أصابني حزن وألم شديدان حينما اطلعت على كلمات مستفزة تحت عنوان (بلاغ للسيد وزير العدل ضد مراكز التحكيم الوهمية) منشورة بالصفحة الأولى بصحيفة الأهرام المسائي بتاريخ 9/2/2014 منسوبة إلى الدكتور عصام عامر رئيس مجلس أمناء مؤسسة القضاء الاتفاقي المصري للتحكيم رئيس نادي القضاة الاتفاقي المصري لمستشاري التحكيم. ولعل استناد الدكتور عصام عامر في رده بالبيان المنسوب إليه قد خالف به القواعد والأسانيد والأعراف القانونية فقد ذكر ببيانه أنه يوجد حكم لمحكمة النقض وأصبح باتاً من المستشار حسام الغرياني بإبطال دائرة انتخابية خاصة بالسيد زكريا عزمي وأن سبب هذا الحكم يرجع الى أن الإشراف القضائي على هذه الدوائر باطل لأن شرعية الدولة تستمد من تنفيذ دستورها وقانونها وأن من أشرف على هذه الدوائر هم موظفون بهيئة قضايا الدولة يعني محامون في الدولة بهيئة قضايا الدولة ليس منوطاً إليهم فض المنازعات ولا الفصل في أي نزاع وطالب سيادته بمراجعة الأحكام والقوانين. ولعل من الواجب على أصحاب الضمائر الحية والتي تغار على الحق الرد على هذا البيان لإساءاته البالغة لأعضاء هيئة قضايا الدولة الموقرة أقدم الهيئات القضائية فنشأتها تعود إلى عام 1875 هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أنه لم يصدر عن محكمة النقض أحكام أبطلت عضوية أعضاء بمجلس الشعب بسبب إشراف هيئة قضايا الدولة على الانتخابات ونؤكد للكافة أن تقرير الغرياني لم تأخذ به محكمة النقض ونتحدى الدكتور عصام عامر أن يأتي بحكم في هذا الصدد صادر من محكمة النقض كما نطلع الجميع بتفسير المحكمة الدستورية العليا بصدد الهيئات القضائية القائمة الصادر عنها بجلسة 7/3/2004 في إيجاز شديد, بداية أن الدستور قد قنن قيام المجلس الأعلى للهيئات القضائية دستورياً والذي كان قائما قبل صدور دستور 1971 وذلك بموجب قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 82 لسنة 1969من بين أعضائه رئيس المحكمة الدستورية العليا, ورئيس محكمة النقض, ورئيس مجلس الدولة , رئيس هيئة قضايا الدولة, ورئيس هيئة النيابة الإدارية, وتنفيذاً لتوجيهات الدستور في هذا المجال أصدر المشرع قوانين بإعادة تنظيم كل من السلطة القضائية والهيئات القضائية المختلفة على الترتيب التالي تاريخياً, قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ويتناول بالتنظيم ترتيب المحاكم وتنظيمها والنيابة العامة وتحديد ولاية المحاكم وتنظيم جلساتها والأحكام الصادرة عنها والقواعد المتعلقة بتعيين القضاة وكافة شئونهم الوظيفية, قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تضمن نصاً في المادة الأولى منه على أن (مجلس الدولةهيئة قضائية مستقله تلحق بوزير العدل), قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 مقرراً بالمادة الأولى منه (المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها في جمهورية مصر العربية), القانون رقم 10 لسنة 1986 بتعديل القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة تضمن النص في المادة الأولى على أن (هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير العدل)، القانون رقم 12 سنة 1989 بتعديل أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية بالمادة الأولى (النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير العدل). وبعد أن أشار تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية إلى مشروع القانونين المذكورين الأخيرين الى العبء الواقع على هيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإداريةولمواجهة ما يقع عليهما من أعباء وضمان للحيدة في أداء رسالتهما المنوط بهما على الوجه الأكمل كان من الواجب على الدولة أن تكفل لهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية الاستقلال كما كفلته لسائر الهيئات القضائية وأن توفر لأعضائهما الضمانات اللازمة التي تمكنهم من أداء عملهم بحيدة واطمئنان وحيث إن المستخلص مما تقدم أن مصطلح الهيئة القضائية في النظام القانوني المصري أن هذا الاسم تندرج تحته عدة أنواع منها جهات تمسك بذمام العدالة وتنفرد على وجه الاستقلال بالفصل في القضايا على أسس موضوعية ووفقا لقواعد اجرائية تكون منصفة في ذاتها بما يكفل الحماية الكاملة لحقوق من يلوذون بها أخصها المحكمة الدستورية العليا ومحاكم القضاء العادي والإداري ومختلف درجاتها ومنها جهات قائمة بذاتها وهي إن لم يعهد اليها المشرع باختصاص الفصل في القضايا إلا أنه أسبغ عليها صفة الهيئة القضائية تقديرا منه بأنها هيئات بحكم الاختصاصات المنوط بها تسهم في سير العدالة وهي هيئتا قضايا الدولة والنيابة الإدارية وأن العبرة في اكتساب صفة الهيئة القضائية لغير جهات القضاء التي تضم المحاكم على اختلاف مسمياتها ودرجاتها هي بوجه عام بالتشريع الذي يصدر بناء على التفويض الوارد بالمادة 167من الدستور بإنشاء الهيئات القضائية وتنظيمها والذي يسبغ عليها هذه الصفة ويمنحها القدر اللازم من الاستقلال وبانضمامها إلى تشكيل المجلس الأعلى للهيئات القضائية. ياسادة إننا نفهم من تقرير المحكمة الدستورية العليا أن دور هيئة قضايا الدولة يبرز بين الهيئات القضائية باعتبارها الأمينة على حقوق الدولة وأموال الشعب العامة أمام القضاء وهي ليست خصماً ككل الخصوم وينبغي على أعضائها أن يقرروا الحق لخصوم الدولة متى كان الحق في صالحهم قبل أن يقضي به القاضي ويلتزم أعضاؤها في مباشرتهم سلطة الدولة في التقاضي بنصوص الدستور والقانون وقيم القضاء وتقاليده نزاهة واستقلالا عن السلطة التنفيذية ولذلك فقد نص دستور الثورة الجديد بمادته رقم 196 بأن هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة, إضافة الى نص المادة 198 التي قررت لمحامي الهيئات العامة والشركات والبنوك العامة الاستقلال التام عن السلطة التنفيذية للدفاع عن الحقوق والأموال العامة المقدرة بتريليونات الجنيهات فلا ينبغي لمخلوق أن يشكك في محامي الدولة ومحامي الشخصية الاعتبارية العامة. عبدالرحمن طايع المحامي بالنقض