قد يستيقظ الإنسان في منتصف الليل، ويتملكه إحساس بأن إبهام كف القدم كإنما تشتعل بالنار، فهي حارة، منتفخة، شديدة وحساسة لدرجة عدم تحمل أي ملامسة لهذا الجزء الملتهب، وهذه المشاكل قد تدل علي نوبة خطيرة من النقرس أو التهاب المفاصل النقرس. يقول الدكتور عبدالشافي أحمد حسيب، أستاذ الروماتيزم والمفاصل بطب الأزهر: النقرس نوع من التهابات المفاصل ينتج عن ارتفاع مستوي حمض البول في الدم مؤدياً إلي ترسب بلورات هذا الحمض في المفاصل، وهذا الشيء بدوره يؤدي إلي التهابات حادة، ومن ثم مزمنة، والنقرس هو اضطراب مركب قد يصيب أي شخص، لكن الرجال أكثر عرضة من النساء للإصابة بالنقرس، بينما تكون النساء عرضة للإصابة بالنقرس بشكل خاص، في سن اليأس بعد انقطاع الطمث، وهو مرض معروف منذ القدم، وقد نمت تسميته ب «داء الملوك» في العصور الوسطي في أوروبا وذلك لإفراط الملوك والأغنياء في ذلك الوقت في تناول اللحوم الحمراء والمشروبات الكحولية التي تؤدي إلي هذا المرض، وفي عصرنا الحالي تغيرت مسميات مرض النقرس وتبدلت ولكن تظل اللحوم الحمراء والمشروبات الكحولية من الأسباب المهمة، وكذلك بعض الأسباب الأخري ضغط الدم المرتفع، والسكري، وفرط كوليسترول الدم وفرط شمحيات الدم وتصلب الشرايين، وتناول أدوية معينة مثل بعض الأدوية التي تحتوي علي «الثيازيد» لمعالجة فرط ضغط الدم والعقاقير المدرة للبول، والإسبرين بجرعات صغيرة، وقد تؤدي إلي رفع حامض اليوريك، وكذلك الأمر في تناول أدوية مضادة للرفض مثل «السيلكوسبورين» التي يتناولها أشخاص خضعوا لعمليات زراعة أعضاء في الجسم، ووجود تاريخ عائلي من الإصابة بالنقرس. يضيف الدكتور عبدالشافي حسيب: يعتبر النقرس مثل الكثير من الأمراض المزمنة التي تحتاج إلي علاج دائم وإشراف مباشر من طبيب الروماتيزم حتي لا يصل المريض إلي مرحلة تشوه المفاصل والإعاقة، والهدف من العلاج هو تقليل مستوي حمض البول إلي مستواه الطبيعي في الدم ومنع حدوث المضاعفات للمرض وجعله تحت السيطرة والتقليل من عدد النوبات الحادة، ومنع حدوث الضرر في المفاصل أو تكوين حصي في المسالك البولية، وعلاج هذا المرض يعتمد علي ركنين أساسيين: العلاج الدوائي والحمية الغذائية، ومن المنطقي تناول أغذية تحتوي علي أقل كمية من مادة «البيورين» وعند تجريب التغذية الملائمة للنقرس يستحسن التقليل من تناول اللحوم الحمراء والبقوليات وفواكه البحرية «المأكولات البحرية» والامتناع عن تناول المشروبات الكحولية والإكثار من تناول منتجات الحليب قليلة الدسم، والإكثار من تناول الكربوهيدرات المركبة كالخبز من الحبوب المركبة. ويري الدكتور عبدالشافي حسيب هناك أدوية تمنع إنتاج حمض اليوريك مثل دواء «الألوبيورينول» الذي يقوم بتثبيط إنزيم «أوكسيد الزانسين» وهو الإنزيم الذي يحول مادة الزانسين إلي حمض اليوريك، ولكن المضاعفات الناتجة عن طول مدة استخدامه مثل الحساسية وإصابة الكلي أدت إلي التفكير في إنتاج عقار جديد يمكن استخدامه في علاج النقرس لتجنب المضاعفات وهو عقار «القيبوكسيتات» الذي يقوم بمنع تكوين حمض اليوريك دون أية آثار جانبية، ويوجد منه تركيزان 80 و120 مجم، وقد استطاع هذا العقار أن يخفض من نسبة اليورات إلي أن وصلت إلي الحد الطبيعي، فقد استطاع منع النوبات الحادة من النقرس، بالإضافة إلي رخص سعره، حيث لا يتجاوز سعر تركيز 80 مجم 28 جنيهاً، وتركيز 120 مجم 30 جنيهاً، وحقق العقار نسبة عالية في الشفاء من المرض.