كثر الحديث عن ترتيبات أمنية مشددة سيشهدها النصف الثاني من العام الدراسي في الجامعات المصرية التي أنجزت النصف الأول من العام الدراسي الحالي في ظروف بالغة الصعوبة والعسر!، وقد لاحظت أن الدكتور حسام عيسي وزير التعليم العالي يشير في حديثه إلي زميلنا «زكي السعدني» المشرف علي صفحة «جامعات ومدارس» إلي أن هناك ترتيبات مشددة في الطريق إلي الجامعات بما يضمن تأمينها، وأن هناك تدارساً لموقف قوات الشرطة من التواجد داخل الحرم الجامعي، أو خارج أسوار الجامعة للتدخل في حالة وقوع أعمال عنف وشغب من جانب طلاب الجامعة، وأنه سوف يتم اتخاذ إجراءات ضد الطلاب الذي يقيمون بالمدن الجامعية ويمارسون أعمال عنف داخل الجامعة، وقد تقرر استبعاد هذه العناصر من الإقامة بالمدن. لكن الذي لفت النظر في تصريحات الوزير قوله: «إن الترتيبات الأمنية لا تعني عودة الحرس الجامعي»!، وأكد الوزير أن هناك إجراءات أخري ستضمن إحكام السيطرة داخل الجامعات وعدم تكرار ما يحدث الآن!، ومما أراه يمثل حتي الآن حساسية خاصة عندما تستدرجنا الأحداث إلي سيرة الحرس الجامعي، علي الرغم من أن هناك بعض الأصوات الجامعية العالية التي نادت علناً بضرورة عودة الحرس الجامعي الذي خرج بحكم قضائي إلي الجامعات!، والبعض من أصحاب هذه الأصوات قد وصف خروج الحرس الجامعي بأنه كان خطأ وخطيئة، ولكن الحساسية تعود في مجملها - ورغم المخاطر التي تحيط بالجامعات - إلي أن وجود ما يسمي بالحرس الجامعي داخل الجامعات وحرمها كانت له بعض المضار التي تمس قلب العملية التعليمية، فلم يكن الحرس الجامعي يقنع بأن تكون حدود مسئوليته فقط تنتهي عند الحفاظ علي الأمن وإقراره، ثم مراقبة بعض العناصر الطلابية التي تتطلب وجوده بصفة دائمة داخل الجامعات، بل أتاحت الإقامة الدائمة للحرس الجامعي أن يستحدث العديد من «الموافقات» التي يصدرها وهي ملزمة للأساتذة وأعضاء هيئات التدريس عموماً، خاصة عند مغادرة البلاد لعمل طارئ يعود بعده عضو الهيئة إلي عمله، وضج أعضاء هيئات التدريس من وجود ما سمي «موافقة الأمن» التي أصبحت ضرورة لكل من قصد السفر!، علي الرغم من الموافقة الأصلية من الرئاسات الجامعية المختصة علي السفر! وأتصور أنه لكي يتوقف الحديث عن الحرس الجامعي وعودته أو عدم عودته للجامعات أن يكون هناك نقاش عام في الجامعات يطرح خلاله التوفيق بين الحاجة إلي وجود الأمن سواء كان في داخل الحرم الجامعي بصفة دائمة أو دورية، وبين التزام الحرس بالوظيفة الأمنية التي عادت بالحرس إلي الجامعات!، ثم ابتعاد الحرس عن كل ما يمس شئون التعليم والطلاب حيث لهم الإدارات المختصة، وإذا كانت الجامعات طامعة في الأمن والحماية فإن الضرورة تحتم ذلك، ولن تتخلي سلطات وزارة الداخلية عن الاستجابة لهذا المطلب، ولكن علينا أن نتفق مقدماً علي أن أسباب خروج الحرس الجامعي من الجامعات كانت له أسبابه التي قدرها حكم قضائي، فلا يجوز أن يعود الحرس الجامعي ليمارس عمله موفراً الأسباب للاحتجاج مرة أخري علي وجوده، فإذا ما نوقش كل ذلك بصراحة واضحة بين الجامعات والمسئولين في وزارة الداخلية زالت الحساسية المفرطة التي أصبحت إطاراً دائماً وثابتاً للحديث عن عودة الحرس ومحاذيرها!، فالوزير يصر علي أنه لا عودة للحرس الجامعي!، في حين أن جميع التدابير التي يشير إليها لا أظن أنه يمكن للموظفين الإداريين بالجامعة اتخاذها!، خاصة أن جماعة الإرهاب وصبيتها يدخلون إلي الحرم الجامعي بأعداد وتسليح هو فوق طاقة موظفي الأمن الإداريين، وسوف تتأكد الحاجة إلي قوات الأمن المحترفة لمواجهة المخاطر الجمة علي مباني الجامعات والبشر من أساتذة وطلاب.