ليس أقل من أن يحظى الدستور الجديد بموافقة تعبر عن ما حققه للمواطن المصرى من نقلة حضارية منوط بها تجسيد طموحات ثورته المجيدة. غير أن الأمر لا ينبغى أن يتوقف عند هذا الحد، فحضور قوى، غير مسبوق، من شأنه التأكيد على قوة التفاف الشعب حول دستوره الجديد، فى إصرار يؤكد صدق الإرادة الشعبية التى عبرت عنها الملايين فى الثلاثين من يونية. ولا شك أن المرحلة الدقيقة التى يعيشها الوطن تفرض على الكافة الإصغاء إلى خطورة التحديات التى يواجهها الوطن، الأمر الذى لابد وأن ينعكس فى تطورات ملموسة تتجاوب بها الأحزاب والقوى السياسية مع المتغيرات المجتمعية التى أفرزتها الثورة المصرية فى الخامس والعشرين من يناير، وأكدت عليها عندما استؤنفت أعمالها فى الثلاثين من يونية. فلم يعد كافيًا أن تُطلق التصريحات مدوية عبر وسائل الإعلام المختلفة، تدعو الناس إلى تلبية الواجب الوطنى بالنزول إلى أرض المعترك السياسي، والموافقة على الدستور، بل تقتضى المرحلة الراهنة تحولات جذرية فى أدوات وآليات العمل السياسي، بما يبتعد به عن كافة الممارسات التى ساهمت فى توسيع الفجوة بين الأحزاب والقوى السياسية من جهة وجموع الشعب من جهة أخرى. من هنا فإن الأحزاب وكافة القوى السياسية والمجتمعية منوط بها تأجيج المشاعر الثورية، ومشاركة الشعب فرحته بانتصار ثورته، فى إعلاء صريح للمصالح الوطنية، فقبل مخاطبة الجماهير بالنزول إلى مقار الاقتراع بكثافة، لا ينبغى أن تتخلف النخب السياسية عن التواجد بشكل دائم وسط الجماهير، من خلال لقاءات جماهيرية، تتخطى حدود المدن والقاعات المكيفة، لتلتقى بالإرادة الشعبية الحقيقية المتمثلة فى رجل الشارع البسيط. ولا يكفى أن تُلقى الخطب الرنانة فى هذا المضمار الوطني، قدر ما تحرص على التفاعل الحى مع الجماهير، فتستشعر اتجاهاتهم، وتستوعب تساؤلاتهم بصدر رحب، لا تكل ولا تمل من تبسيط الدستور ومواده المختلفة، بما يزيل فجوة طالما استغلتها الأنظمة الحاكمة، غير الديمقراطية، التى سعت إلى احتجاز المواطن فى منطقة احتياجاته المعيشية، بعيدًا عن القضايا السياسية التى هى أساس عملية التنمية الحقيقية، وجوهر رقى المجتمعات المعاصرة. ورغم أن الإرادة الشعبية الحرة لم تغادر يومًا مقار حزب الوفد على مستوى كافة أرجاء الوطن، كما لم تبتعد قيادات الوفد يومًا عن ركائزها الشعبية، والتى لا تقتصر على أعضاء الوفد فقط، بل تتسع لتشمل كافة تيارات وطوائف الشعب المصري، فإن الوفد عازم على تنظيم العديد من المؤتمرات الجماهيرية فى كافة المحافظات. وفى إطار الجهود الجماهيرية للأحزاب والقوى السياسية، فإن المسئولية الوطنية، تحظر على الكافة إجراء مزايدات سياسية، ومنازلات تبتغى مكاسب انتخابية، حيث لا ينبغى إدراج الدستور فى إطار الجهود الرامية إلى تحقيق مصالح ذاتية، لا تتسع لما يحمله الوطن من قضايا أساسية لا تتيح لنا رفاهية الحديث عن هموم وأحلام صغيرة. «الوفد»