تجسد قضية لاعب كرة القدم الفرنسي الجزائري زاهر بلونيس الذي عجز طوال سنة عن مغادرة قطر بسبب عدم حصوله على إذن بالخروج ، الجدل حول نظام الكفالة المعتمد في دول الخليج والذي يمكن أن يضع العمال الأجانب تحت رحمة أرباب العمل. ويتعرض نظام الكفالة لانتقادات قاسية من المنظمات الحقوقية التي تصفه بأنه شكل من أشكال العبودية الحديثة، فيما يتخذ هذا النظام أشكاله القصوى في السعودية وقطر؛ حيث يتعين على الأجانب الحصول على موافقة الكفيل للحصول على إذن بالخروج من البلاد. وقال جيمس لينش من منظمة العفو الدولية إن نظام الكفالة "يحفز التجاوزات والاستغلال". كما يسمح نظام الكفالة بتفشي ظاهرة الاتجار بالتأشيرات من قبل الكفلاء المواطنين، مع العلم أن الأجانب يشكلون حوالى نصف سكان دول مجلس التعاون الخليجي البالغ عددهم 47 مليون نسمة. وقال لينش "إذا ما اكتشف العامل الأجنبي إنه خدع بالنسبة لشروط عمله بعد توظيفه، أو إذا وجد أنه يعاني من ظروف عمل وإقامة يشوبها الاستغلال من قبل رب العمل"، ليس بإمكانه تغيير عمله من دون موافقة الكفيل. وفي السعودية وقطر، يتعين على العامل الأجنبي الحصول على موافقة الكفيل لاستصدار إذن بالخروج في كل مرة يرغب فيها بمغادرة البلاد. ووصف لينش المتخصص في موضوع العمالة في دول الخليج، هذا التدبير بأنه "يمكن أن يعرض الشخص لاستغلال خطير". وظل بلونيس عالقا في قطر لفترة طويلة بسبب رفض كفيله أي النادي الذي كان يعمل فيه، إعطاءه الإذن لمغادرة البلاد وذلك بسبب خلاف مع النادي حول الراتب. وبحسب محامي بلونيس، فقد اضطر هذا الاخير لتوقيع رسالة "تسريح مبكر" ليتمكن من السفر الى فرنسا حيث ينوي مقاضاة كفيله. وإذا كانت حالة بلونيس حظيت باهتمام إعلامي كبير، إلا أن الكثيرين يعانون في صمت. وقال الفلسطيني الموظف في السعودية محمود عبدالرحيم "شقيقتي الصغرى توفيت في غزة الصيف الماضي، ولم اتمكن من الحصول على تأشيرة خروج وعودة في الوقت المناسب للمشاركة في التشييع". وقال لينش إن "تاثير نظام الكفالة يكون أكثر خطورة للذين يعملون في وظائف برواتب منخفضة والذين يواجهون صعوبة في المطالبة بحقوقهم" مشيرا بشكل خاص إلى العمال في قطاع الإنشاءات وخدم المنازل، وهم يشكلون جزءا كبيرا من العمال الوافدين في الخليج وغالبيتهم من آسيا. وقال لينش "إن خدم المنازل معرضون لأكبر مخاطر بالنسبة للاستغلال لانهم في معظم دول مجلس التعاون الخليجي لا تشملهم احكام قانون العمل". ونددت منظمة هيومن راتيس ووتش مؤخرا بأقدام الكفلاء على مصادرة جوازات سفر خدامهم وعلى احتجاز رواتب مستحقة او على اجبارهم على العمل. وفي السعودية، أكد الناشط المدافع عن حقوق الانسان وليد ابوالخير في تصريحات ان نظام الكفالة هو "نظام رق جديد". ودعا أبوالخير إلى "إلغاء هذا النظام بشكل كامل أو تطبيق مبدا المعاملة بالمثل". ويواجه عدد كبير من الوافدين صعوبات ناجمة عن احكام نظام الكفالة تحول دون نجاحهم في تسوية اوضاعهم القانونية في المملكة التي تنفذ حملة ضد المقيمين بشكل غير شرعي منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وأطلقت هذه الحملة بعد انتهاء فترة سماح لتسوية أوضاع العمال الذين يقيمون بشكل غير شرعي او الذين يعملون لدى جهة غير كفيلهم. والبحرين هي الدولة الخيليجية الوحيدة التي ألغت نظام الكفالة، إلا أن دولا خليجية اخرى اتخذت تدابير لتحسين ظروف العمال، وذلك خصوصا بسبب ضغط المنظمات الحقوقية. ففي الإمارات كما في الكويت، يحظر القانون على أرباب العمل منع موظفيهم من مغادرة البلاد الا في حال وجود قرار من المحكمة، كما يحظر الاحتفاظ بجوازات سفر الموظفين او احتجاز رواتبهم، بحسبما اكد ناشطون حقوقيون لوكالة فرانس برس. وقال محمد سالم الكعبي من جمعية الإمارات لحقوق الانسان انه في الإمارات "يمكن للعامل الأجنبي أن يغير كفيله ضمن شروط". من جهته، قال محمد الحميدي مدير الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان إن الكويت تعتمد تدبيرا مشابها إلا أن "دول الخليج لا تحترم الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها حول حماية العمال".