"لقد تخطى أوباما الحدود وهو يعتقد الآن ويتصرف كما لو كان فوق القانون أو أن الدستور لم يعد ينطبق عليه...هذا بالضبط هو المعنى وراء التدخل العسكري الأمريكي في ليبيا.. أوباما يقوض أساس ديمقراطيتنا؛ وهو مبدأ سيادة القانون". كانت تلك هي خلاصة المقال الذي نشرته مجلة واشنطن تايمز الأمريكية لكاتبها جيفري كونر رئيس معهد إدموند بورك البحثي، الذي أكد فيه أن أوباما قد انتهك بذلك قانون سلطات الحرب الذي تمت الموافقة عليه في عام 1973، والذي ينص صراحة على أن رئيس الأركان بمقدوره فقط نشر القوات الأمريكية لمدة من 60 إلى 90 يوما بدون موافقة الكونجرس ثم بعد ذلك يجب عليه أن يحصل على تفويض من الكونجرس، وإن لم يفعل فإنه بذلك يحتكر السلطة التشريعية ويوسع من امتيازات السلطة التنفيذية مما يجعل السلطات مركزة في يديه خاصة أهم قانون على الإطلاق وهو قانون الحرب مما يجعله بهذا في حكم من أشعل أزمة دستورية. وطالب المتحدث باسم مجلس النواب جون بونر النائب الجمهوري عن أوهايو إدارة أوباما بتفسير السبب في كونها قد تخطت هذا الحد الزمني بدون الحصول على موافقة الكونجرس للاستمرار في حملتها ضد ليبيا. وكانت إجابة البيت الأبيض كما لو كان يقول: اغرب عن وجهي. وأشارت الصحيفة إلى أن أوباما يرى أنه لم يخالف القانون لأن القوات الأمريكية غير مشتبكة في صدامات مستمرة مع القوات الموالية للعقيد القذافي، كما أن الضربات الجوية والصاروخية الأمريكية ليس لها إلا دور الداعم فقط وليس القائد للهجوم، ومن ثم فلا حاجة إلى الحصول على موافقة الكونجرس. ويوافق الليبراليون في البيت الأبيض على حجة أوباما تلك خاصة وقد أعاد تعريف كلمة "المشادات" بينه وبين قوات القذافي باعتبارها ليست حربا بالمعنى التقليدي. وهنا يصدق على أوباما قول جورج أورويل عندما حذر من أن التلاعب بالألفاظ هو الخطوة الأولى على طريق الاستبداد المظلم. وأضافت أن كلاً من أوباما وساركوزي وديفيد كاميرون دعوا صراحة إلى تغيير القذافي وشنوا حربا ضده فدمروا دفاعاته ومقراته وأمطروه بوابل من الصواريخ والقذائف مع تدريب المتمردين الليبيين في ذات الوقت. لكن وبرغم هذا وخاصة الضربات الجوية لا يعتبر أوباما هذه حربا بالمعنى التقليدي لافتقادها عنصر القوات البرية لكن هذه دعاية سخيفة كما تقول المجلة لأن القذافي وجنوده يتعاملون مع هذه الضربات على أنها حرب كاملة خاصة مع وقوع ضحايا من المدنيين. واستطردت أن الحملة على ليبيا منذ بدايتها كانت غير متماسكة حيث ادعت الإدارة الأمريكية في البداية أنها تسعى لإنقاذ المدنيين حتى لا تحدث مذبحة على غرار مذبحة البوسنة والهرسك في بنغازي. ولما لم تحدث هذه المذبحة احتج أوباما بأن قصف الناتو لليبيا يجب أن يستمر لمنع القذافي من إلحاق الهزيمة بقوات التمرد غير المنظمة، والآن تطورت السياسة الأمريكية إلى الإطاحة بالقذافي. وتعهد أوباما في بداية هذه الحملة أن تتم بسرعة وبشكل محدود وواضح لكن الصراع طال أمده وتمددت الأهداف و"تحولت ليبيا إلى تجربة أخرى نحتاج فيها إلى بناء دولة جديدة ومن ثم فقد أضل الرئيس الكونجرس والدولة". والأدهى، كما تقول الصحيفة، أن "المتمردين الذين حاربنا من أجلهم ليسوا ميالين للديمقراطية فكثيرون منهم أصوليون مسلمون يسعون إلى صبغ ليبيا بالصبغة الإسلامية، بل ومن بينهم جهاديون وأعضاء في القاعدة قضوا سنوات في العراق يقتلون الجنود الأمريكيين". واستدركت الصحيفة، قائلة: "ولأن هذا ضد مصلحة البلاد فقد قامت مجموعة من مشرعي الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونجرس بقيادة الديمقراطي دينيس كوسينيتش عن أوهايو والجمهوري والتر جونز عن نورث كارولاينا برفع دعوى قانونية ضد أوباما لوقف تدخله في ليبيا". وأشارت إلى أن أوباما يتحداهم، وهو ما جعل الصحيفة تتهمه بالنفاق لأنه كثيرا ما بنى شعبيته على هجومه على بوش بسبب حربيه في كل من العراق وأفغانستان.