عيار 21 الآن يسجل تراجعًا جديدًا.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 30 أبريل بالمصنعية (التفاصيل)    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    «المقاطعة تنجح».. محمد غريب: سعر السمك انخفض 10% ببورسعيد (فيديو)    متحدث الحكومة يرد على غضب المواطنين تجاه المقيمين غير المصريين: لدينا التزامات دولية    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    مصدران: محققون من المحكمة الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبية بغزة    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    مستشارة أوباما السابقة: بلينكن لن يعود لأمريكا قبل الحصول على صفقة واضحة لوقف الحرب    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي في الدوري المصري    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي في الدوري    حقيقة رحيل محمد صلاح عن ليفربول في الصيف    الإسماعيلي: نخشى من تعيين محمد عادل حكمًا لمباراة الأهلي    الأهلي يفعل تجديد عقد كولر بعد النهائي الإفريقي بزيادة 30٪    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    مصدر أمني يوضح حقيقة القبض على عاطل دون وجه حق في الإسكندرية    حشيش وشابو.. السجن 10 سنوات لعامل بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في سوهاج    محافظة المنوفية تستعد لاستقبال أعياد الربيع.. حملات مكثفة للطب البيطرى على الأسواق    الغربية تعلن جاهزية المتنزهات والحدائق العامة لاستقبال المواطنين خلال احتفالات شم النسيم    حظك اليوم برج القوس الثلاثاء 30-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    شم النسيم 2024: موعد الاحتفال وحكمه الشرعي ومعانيه الثقافية للمصريين    مصطفى عمار: القارئ يحتاج صحافة الرأي.. وواكبنا الثورة التكنولوجية ب3 أشياء    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    بعد اعتراف أسترازينيكا بآثار لقاح كورونا المميتة.. ما مصير من حصلوا على الجرعات؟ (فيديو)    ما رد وزارة الصحة على اعتراف أسترازينيكا بتسبب اللقاح في جلطات؟    مجدي بدران يفجر مفاجأة عن فيروس «X»: أخطر من كورونا 20 مرة    توفيق السيد: لن يتم إعادة مباراة المقاولون العرب وسموحة لهذا السبب    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    محافظ دمياط: حريصون على التعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية    أخبار 24 ساعة.. وزير التموين: توريد 900 ألف طن قمح محلى حتى الآن    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    تراجع مبيعات هواتف أيفون فى الولايات المتحدة ل33% من جميع الهواتف الذكية    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    محافظ كفر الشيخ يشهد الاحتفالات بعيد القيامة المجيد بكنيسة مارمينا والبابا كيرلس    7 معلومات عن تطوير مصانع شركة غزل شبين الكوم ضمن المشروع القومى للصناعة    محطة مترو جامعة القاهرة الجديدة تدخل الخدمة وتستقبل الجمهور خلال أيام    محامو أنجلينا جولي يصفون طلب براد بيت ب"المسيء".. اعرف القصة    برج الجدى.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: مفاجأة    فصول فى علم لغة النص.. كتاب جديد ل أيمن صابر سعيد عن بيت الحكمة    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    أخبار الفن| علا غانم تكشف تفاصيل تحريرها محضرا بسبب الفيلا.. تشييع جنازة خديجة العبد    حلمي النمنم: صلابة الموقف المصري منعت تصفية القضية الفلسطينية    "بيت الزكاة والصدقات" يطلق 115 شاحنة ضمن القافلة 7 بالتعاون مع صندوق تحيا مصر    يويفا: سان سيرو مرشح بقوة لاستضافة نهائي أبطال أوروبا 2026 أو 2027    شباب مصر يتصدون لمسيرة إسرائيلية فى إيطاليا دفاعا عن مظاهرة دعم القضية    هزة أرضية بقوة 4.2 درجات تضرب بحر إيجه    الكبد يحتاج للتخلص من السموم .. 10 علامات تحذيرية لا يجب أن تتجاهلها    أول تعليق من "أسترازينيكا" على جدل تسبب لقاح كورونا في وفيات    بالفيديو| أمينة الفتوى تنصح المتزوجين حديثاً: يجوز تأجيل الإنجاب في هذه الحالات    عيد العمال وشم النسيم 2024.. موعد وعدد أيام الإجازة للقطاع الخاص    خاص | بعد توصيات الرئيس السيسي بشأن تخصصات المستقبل.. صدى البلد ينشر إستراتيجية التعليم العالي للتطبيق    وزير العمل ل «البوابة نيوز»: الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص 6000 جنيه اعتبارًا من مايو    آليات وضوابط تحويل الإجازات المرضية إلى سنوية في قانون العمل (تفاصيل)    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    المحرصاوي يوجه الشكر لمؤسسة أبو العينين الخيرية لرعايتها مسابقة القرآن الكريم    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    وزيرة التضامن تستعرض تقريرًا عن أنشطة «ال30 وحدة» بالجامعات الحكومية والخاصة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ذكرى تهجير النوبة
أدب الحدود بين الخصوصية والإقصاء
نشر في الوفد يوم 25 - 03 - 2014

أزاح فريق عمل فيلم «ليلتين شتا» يوم السبت الفائت الستار عن الفيلم في مركز ربْع السلام الثقافى بشارع المعز لدين الله الفاطمى، حيث يرصد الفيلم لمشكلات النوبة ومعاناة أهلها،
وكيف تم تهجيرهم، وفقدوا الوطن، ليعيشوا في مكان آخر، واختار فريق العمل أن يتم عرض الفيلم في يوم 22 مارس فى ذكرى تهجير النوبة والتى يمر عليها هذه الأيام 115 عاماً. ويدور الفيلم حول مصور يقرر شد الرحال إلى بلاد الذهب «النوبة»، ليلتقط أبرز التفاصيل في ملامح وجوه أصحابها التي مر عليها عقود بعيدًا عن الوطن، وليكتشف الوجه الحقيقي للنوبة.
صاحب عرض الفيلم معرض لمجموعة المصورين الشباب فى رحلتهم إلى قلب النوبة المصرية، حيث أظهروا ملامح تلك الجولة بعدسات كاميراتهم من خلال مجموعة من اللقطات من خلال جملة «النوبة ليست للبيع».
نتشدق دائماً نحن المصريين بثراء ثقافتنا وخصوصيتها القائمة على التنوع، نحن من عاش كل العصور وعاصر كل الحضارات، ولكن يختلف الأمر عند ذكر النوبة والموروث الثقافى النوبى وحقوق أهل النوبة المؤجلة لأجل غير مسمى، فكل هذا إذا ما تحدثنا عنه جاء الحديث مقرونًا بمؤامرات تقسيم مصر إلى أقاليم.
وستظل النوبة تحمل وزر حدوديتها، وأنها جزء حدودي تملؤه المخاطر وتتخوف منه الأنظمة المتعاقبة نظاما تلو الآخر، فالجزء الجنوبى القابع فى قاع النهر والذى هاجرأهله قسرياً، حاملين أمتعتهم وثقافتهم على أكتافهم، على أمل العودة فى يوم من الأيام، صار الكثيرون يتهمونهم اليوم بالدعوة إلى تقسيم البلاد.
يمتد الموقع الجغرافى للنوبة من أسوان (الشلال الأول) حتى الخرطوم (الشلال السادس) وقد جاء سكان هذه المنطقة نتيجة امتزاج العنصر المصري وبعض قبائل ليبيا وقبائل الكوش الإفريقية وبامتزاج هذه العناصر تكونت نواة هذا العنصر بعيدا عن الانصهار في جسم الدولة «مصر» فقد كان الغازي يكتفي باحتلال العاصمة دون التوغل في الاقليم حتى جاء صلاح الدين الأيوبي الذي أرسل أخاه الأكبر فقاتل أهلها وحاصر «ابريم» وعاد إلى مصر بما غنم.. وبالرغم من دخولهم الإسلام وانخراطهم في حياة العرب فقد ظلوا يقاومون الاختراق حتى جاءت مراحل التهجير الأولى مع بناء خزان أسوان 1902، والثانية مع التعلية الأولى للخزان 1912، والثالثة بعد التعلية الثانية للخزان 1933، ثم الأخيرة مشروع السد العالي 1963 والتي تنبه فيها الزعيم الراحل عبدالناصر الى خطورة الوضع فحاول دمج النوبيين في نسيج الدولة ونجح بالفعل في احتوائهم داخل مشروع حضاري قومي.
و فى هذا يوضح الدكتور حامد أبوأحمد الأستاذ بكلية اللغات والترجمة فى تصريحات صحفية له قائلا: بعد هذه الأيام انفرط العقد وظهرت دعوات كثيرة تطالب بالتمايز وتركز على خصوصية المكان والتاريخ واللغة والجنس ورغم وجود كتابات أدبية رائعة خدمت حياة أهل النوبة والحنين العميق إليها مثل كتابات محمد خليل قاسم وحجاج أدول ويحيي مختار والراحل إبراهيم فهمي وإدريس علي وغيرهم إلا أن البعض قام باستغلال هذه الكتابات والمغالاة في إبرازها مؤكدا على وجود أدب نوبي منفصل عن الأدب العربي مكرسا نزعة الطائفية أو العرقية أو الأقلية.
لقد استطاع الأدب النوبى أن يتسم بخصوصية تضيف للثقافة المصرية نهراً جديدا فى الحياة الثقافية والفنية، وذلك لارتباطه الشديد بأهل النوبة وتعبيره عن حياتهم التى امتزجت بالأمل والألم، ذلك الأمل فى العودة إلى الأرض والوطن، والألم الذى تمثل فى عمليات التهجير التى مر بها أهل النوبة. لذلك يظل التهجير هو المادة الأساسية التى قام عليها الأدب النوبى بشكل عام، حيث أصبحت النوبة القديمة هى الحلم والحنين وهو أهم ما ميز الأدب النوبي.
وستظل المرارة في حلق النوبي هكذا عبر الأديب حسن نور فى تصريحات صحفية له، حيث قال: لقد فرض على النوبي المصري أن يضحي مرة ومرات بداية ببناء خزان أسوان الذي دمر استقرار ورخاء وجهد النوبي عبر آلاف السنين وأصبح بعدها مطاردا، كلما بنى وعمر واستقر دمر جهده من جديد. من خلال التعلية الأولى عام 1912، والتعلية الثانية عام 1933، لقد ضحى الجزء النوبي من أجل الكل الشمالي الذي استفاد كثيرا من هذه التضحيات وتكررت عمليات تدمير جهده واستقراره بدون حتى نظرة تقدير لعظمة تضحياته وكأنه بطل أسطورة (سيزيف) وكان الأمل أن يكون هناك مشروع قومي متكامل يشارك فيه، هذا الكل الشمالي المستفيد من تضحيات الجزء الجنوبي حتى تنتهي المرارة من الحلق النوبي.
لقد بدأ أدب النوبة الحديث بدأ منذ300 عام, من خلال القاصة الروائية زينب كودوت من قرية الجنينة والشباك، برواية عن الأساطير استفاد منها الروائي النوبي إبراهيم شعراوي في عمله «الخرافة في بلاد النوبة».
ولقد ظهرفى عام 1930 أول ديوان لأديب نوبى هو الشاعر خليل فرج بعنوان «عزة فى هواك» وبعدها صدر ديوان ظلال النخيل للشاعر عبدالرحيم إدريس، ثم فى عام 1966 ظهر ديوان سرب البلاشون لخمسة من الشعراء أخذ عنوانه من قصيدة للشاعر عبدالدايم طه تتناول هجرة النوبيين وقدمتها الإذاعة فى «من وحى الجنوب».
لكن الأدب النوبى لم يظهر ويعرفه الناس إلا بعد نشر رواية الشمندورة التى كتبها محمد خليل قاسم وذلك على ورق بفرة فى السجن وطبعت عام 1968 فى 563 صفحة، وبعدها ظل الأدب النوبى ساكنا راكدا 20 سنة فى بيات شتوي، حتى ظهرت مجموعة قصصية للأديب حجاج أدول بعنوان «ليالى المسك العتيقة» وفاز عنها بجائزة الدولة التشجيعية فى عام 1988 ثم رواية إدريس على «دنقلة» وحصل بها على جائزة مالية وبعده يحيى مختار وحدثت بهؤلاء طفرة فى القصة والرواية النوبية.
والكاتب النوبى محمد خليل قاسم ولد فى 15 -7-1922 بقرية قتة كان والده يعمل بالزراعة ثم اضطر لمزاولة التجارة بعد تعلية خزان أسوان الثانية سنة 1933، حينما أغرقت مياة الخزان البقية الباقية من أراضى النوبيين ونخيلهم نشأ خليل قاسم بين أفراد أسرته الصغيرة. فى عام 1935 سافر إلى عنيبة ليلتحق بمدرستها الابتدائية ثم سافر إلى أسوان عام 1939 ليلتحق بمدرستها الثانوية وأصر على استكمال دراسته الثانوية بالقاهرة فالتحق بمدرسة القبة الثانوية التى حصل منها على شهادة التوجيهية، ثم التحق بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول إلا أن ميوله الأدبية دفعته للانتقال إلى كلية الآداب. لكن اهتمامه بالعمل السياسى حال دون استكمال دراسته الجامعية، وفى القاهرة بدأ نشاطه الأدبى بقراءة العقاد وسلامة موسى وغيرهما من عمالقة الفكر وقتذاك. ثم راح يكتب انطباعاته وآراءه ويحضر الندوات. فتوسعت مداركه. ثم وجد نفسه ينضم إلى جماعة الإخوان المسلمين فرع مصر الجديدة لكنه لم يستمر بها سوى فترة قصيرة. ثم انضم إلى الحركة الشيوعية المصرية عام 1944 كانت أزمة الوطن على أشدها فى هذه الفترة وعبر خليل عن ثورته بكتاباته وشعره التى نشرت على صفحات النوبة الحديثة التى أشترك فى تحريرها وظل ينشر فيها آراءه حتى قبض عليه عام 1946 انخرط قاسم فى العمل السياسى لسنوات طويلة. ورغم مالاقاه فى المعتقلات والمرض الذى ألم به لم يتخل أطلاقا عن مبادئه.
كتب القصة والرواية وقرض الشعر وكتب الأبحاث السياسية فى بداية تعليمه الثانوى. اشترك مع نخبة من الشعراء النوبيين فى أصدار ديوان شعر بعنوان (سرب البلاشون) صدر عام 1966 ثم أصدر مجموعة قصصية بعنوان (الخالة عيشة) ثم كانت روايته الرائعة الشمندورة التى تناول فيها مرحلة مهمة من تاريخ النوبة. كتبت الشمندورة فى المعتقل. ولأن أدوات الكتابة كانت ممنوعة فيه فقد كتبها على ورق بفرة وبقلم كوبيا صغير يمكن اخفاؤه بسهولة. ثم تم تسريب ماكتبه لتنشر على صفحات مجلة روز اليوسف على حلقات إسبوعية ثم صدرت فى كتاب مستقل عام 1968 عن دار الكتاب العربي. ثم أعاد حزب التجمع طبعها عام 1995 ونفذت الطبعة أيضا. تبنى خليل قاسم الكثير من كتاب النوبة صغار السن إثر الإفراج عنه. منهم كتاب القصة محمود صالح إدريس وعبدالرحمن أمين صادق ومحمد بشير زكريا وفاروق بحر وأحمد عبدالله وحسن نور وأقام ندوة أدبية دورية كل أسبوع لقد محا خليل قاسم أمية المساجين بأن علمهم القراءة والكتابة خلال فترة اعتقاله فأطلقوا عليه لقب حضرة الناظر، اكتشف مع رفيقه الفنان الكبير حسن فؤاد المطرب محمد حمام خلال فترة الاعتقال بعد الإفراج عن قاسم 1963 وجد إخوته يعيشون فى حالة سيئة للغاية إذ أصاب الدرن صدر أخيه الصغير فأقعده عن العمل ولم يعد له ولأخته التى كان يرعاها أى مصدر للرزق فكرس قاسم حياته لإسعادهما بعد حصوله على عمل كمترجم بإحدى السفارات الأجنبية وماكاد يفكر فى نفسه ويستعد للزواج حتى اختطفه الموت فى مايو عام 1968.
نهلة النمر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.