يظل حسين سالم الحلقة المفقودة في تتبع ملفات فساد آل مبارك .. ولا يزال رغم القبض عليه في إسبانيا الرقم الصعب في معادلات فساد النظام السابق. بدأ سالم حياته موظفا بصندوق دعم الغزل براتب 18 جنيهاً شهرياً ولكنه كون ثروة وصلت إلي 350 مليار جنيه أي ما يعادل ميزانية دولة بأكملها، بفضل التنازلات وقائمة الهدايا الرئاسية التي منحها له مبارك. سالم الذي أنفق الملايين من أجل تنفيذ وصية عراف أفريقي بتركيب عين ذئب بدلا من عينه المريضة لأنها أكثر رؤية وقدرة علي الإبصار تراجع عن الاستمرار في تنفيذ الفكرة ولكنه كان يملك بصيرة ورؤية للأحداث المستقبلية بشكل يضاهي عين الذئب جعلته يجمع ما طالته يداه من أموال يوم 28 يناير الماضي ويرحل الي سويسرا وتحديدا إلي فندق كمنبسكي بمدينة جنيف بسويسرا ومكث بها يومين بعدها عاد الي مصر وجمع أمواله في 16 حقيبة كانت تحوي 10 مليارات جنيه جمعها له إبنه خالد قبل أن يهرب هو الآخر بعد يومين من هروب والده وانتقل الي دبي عبر طائرة خاصة. وفي دبي تم اكتشاف حقيبة الأموال عن طريق موظف صغير في المطار خاصة بعد تشديد الحكومة الإماراتية الرقابة علي الطائرات الخاصة خوفا من تهريب الأموال عن طريقها مثلما فعل الرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي وبعد اكتشاف حقائب الأموال حاولت شرطة دبي القبض علي سالم إلا أنه اتصل بالرئيس مبارك علي الفور في تماما الساعة الواحدة ليلاً والذي قام بدوره بالاتصال بحاكم دبي الذي تدخل لمنع القبض علي سالم وأجبر علي التصالح مع السلطات هناك وسلم المبلغ الذي بحوزته مقابل إنهاء إجراءات التصالح والإفراج عنه. الغريب أن دبي أفرجت عن جزء كبير من المبلغ واكتفت بالحصول علي مبلغ مليار ونصف المليار فقط للتصالح وغادر دبي في نفس اليوم وانتقل الي سويسرا مرة أخري للإقامة في فندق صغير لعدة أيام ثم انتقل بعد ذلك إلي لندن حيث توجد استثماراته وظل يتنقل بينها وبين سويسرا. وكانت »الوفد الأسبوعي« أول الصحف في مصر التي تحدثت عن حسين سالم وفضحت ملفات فساده العديدة بعد اندلاع الثوره مباشرة وفي ظل استمرار نظام مبارك وفي الوقت الذي كان فيه انتقاد حسين سالم بمثابة لعب بالنار امام البنزين. فسالم كان يمتلك حصانة رئاسية وحماية خاصة تهلك من يقترب منه إلا أن "الوفد الأسبوعي" لم تخش نفوذه وكشفت ملفات فساده وظلت تلاحقه طوال الأشهر الماضية وتسلط الضوء علي أماكن اختفائه حتي تم إلقاء القبض عليه في أسبانيا. وقصة هروب حسين سالم الي الخارج مليئة بالألغاز والمغامرات فالرجل استخدم جوازي سفر للتنقل بحرية أحدهما بجنسيته الأسبانية.. وطبقا للقانون الأسباني يكتب اسم حسين سالم في الباسبور يليه اسم جده لوالده ثم اسم والده أي أن حسين سالم واسمه بالكامل حسين كمال الدين إبراهيم سالم يصبح اسمه في الباسبور الأسباني حسين إبراهيم كمال الدين ليتمكن من التنقل بين مطارات بعض الدول دون أن يعرف أحد حقيقته ولا جنسيته المصرية. المفاجئ أن حسين سالم يحمل جواز سفر آخر هولندياً، حيث تؤكد مصادرنا أنه يستعد للهرب من أسبانيا باستخدام هذا الجواز بوصفه مواطنا هولنديا. والحقيقة التي لا يعرفها أحد الي الآن ان حسين سالم لم يسافر إلي إسرائيل للإقامة هناك ولكنه استدعي من قبل الكنيست الإسرائيلي للإدلاء بشهادته في قضية رشوة الغاز التي يتم التحقيق فيها الآن والتي تم اكتشافها من قبل لجنة خاصة تم تشكيلها خصيصا لهذا الغرض حيث تم اكتشاف حصول مسئولين إسرائيليين علي 200 مليون جنيه رشوة لتمرير بعض البنود في الاتفاقية بين شركة غاز شرق المتوسط المملوكة لحسين سالم ويوسف ميمان وشركة تايلاندية وبين شركة الغاز الإسرائيلية. وطبقا للتحقيقات التي أجريت في الكنيست حصل سالم وميمون علي عمولة وصلت الي 30٪ علي مبيعات الغاز الي شركة كهربة إسرائيل حيث تقوم شركة غاز شرق المتوسط بشراء الغاز من الحكومة المصرية ثم تقوم بإعادة بيعه الي شركة كهرباء إسرائيل وإلي العديد من الشركات الإسرائيلية الأخري والغريب ان شركة غاز شرق المتوسط تقوم بشراء الغاز من الحكومة المصرية بسعر دولار وربع ثم تقوم بإعادة بيعه مره أخري بسعر يتراوح بين 4 و4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية وقد قامت شركة غاز شرق المتوسط بتعديل سعر توريدها للغاز المصري لإسرائيل في ديسمبر 2010 بحيث أصبح يتراوح من 4.5 إلي 5 دولار. وطبقا للتحقيقات فإن شركة غاز شرق المتوسط حققت عائد ربح وصل الي 7 مليارات جنيه وصلت عمولة حسين سالم وميدور 2 مليار و100 مليون جنيه. سالم كان يحصل علي قيمة 10٪ عمولة من الحكومة المصرية علي عقود توريد الغاز لشركته حيث تحصل الحكومة علي 1.8 مليار جنيه سنويا علي عقود تصدير الغاز والتي وصلت منذ عام 2005 حتي الآن 9 مليارات جنيه كان نصيب حسين سالم منها ما يقرب من المليار جنيه بالإضافة إلي أن حسين سالم بعيدا عن العمولات كان يحصل علي مكاسب هو وجمال وعلاء مبارك، حسب تأكيدات السفير إبراهيم يسري، علي 3 ملايين دولار يوميا أي أنه حصل خلال السنوات الخمسة الماضيه علي 54 مليار جنيه. وبعد أن أدلي سالم بشهادته أمام الكنيست أجبره مسئولون كبار علي بيع حصته فورا خوفا وخيروه بين البيع أو تسليمه الي مصر وفضل سالم بيع حصته ولكنه تلقي اتصال من أحد أصدقائه يؤكد له ان هناك اقتراحاً عرض علي الحكومة الإسرائيلية بتسليمه الي مصر من أجل تحسين العلاقات مع المجلس العسكري وأضطر سالم بعد ثلاثه أيام من الإقامة بحي "رامات أفيف" الراقي بشمال تل أبيب إلي المغادرة سرا بطائرة خاصة بمساعدة بعض أصدقائه عبر مطار بن جوريون وسط حراسة ضباط سابقين في الموساد سافروا علي طائرته لتأمينه في الخارج حيث يلازمونه كظله. تلك الواقعة أحدثت جدلا في إسرائيل وقام المدعي العام الإسرائيلي بالتحقيق فيها وطلب توضيحًا من رئيس الحكومة بن يامين نتانياهو حول السماح لرحلة طيران خاصة بالإقلاع من مطار إسرائيلي دون الإعلان عن وجهتها طبقًا للقانون وهي سابقة لم تحدث من قبل وحتي قبل إلقاء القبض عليه بشهر لم يستقر في أسبانيا بشكل نهائي ولكنه ظل يتنقل بين لندن التي يملك علاقات جيده مع المسئولين فيها بحكم أنه يملك العديد من الاستثمارات المؤثرة في الاقتصاد ولكنه يخشي أن يظل فيها لفترة طويلة خوفا من اغتياله أو اصطياده من قبل أحد الضباط المصريين خاصة أنه أصبح مطلوبا بقوة للبحث عن أموال مبارك وهولندا التي يملك العديد من الاستثمارات فيها وحصل علي الجنسيه منها بعد أن أصبح مؤثراً في اقتصادها وقبل استقراره في أسبانيا التي يملك استثمارات فيها وإلي سويسرا التي تعتبر خزينة أمواله الدائمة. انتقل سالم إلي أسبانيا بعد ان حصل علي تطمينات من مسئولين كبار بعدم الاقتراب منه مقابل إنشاء مشروعات ضخمة هناك يشاركه فيها رجال أعمال أسبان إلا انه فور استقراره لم يلتق أي مسئول أسباني نهائيا واستقر مع ابنه خالد في الفيلا الذي تم القبض عليه فيها والغريب أن أمريكا نفسها تبحث عنه عن طريق الانتربول في قضية حكم فيها منذ الثمانينات في بداية حياته حيث تورط في قضية مع القضاء الأمريكي تخص شركة السلاح التي أنشأها بالشراكة مع عمر سليمان وأبو غزالة وارتكبت مخالفة كبري بعد قيامها بتحميل الأسلحة علي مراكب غير أمريكية وهو ما أدي الي صدور حكم بحبسه 3 سنوات وتدخل مبارك أيضا لحمايته وتسهيل خروجه من أمريكا التي لم يستطع زيارتها منذ هذا التاريخ. وبعد إلقاء القبض عليه طلب القضاء الأمريكي تنفيذ العقوبة الصادرة بحق حسين سالم وتعد أمريكا الآن ملف القضية لتسليمه الي أسبانيا .. وما لا يعرفه أحد أن حسين سالم كون نواة ثروته بالنصب علي أحد الأمراء بدبي حيث أنشئ شركة وهمية وحصل منه علي 150 مليون جنيه استثمرها فيما بعد في تجارة السلاح وتدخلت الحكومة الإماراتية لإجبار سالم علي تسليم المبلغ دون محاكمة ولكنه اتصل بمبارك في نهاية السبعينيات وتدخل لحمايته وطلب وساطة المخابرات السعودية التي كان يتمتع معها بعلاقة جيدة وتدخلت لتسهيل سفره الي خارج دبي. سالم قام مؤخرا بعمل توكيلات لبعض المحامين لتصفية شركاته وبيع الأراضي التي وضع يده عليها بأي مبالغ وتحويلها الي بنك في لندن باسم أحد معاونيه.