شنت الفضائيات الدينية هجوماً حاداً علي السينما الأمريكية، واتهمتها أنها تريد هدم القيم الإسلامية وتشويه الأنبياء، تحت مسمي حرية الإبداع دون مراعاة شعور المسلمين في أنحاء العالم، واتهمت الفضائيات المنتجين اليهود أنهم وراء إنتاج أفلام تفسد الذوق العام وتحارب الإسلام والصحابة وآل البيت، وآخر ما فعلته هو إنتاج فيلم عن سيدنا نوح عليه السلام، بطولة الممثل النيوزيلاندي راسل كرو، ورصد مبالغ طائلة لإنتاجه. وأكد شيوخ القنوات عبر برامجهم أنهم يطالبون الأزهر باتخاذ إجراءات صارمة لمنع الفيلم من عرضه في دور السينما بمصر، حتي لا نرسخ لدي شبابنا فكرة رؤية الأنبياء عن طريق السينما أو الدراما، بشكل يثير الشك في نوايا القائمين علي الأعمال الفنية التي تحاول إرضاء الشيعة علي حساب أهل السنة، دليل الأعمال الإيرانية التي غزت الشاشات بمسلسلات عن السيدة مريم وسيدنا يوسف، وأعمال أخري كلها تحمل أخطاء دينية وتاريخية، وإبهار المشاهد العربي بممثلين لهم جاذبية بصرية لخداع المتفرج، وتقضي علي قدسية الأنبياء دون مراعاة شعور المسلمين، وعلق أحد الشيوخ علي فيلم «نوح»، أن ما ينتجه ويمثله ويخرجه فهو في النار، وعليه إعلان التوبة، وطالبت الفضائيات الأزهر الشريف بالوقوف أمام هذا الغزو التتاري الذي يريد القضاء علي الإسلام، ويرفض عرضه نهائياً، وإرسال خطابات تندد بتوزيعه في الدول الأوروبية، وإعداد خطب مترجمة للغات الأجنبية تعرف الشعوب من هو سيدنا «نوح» التقي.. الصادق.. الذي أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة، ولكنهم عصوه وكذبوه، ومع ذلك استمر يدعوهم إلي الدين الحنيف فاتبعه قليل من الناس، واستمر الكفرة في طغيانهم فمنع الله عنهم المطر ودعاهم نوح أن يؤمنوا حتي يرفع الله عنهم العذاب فآمنوا، فرفع الله عنهم العذاب ولكنهم رجعوا إلي كفرهم، وأخذ يدعونهم 950 سنة ثم أمره الله ببناء سفينة وأن يأخذ معه زوجاً من كل نوع، ثم جاء الطوفان فأغرقهم أجمعين. أبرزت الفضائيات بيان دار الإفتاء المصرية علي الفيلم الأمريكي «سفينة نوح» وتضمن البيان حرمة تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية، وحرم البيان ما تقوم به بعض شركات الإنتاج السينمائي من إخراج وأفلام ومسلسلات يجسد فيها شخصيات الأنبياء في أي فترة زمنية من عمرهم المبارك، مراعاة لعصمتهم ومكانتهم، فهم أفضل البشر علي وجه الأرض. ومن كان بهذه المنزلة فهو أعز من أن يمثل أو يتمثل به إنسان، بل إن الشرع نزه صورهم أن يتمثل به حتي الشيطان في المنام. وأضافت دار الإفتاء أنه مما يؤكد حرمة هذا العمل أنه ينطوي علي مجموعة من المفاسد مثل كونه ليس مطابقاً لواقع حياة الأنبياء من أن أفعالهم تشريع، وأن التمثيل يعتمد علي الحبكة الدرامية ما يدخل في سيرتهم ما ليس منها والمقرر أن درء المفاسد مقدم علي جلب المصالح. وهو ما ذهبت إليه المجامع والهيئات العلمية المعتبرة كمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، والمجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي. وأضافت أن هذا كله يتسق مع كوننا نربأ بالشخصيات الدينية التي لها من الإجلال والاحترام أن تقع أسيرة رؤية فنية لشخصية الكاتب يفرضها فرضاً علي المتلقي لها، بما يغير حتماً من تخيل المتلقي لهذه الشخصيات والصورة الذهنية القائمة عنده حولها، ويستبدلها بالصورة الفنية المقدمة، ما يكون له أثره البالغ في تغيير صورة هذه الشخصيات، وفرض رؤية الكاتب فرضاً. ورأت اللجنة أن من يحاولون نزع القداسة عن الأنبياء والشخصيات الدينية الأخري ذات الإجلال والتقدير، تقليداً منهم لمسار الفكر الذي نزع القداسة عن كل شيء تقريباً بناء علي نموذجه المعرفي يرون بناء علي ذلك أن عدم نزع تلك القداسة يجعل الكاتب ناقص الرؤية ومجانباً للحقيقة، وفكرة نزع القداسة هذه مرفوضة تماماً في الإسلام، سواء في منطلقاتها الفكرية، أو في تطبيقاتها العملية.