أيام قليلة وتدخل مصر مرحلة دستورية للمرة الثانية فى عام واحد.. نعم وضعنا دستورين فى عام واحد.. وهى مرحلة حرمنا منها لمدة ثلاثة عقود وهى حالة نادرة فى تاريخ الدول وسوف يكتب التاريخ أن المصريين ثاروا وحبسوا رئيسين فى 3 أعوام ووضعوا دستورين فى عام واحد منذ الاستفتاء المهزلة الذى تم فى شهر ديسمبر الماضى والآن ننتظر قراراً جمهورياً للاستفتاء على الدستور الجديد بعد ثورة 30 يونية. والشيء المتشابه بين الدستورين أنهما صدرا بدون توافق مجتمعى فالإخوان أرادوا دستوراً لهم فقط يمكنهم من حكم مصر وتجاهلوا أغلبية الشعب وحشدوا أيام الاستفتاء رجالهم ونساءهم وما شهده من تلاعب وتزوير فى المراحل الثلاث حتى يمكنهم من نقل رجالهم الى المحافظات إلا أنه فى النهاية خرج دستور مشوه ولا يحظى بالتوافق والدستور الحالى رغم أنه وليد ثورة إلا أن أعضاء تنظيم الإخوان ومن والاهم يرفضون الدستور ليس كرها فى الدستور ولكن كرها فى ثورة يونية التى أطاحت بحلمهم فى الاستيلاء على مصر أى أنه دستور لم يحمل معه التوافق المطلوب فى الدساتير. والدستوران أثناء وضعهما مرا بنفس العراقيل فالطوائف المهنية والمؤسسات تنافسوا فى الحصول على امتيازات دستورية والكل أراد ابتزاز لجنتى وضع الدستور فى الحالتين للحصول على امتيازات لم تكن موجودة لهما من قبل.. والأغرب أن الجميع تعامل مع الدستورين كأنه غنيمة الكل يريد أن يأخذ نصيبه منها.. ولكن الإخوان تعاملوا مع دستورهم وكأنه حق لهم فى حكم هذه الامة واستبعاد أهلها وخرج قياداتها يدعون أنهم أسياد هذا الشعب. أما الدستور الحالى حاولت الهيئات المختلفة والمؤسسات أن تقوم بنفس الدور الذى قام به الإخوان حتى أننى كنت أخشى أن يكون دستوراً للطوائف والمؤسسات الكل يبحث عن غنيمة أو حصانة وللأسف نجح البعض فى هدفهم ومن هؤلاء أجهزة مكافحة الفساد التى هى السبب الأول فى الفساد.. ونجحت فى إلغاء المادة الخاصة بمفوضية مكافحة الفساد تحت ضغط هذه الأجهزة وصمتت هذه الأجهزة طوال سنوات طويلة على الفساد وفشلت بعد ثورة يناير أن تستعيد دولارا واحدا من الأموال التى هربت طوال السنوات الماضية. والشبه الآخر بين الدستورين أن واضعى الدستورين لم يقدما جديداً فى كلا النصين لكن دارا فى فلك الدساتير المصرية والعربية القديمة.. أى كان تفكيرهم منحصراً فى الماضى وليس فى المستقبل وخرج دستوران الأول عاش شهورا قليلة وسقط مع ثورة الشعب فى يونية والثانى سيبقى أعواما قليلة أقل من عدد صوابع اليد الواحدة لأن الأحداث القادمة والتطورات فى الحياة سوف تتعداه ولن يكون أمامنا إلا وضع دستور جديد يواكب هذه التغيرات. والأهم أن الدستور الثانى أكثر احتراما من الأول فى مواد الحريات العامة ونظام الحكم لأنه حدد بوضوح سلطات كل سلطة من سلطات الدولة.. ومن أجل هذا نجد المرحبين والموافقين عليه سيفوق عدد المصوتين والموافقين عليه من الدستور الإخوانى مهما فعلوا لمنع الناس وبغض النظر عن الادعاءات التى تقول إن الموافقة على الدستور الجديد موافقة على ثورة يونية فهذا ما نسميه خلطاً للأوراق.. فليس شرطا من خرج يوم 30 يونية وأيد خارطة الطريق يوافق على الدستور.. وليس كل من لم يخرج يوم 30 يونية ورفض خارطة الطريق يرفض الدستور. المهم أن يخرج المصريون فى يومى الاستفتاء كى نقول إن المصريين قادرون على تقرير مصيرهم بوعى وبسلمية ويكشفون للعالم كله من الذى كان يمول الفوضى ومن الذى كان له المصلحة الأكبر فى إراقة دماء المصريين.. الخروج للاستفتاء هو بداية القصاص للشهداء والمصابين.. هو البداية لاستعادة الكرامة الوطنية للمصريين.