبى حول نتائج تقرير اللجنة الدولية، واتفقا على مباشرة العمل معًا على مستوى فنى وسياسى واستشارى، بمشاركة السودان لتنفيذ توصيات اللجنة الدولية بشكل سريع. واعترف وزير الخارجية الإثيوبى خلال الزيارة بتقرير اللجنة الدولية وما جاء فيه، مؤكدًا حرص بلاده على عدم التسبب فى أى ضرر لمصر. ويوضح التقرير إنه على الرغم من الاتفاق للبدء سريعًا فى تشكيل فريق من الخبراء لتنفيذ توصيات تقرير اللجنة الدولية، خصوصًا أن الحكومة الإثيوبية لا تزال تسرع فى معدلات البناء فى موقع السد، إلا أن أول اجتماع عقد على مستوى وزراء المياه فى مصر والسودان وإثيوبيا بعد 5 أشهر فى نوفمبر 2013، وأعقبه جولتان فى ديسمبر 2013 ويناير 2014. وقد حرصت مصر خلال الجولات الثلاثة للتفاوض على الوصول إلى آلية مشتركة مع الجانبين الإثيوبى والسودانى لتنفيذ توصيات اللجنة الدولية، وتم الاتفاق على بعض البنود فى الجولة الثانية مثل اللجوء إلى استشارى دولى لاستكمال الدراسات غير المكتملة، والانتهاء من جميع الدراسات فى مدة لا تزيد على عام، إلا أن التفاوض وصل إلى طريق مسدود، بسبب عدم موافقة الجانب الإثيوبى على وجود خبراء أجانب، وإصرار مصر على وجودهم للتأكيد على وجود الخبرة والحرفية الفعالة وتقديم الرأى الفنى المستقل فى حالة وجود خلاف بين أعضاء اللجنة الوطنيين. كما رفضت إثيوبيا خلال جولات التفاوض مناقشة عرض مصرى بإجراءات لبناء الثقة. وفى الوقت الذى تؤكد فيه مصر دعمها لحق إثيوبيا أو أى من دول منابع النيل فى التنمية واستخدام المياه لتحقيق متطلبات التنمية، بل وحرصها دائمًا على أن تكون طرفًا فى دعم مشروع التنمية فى دول حوض النيل؛ فإنها تؤكد على رفضها الكامل لمبدأ الإضرار بمصالح أى طرف، وأنه على الرغم من غياب أية دراسات خاصة بالتداعيات البيئية والهيدرولوجية، إلا أن الحكومة الإثيوبية للأسف تستمر فى بناء السد بما يمثل خرقًا وانتهاكًا صريحًا لمبادئ القانون الدولى والاتفاقيات السابقة والتى تقضى بعدم بناء أى مشروعات مائية قد تتسبب فى إلحاق الضرر بدول المصب، حيث تنص المادة الثالثة من اتفاقية عام 1902 بعدم بناء أو السماح بأية أعمال على النيل الأزرق وبحيرة تانا ونهر السوباط، بما قد يعيق تدفق المياه إلا باتفاق مسبق. كما نصت المادة الخامسة من الاتفاق الموقع بين مصر وإثيوبيا عام 1993 على الامتناع عن الدخول فى أية أنشطة فى مياه النيل قد تلحق الضرر بمصالح الطرف الآخر. وذكر المتحدث أن الورقة المصرية تحدد موقف مصر بأنه على الرغم مما سبق فإنها لا تزال مستعدة للدخول فى مفاوضات جادة وشفافة مع حكومتى إثيوبيا والسودان للوصول إلى إتفاق يستند إلى مبدأ تحقيق المكاسب للجميع، وبحيث يأخذ فى الاعتبار شواغل التنمية بالنسبة لإثيوبيا واهتمامات السودان مع الحفاظ على أمن مصر المائى. كما تؤكد مصر أن غياب التوصل لمثل هذا الاتفاق واستمرار بناء السد وخلق أمر واقع يمثل تهديدًا صريحًا لأمن مصر المائى وأمنها القومى.