توقعت من الدكتور صابر عرب المحترم أن يتقدم باستقالته الثالثة من وزارة الثقافة، لكنه خيب أملي، فإذا كانت استقالته الأولى نتيجة ترشحه لجائزة الدولة التقديرية، وكان دافع استقالته الثانية احتجاجه على أحداث الاتحادية وإن لم يتمسك بها، فإن الاستقالة الثالثة بدت لي فرصة العمر لتقديم أوراق اعتماده كمثقف أصيل صاحب موقف تجاه معايير الشفافية والموضوعية في تحكيم جوائز الدولة، ومن ثم تأتي مصداقيتها من كونها اعترافاً شجاعاً بالخطأ ونقداً محترماً للذات، فلا أتخيل أن يكون من أدين بتهمة مخالفة الأمانة العلمية محكماً في لجان منح جوائز وزارة الثقافة، فالأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة لم يكتف بالإطاحة بمبدأ المساواة في تشكيل لجان المجلس بأن ضم عشرة أعضاء من قسم الفلسفة بآداب القاهرة الذي يعمل به على حساب جامعات مصر كلها للجنة واحدة، بل سمح أيضاً أن يكون من بينهم من أدانته الجامعة بتهمة السرقة العلمية وضم نجله إلى لجنة أخرى، تطبيقاً لمنطق المجاملات ، بما يستتبعه من حق تحكيم الأعمال المقدمة لجوائز الدولة ضارباً عرض الحائط ما استقر عليه قانون حماية الملكية الدستوري والتقاليد الجامعية من استبعاد من أدانته مجالس التأديب في الجامعة من المشاركة في تقييم البحوث المقدمة للترقية أو الحصول على جائزة. تحضرني ذاكرة التاريخ يا سيادة وزير الثقافة أستاذ التاريخ الإسلامي. في زمن تولي الدكتور مفيد شهاب وزارة التعليم العالي تناول الأستاذ علاء عريبي بصحيفة الوفد ظاهرة السرقات العلمية وكان من بين من تعرض لهم قيادات جامعية ترتبط بعلاقات مصاهرة ونسب بشخصيات سيادية مقربة من مبارك، ولأن شهاب لم يكن تعنيه من قريب أو بعيد قضايا التعليم، كما كان منطق المجاملات هو وحده الذي يحتكم إليه، فقد استهان بالمقالات المكتوبة، ولم يكلف نفسه بالتحقيق فيها، بل طلب من صاحبها مقابلته بغية الضغط عليه للتوقف عن الكتابة، وكانت المقابلة بحضور أمين المجلس الأعلى للجامعات وقتها، لكن عريبي لم يتوقف عن الكتابة ، بل نشر تفاصيل اللقاء بينه وبين شهاب كاملا، كما واجه العديد من القضايا التي رفعت ضده في غير مواعيدها بغية التهديد ليس إلا، إلي أن صدر حكم محكمة جنايات الإسكندرية بثبوت واقعة السرقة في حق أستاذ جامعي يعمل أميناً للجنة ترقية بالمجلس الأعلى للجامعات، مؤكداً صحة ما تضمنته مقالات عريبي، حقاً إن شهاب تجاهل الحكم كما تجاهله المجلس الأعلى للجامعات، لكن ذاكرة التاريخ لا تتجاهل شيئاً يا دكتور عرب، أحيل سيادتكم إلى ما نشرته الباحثة داليا فهمي السيد بمجلة العربية عدد نوفمبر 2012 بالرياض تحت عنوان الأمانة العلمية وفيروس التناص العلمى بشأن هذا الحكم التاريخي. ذاكرة التاريخ ستدون – كما دونت عن مفيد شهاب – أنه في عهدك وعهد أمين مجلسكم الموقر طغى منطق المجاملات إلى الدرجة التي أفقدت جوائز الدولة مشروعيتها. أستاذ بجامعة طنطا