العالم كله يتجه إلي ترشيد الإدارة, وإنشاء ما يسمي «بالتكتلات», إلا عندنا في مصر نميل إلي التفتيت, ونتجه إلي الاعداد الكبيرة, ونصرف النظر عن النتيجة, أعني بما أقوله أن حكومات ما قبل وخلال وما بعد الثورة سواء 25 يناير أو 30 يونية, تعشق لعبة فك وتركيب الوزارات, لا نعرف سياسة الدمج بهدف حسن الادارة وترشيد الانفاق, عند كل تعديل أو تغيير وزاري نتوقع تقليل عدد الحقائب الوزارية ليصل إلي المتوسط العالمي, دون جدوي, حسب معلوماتي الولاياتالمتحدةالأمريكية بها 19 وزارة فقط, ومتوسط عدد الوزارات في دول الاتحاد الأوروبي 25 وزارة, أما عندنا في مصر المحروسة, فعندنا بالصلاة علي النبي 36 وزارة في عين الحسود, لا سبب وجيهاً لزيادة عدد الوزارات, رغم الكثرة لا شيء ملموساً ولا تقدم أو تحسن في حياة الناس, الاوجاع تتزايد, والمشاكل تتضاعف. وييدو أن آخر من يعلم بأحوال المواطن المسكين, هو رئيس الحكومة, أفهم ان يتم ترشيد عدد الوزارات لتقليل الاعباء علي موازنة الدولة, لأن كل وزارة تحتاج إلي موازنة كبيرة ومصروفات هائلة, وأفهم أن مسئولية رئيس أي حكومة ترشيد الانفاقات في الجهاز الإداري, وهذا ما فعله د. كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق, حين اختصر عدد الحقائب الوزارية إلي 25 حقيبة بدلا من32 حقيبة في عهد د. عصام شرف رئيس الوزراء الذي سبقه, كما ألزم الجهاز الاداري للدولة بشد الحزام, وخفض النفقات إلي أقصي درجة, ونتج عن ذلك توفير اكثر من 23 مليار جنيه خلال سبعة اشهر فقط هي الفترة التي قضاها الجنزوري في حكومته قبل أن يطيح بحكومته دولة الإخوان, ولكن لم يدم الحال طويلا جاءت حكومة هشام قنديل وزاد عدد الوزارات من 29 وزارة إلي 33 وزارة, وضاعت تحويشة الجنزوري. توقعنا من حكومة د. حازم الببلاوي التي تولت المهمة في فترة شديدة الحساسية, أن ينهج نهجاً جديداً أو يقتدي بما فعله الجنزوري, ولكن لم يفعل هذا ولا ذاك, وفوجئنا بالرجل يزيد عدد الحقائب الوزارية إلي 36 وزارة في سابقة فريدة من نوعها, كما فوجئنا بعودة البذخ الحكومي, دون ادني مواجهة من رئيس وزراء من المفترض انه خبير متخصص في الاقتصاد. بالعودة إلي ملف فك وتركيب الوزارات, نجد أن رؤساء الحكومات منذ عشرات السنين لم يفلحوا في وضع ضوابط او معايير حول هذا الملف المهم, أي رئيس حكومة يفعل ما يشاء دون ادني مساءلة, يخترع حقائب وزارية ويلغي اخري ويدمج ثالثة دون ان يحاسبه أحد, ودون ان ينتبه رئيس الجمهورية أو حتي البرلمان, أو المراقبون لما فعله رئيس الوزراء – أي رئيس وزراء – لا بد إذن من وضع معايير تأخذ بالمواصفات العالمية في هذا الشأن. بالمختصر لا يوجد رئيس وزراء في المحروسة لم يبدل أو يغير أو يلغي أو يضيف إلي الحقائب الوزارية, إذن سياسة الفك والتركيب لم تتوقف بعد أي ثورة منذ ثورة 1919 إلي 30 يونية, مرورا بثورتي 1952, و25 يناير, وإذا رجعنا إلي الوراء قليلا فسجد أن عملية الفك والتركيب تصاعدت بعد ثورة 25 يناير, جاءت حكومة أحمد شفيق بنفس وزراء حكومة أحمد نظيف, دون أي تغيير, وجاءت حكومة شرف بعد ما يقرب من شهر بعد تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك, الغي شرف وزارة الاعلام ثم اعادها فجأة, وانشأ وزارة الاستثمار, وألغي وزارة التموين واستبدلها باسم آخر, وجاء الجنزوري ليلغي وزارتي الاستثمار والآثار, أما قنديل فقد اخترع وزارة للمرافق وأعاد وزارتي الآثار والاستثمار, لم يتوقف الامر علي ذلك بل جاءت حكومة الببلاوي لتواصل زيادة الحقائب الوزارية وما يتبعها من زيادات في المصروفات من موازنة فقيرة, تمكن الببلاوي من إضافة حقيقتين وزاريتين جديدتين اسمهما العدالة الانتقالية, والتنمية الإدارية, ولا أحد يعرف مهمتهما حتي الآن, وقام بفصل وزارة التخطيط عن التعاون الدولي ليصير عدد وزارئه 36 حقيبة وزارية, ولا أحد يمكن ان يتكهن عن شكل الحكومة القادمة حتي الآن.