في ظروف استثنائية، يأتي انعقاد القمة العربية في الكويت، تدفعها آمال عريضة في قدرة الجامعة العربية علي دعم العمل العربي المشترك، في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة. بالقطع ليست أجواء التوتر، بالأمر الجديد علي القمم العربية، غير أن تشابكاً جلياً، بين الداخل العربي والسياق الإقليمي والدولي، بات يزيد من جسامة المهمة الملقاة علي عاتق القمة. فليس من شك أن الخلاف الخليجي المصري مع دولة قطر، قد ترك أثراً غير مسبوق في طبيعة المشكلات التي تبحثها القمة، بعد أن حان موعد القمة دون أثر واضح لجهود المصالحة، ومحاولات تقريب وجهات النظر التي اجتهدت فيها دولة الكويت إنقاذاً للقمة العربية المنعقدة علي أراضيها. ورغم المحاولات الرامية إلي حجب الخلافات الخليجية القطرية عن القمة العربية، بوصفها من الأمور الداخلية الواجب حصرها داخل إطار دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن الأمر لابد وأن يفرض نفسه علي أروقة القمة التي ستتسلم الكويت قيادتها من قطر، ما يزيد من أهمية كواليس القمة، وما تتناوله من تفاصيل ربما أكثر حساسية مما هو معلن علي المائدة الرئيسية للقمة. ومع ما في ذلك من إشارة إلي عدم قدرة الجامعة العربية علي سيادة المشهد العربي، باعتبارها المنظمة العربية الأم، فإن القمة العربية لا تملك النفاذ إلي دائرة الخلاف الخليجي القطري دون طلب من أعضائه، رغم ما للأمر من تداعيات لا يمكن قصرها علي أطرافها الأصليين، ولنا أن نلاحظ في هذا الشأن ما تردد عن وساطة يقوم بها الرئيس الأمريكي، يسعي من خلالها إلي تحسين علاقات قطر بدول مجلس التعاون الخليجي.! من جهة أخرى، فإن بقاء مقعد سوريا شاغراً، يمثل إشكالية أخرى، لا ينبغي التقليل من شأنها، في سبيل تأكيد هوية القرار العربي، حيث تري مجموعة من الدول، من بينها مصر، أن تسليم المعارضة السورية مقعد سوريا في القمة العربية، لا يدفع بالاتجاه الصحيح نحو حل الأزمة السورية، أو تهدئة الأوضاع علي الساحة السورية، بينما تميل دول الخليج وغيرها باتجاه إقصاء نظام بشار عن الحكم، وعن اجتماعات القمة العربية، بعد اتهامه بارتكاب جرائم إنسانية في حق الشعب السوري الشقيق، من هنا وجدت القمة العربية صيغة أخرى، حظيت بقدر ملائم من التوافق، حيث حرصت علي دعوة رئيس الائتلاف المعارض أحمد الجربا لإلقاء كلمة خلال القمة باعتباره ممثلاً شرعيا للشعب السوري.ً والواقع أن خلافاً، لم ينشب بشأن نهج النظام السوري في مواجهة شعبه، فقد أضحت المأساة الإنسانية التي يحياها الشعب السوري الشقيق أكبر من أن تتواري خلف دعاوي مواجهة النظام السوري للإرهاب، رغم الاتجاه الواضح لوضع بعض الفصائل المعارضة في إطار المنظمات الإرهابية، نظراً لعلاقاتها بتنظيم القاعدة، وما يدور في فلكه من تنظيمات مسلحة، وبالفعل كان الموقف المسئول للمملكة العربية السعودية، المناهضة بقوة لنظام بشار الأسد، حيث اعتبرت بعض المنظمات المسلحة علي الأرض السورية في عداد التنظيمات الإرهابية. وليس جديداً أيضاً، حجم التوقعات بعدم صدور بيانات رسمية تجسد الطموحات المشروعة للشعوب العربية في ارتقاء العمل العربي المشترك إلي آفاق المصالح المشتركة للأمة العربية، وبما يتناسب وحجم ما يهدد الأمن القومي العربي من مخاطر وتحديات، رغم أن جدول أعمال القمة العربية الحالية يضم مجموعة من الأمور التي تحظي باهتمام ورؤية مشتركة، إلي حد كبير، من بينها مشروع قرار بشأن الصراع العربي الإسرائيلي، إضافة إلى الملفين الاقتصادي والاجتماعي المرفوعين من وزراء المال والاقتصاد العرب، ومشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، إلا أن ذلك لا يكفي للتعبير عن إرادة سياسية مشتركة تستند إلي وحدة المصير العربي.