حقا.. عمرو موسي رجل دولة من الطراز الأول.. دخل التاريخ برئاسته للجنة الدستور..نجح الرجل بدبلوماسيته وكفاءته في فض خلافات واشتباكات أعضاء اللجنة التي كانت صعبة.. البعض جاءها وفي جيبه أجندات حزبه.. والبعض الآخر بأجندات فئوية.. وأعضاء آخرون بمطالب محلية.. والجميع يريدون دسترة ما يريدون.. والكل متشبث بمطالبه.. وينجح الرجل في إطفاء أي حريق.. ويقرب المسافات للوصول الي التوافق.. وكان المنتج النهائي دستورا محترما وأفضل بكثير من دستور الإخوان 2012 ودستور 1971 ودستور 1964 وهذه هي الحقيقة. نعم موسي رجل دولة بحق وحقيق.. كان ضحية حب الناس له وعبر عن رأي الجماهير الفنان الشعبي شعبان عبدالرحيم بأغنيته الشهيرة «بحب عمرو موسي وبأكره إسرائيل» وكانت هذه الأغنية مع بدايات مشروع التوريث للوريث جمال مبارك فأطاحت به الأغنية من منصب وزير الخارجية الي مخزن جامعة الدول العربية مع سبق الإصرار والترصد. أتذكر في انتخابات البرلمان عام 1995 استدعاني المرحوم كمال الشاذلي أحد رموز نظام مبارك الي مكتبه وقال لي معاتبا: أنا عارف إن الدكتور فتحي البرادعي صديقك.. وأنت كتبت عنه في أخبار اليوم.. وهو قريب عمرو موسي وعشان كده هيسقط.. وكانت النتيجة سقوط مرشح الحزب الوطني ونجاح الدكتور فتحي البرادعي عن دائرة كفر الزيات. عرفت لحظتها أن رموز الحزب الوطني لا يحبون عمرو موسي وزير الخارجية الناجح خوفا من شعبيته التي تتزايد وأصبحت تهدد النظام.. وفي ذات يوم كلفني الأستاذ إبراهيم سعدة رئيس تحرير أخبار اليوم باعتبارى المحرر البرلماني للجريدة بالتنقيب في مضابط البرلمان المصري منذ إنشائه من 150 عاما لكتابة موضوعات جديدة لصفحة البرلمان عن التاريخ البرلماني باعتبار مصر أول دولة في أفريقيا وآسيا عرفت البرلمان والحياة النيابية، واكتشفت أن أول نائب رفض الموازنة العامة للدولة وأعادها كان الشيخ عثمان الهرميل في مجلس شوري النواب «البرلمان».. وبلغت قوته أنه لأول وآخر مرة يعقد البرلمان خارج القاهرة كان في مدينة طنطا دائرة عثمان الهرميل أيام مولد السيد البدوي، واستضاف الرجل المجلس وموظفيه وحضرات النظار «الوزراء» وأن الشيخ عثمان كان أحد النواب الذين رفضوا مد امتياز قناة السويس وكان رئيس الحكومة بطرس باشا غالي.. وكان أيضا عضوا في مجلس النواب مع الوفد مع سعد زغلول.. وبمجرد نشر الموضوع في أخبار فوجئت بمكالمة هاتفية من صديقي النائب الدكتور فتحي البرادعي قائلا: الأستاذ عمرو موسي معجب بالموضوع الذي كتبته اليوم.. إنت عارف أن عثمان باشا الهرميل جده وجدي أيضا .. كان الأمر بالنسبة لي مفاجأة سعيدة وعدت لاكتشاف عمرو موسي. عمرو موسي والده هو رجل القانون الذي درس في فرنسا وكان نائبا وفديا لكنه توفي مبكرا وترك طفله عمرو الذي لم يتعد سنه أربع سنوات وانتقل الطفل مع والدته ليعيش في قصر جده النائب الوفدي حسين باشا الهرميل بقرية محلة مرحوم التي تعد 4 كيلو مترات عن طنطا وكعادة أهل الريف ذهب الطفل عمرو الي الكتاب ليحفظ القرآن ثم المدرسة الإلزامية بالقرية ثم مدرسة طنطا الابتدائية ثم مدرسة طنطا الثانوية.. تكونت شخصيته السياسية في بيت سياسي يسمع حكايات الوطنية والألاعيب السياسية ومنافسات الأحزاب: الوفد والسعديين والكتلة الوفدية والأحرار الدستوريين وعاش مع الفلاحين وعشق الأرض وأصبح وطنيا بالفطرة.. وسياسيا بحكم الجينات الوراثية وعاش وهو شاب صغير مراحل الفترة الثرية في تاريخ الوطن السياسي وبعد ثورة 52 لم تترك العائلة السياسة فعم والدته وشقيق جده النائب صبحي بك الهرميل كان رئيس السن لأول برلمان في عهد الرئيس جمال عبدالناصر مجلس الأمة وأحد أخواله النائب مصطفي محفوظ الهرميل كان رئيس سن مجلس الشعب في برلمان 95 - 2000 هل يفعلها عمرو موسي ويكون نائبا عن الشعب ورئيسا لمجلس النواب القادم.