الاستحقاق النيابى بدأ فعليًا القائمةالموحدة مشاورات حزبية مستمرة لخوض السباق الانتخابى    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    يقترب نحو 51 جنيها.. قفزة كبيرة في سعر الدولار خلال تعاملات اليوم    أسعار اللحوم اليوم الأحد 15-6-2025 بأسواق محافظة البحيرة    إجراء انتخابات البورصة يوم الثلاثاء 24 يونيو بمقر شركة مصر لنشر المعلومات    إيران: الهجوم الإسرائيلي على منشآتنا النووية تجاوز للخطوط الحمراء    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    مواعيد مباريات الأحد 15 يونيو - أتليتكو مدريد ضد سان جيرمان.. وبايرن يواجه أوكلاند    أشرف داري: الحظ حرمنا من الفوز على إنتر ميامي    وزير التعليم يتابع انطلاق امتحانات الثانوية العامة من غرفة العمليات    "أزهر الأقصر" يفتح باب التظلمات على نتائج الابتدائية والإعدادية لمدة 15 يوما    2923 طالبا يؤدون امتحانات الثانوية العامة فى 14 لجنة بمطروح.. فيديو    وفاة نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي    فيلم سيكو سيكو يحقق أكثر من ربع مليون جنيه إيرادات ليلة أمس    «أمي منعتني من الشارع وجابتلي أول جيتار».. هاني عادل يستعيد ذكريات الطفولة    معهد وايزمان جنوب تل أبيب: تضرر عدد من منشآتنا جراء قصف إيرانى ليلة أمس    بعد جهود استمرت 5 سنوات متحف سيد درويش بالإسكندرية ميلاد جديد لفنان الشعب    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    معهد البحوث الطبية يعقد مؤتمره السنوي 17 يونيو    قصر العيني يحقق إنجازا طبيا فى الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 15 يونيو 2025    الجيش الإسرائيلى: اعترضنا 7 مسيرات انقضاضية إيرانية خلال الساعات الأخيرة    ثانوية عامة 2025.. إجراءات أمنية مشددة على أبواب لجان عين شمس    أولياء الأمور ينتظرون طلاب الثانوية العامة أمام لجان الامتحانات فى أسوان    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    طلاب الثانوية العامة 2025 يتوافدون على لجان الامتحانات لإجراء التفتيش الإلكتروني    برواتب تصل ل12 ألف جنيه.. العمل تعلن وظائف جديدة بشركة أدوية بالإسماعيلية    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 15 يونيو    دعاء امتحانات الثانوية العامة.. أشهر الأدعية المستحبة للطلاب قبل دخول اللجان    اليوم.. مجلس النواب يناقش مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد    "زيزو الأعلى".. تعرف على تقييمات لاعبي الأهلي خلال الشوط الأول أمام إنتر ميامي    عودة القطاع الخاص تفتح خزائن الائتمان وتقود نمو محافظ الإقراض    جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مقر منظمة أبحاث دفاعية إيرانية    حارس إنتر ميامي الأفضل في افتتاح مونديال الأندية أمام الأهلي    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    مجدي الجلاد: الدولة المصرية واجهت كل الاختبارات والتحديات الكبيرة بحكمة شديدة    إعلام إسرائيلي: مصرع 5 وأكثر من 100 مصاب جراء القصف الإيراني على تل أبيب    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    بداية العام الهجري الجديد.. تعرف على موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    رقم تاريخي ل زيزو مع الأهلي ضد إنتر ميامي في كأس العالم للأندية    تجاوز 63%.. مؤشر تشغيل القروض للودائع يواصل التحليق لمستويات غير مسبوقة    مقتل ثلاثة على الأقل في هجمات إيرانية على إسرائيل    سبب دمارًا كبيرًا.. شاهد لحظة سقوط صاروخ إيراني في تل أبيب (فيديو)    الموعد المتوقع لإعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025؟.. رابط الاستعلام برقم الجلوس    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    "رفقة سواريز".. أول ظهور لميسي قبل مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    "العسل المصري".. يارا السكري تبهر متابعيها في أحدث ظهور    السفارة الأمريكية في البحرين تدعو موظفيها إلى توخي الحذر عقب الهجوم على إيران    الجلاد: الحكومة الحالية تفتقر للرؤية السياسية.. والتعديل الوزاري ضرورة    القانون يحظر رفع أو عرض العلم المصرى تالفا أو مستهلكا أو باهت الألوان    شهادة أم وضابطين وتقارير طبية.. قائمة أدلة تُدين المتهم في واقعة مدرسة الوراق (خاص)    كهرباء قنا تفتتح مركزًا جديدًا لخدمة العملاء وشحن العدادات بمنطقة الثانوية بنات    دون أدوية أو جراحة.. 5 طرق طبيعية لتفتيت وعلاج حصوات الكلى    ضمن مبادرة "100 مليون صحة".. صحة الفيوم تقدم خدمات المبادرات الرئاسية لأكثر من 18 ألف مواطن خلال عيد الأضحى    جامعة بدر تفتح باب التقديم المبكر بكافة الكليات لطلاب الثانوية العامة والأزهري والشهادات المعادلة    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    كأس العالم للأندية| «ريبيرو» يعقد محاضرة فنية للاعبي الأهلي استعدادًا لمواجهة إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في " مديح الكراهية "
نشر في الوفد يوم 11 - 11 - 2013

هذا الجو من الكراهية أصبح يحيطنا ويسمم علينا أنفاسنا. المسؤول الأول عنه مايبثه الاخوان من دعايات وحقد أسود. إنه مناخ الانقسام والتعصب ونفى الآخر. ولعله يذكرنى برواية لكاتب عربى من سوريا ، صدرت أخيرا فى طبعة ثالثة أو رابعة من دار العين المصرية. الكاتب هو الروائى "خالد خليفة"، والرواية هى "مديح الكراهية".
يختار " خليفة " أن يجعل راويته صوتاً أنثوياً ، يتفجر بالرغبة للحياة والحب . امرأة ننساق وراء مشاعرها وتداعياتها النفسية ، بدءاً من سن المراهقة . تلح عليها رغبات جسدها الغائر فتكبتها بأناشيد صوفية لرابعة العدوية من داخلها! ، بينما تقاليد " البازار " الحلبي والطائفة السنية تضع أغلالها حول عنقها . توظف البطلة – الراوية إرهاصات تمردها في إطار الدفاع عن " الطائفة "، التي تحتكر الحديث باسم " الإسلام الحق " وتجعل الطائفة الأخرى " العلوية " من الكفار . تنضم إلى جماعة " الإخوان المسلمين " وتشاركهم طريق الآلام والدم والكراهية .
تجري أحداث الرواية في أكثر من مكان . لكن المكان " الثابت "، والذي ترجع إليه الرواية دائماً ومكرراً وبقصد ، هو بيت العائلة في حلب في حي الجلوم " حلب القديمة ". بيت لعائلة عريقة حلبية ، يسكنه أربعة نساء وخادم أعمى. وعبر التحولات السياسية والاجتماعية تترك الأحداث بصماتها على ذلك المنزل وساكنيه . نرصد مجتمعاً تغزوه " الكراهية الطائفية " باضطراد ، بالتوازي مع الاستبداد الشمولي وآلياته.
يخطئ من يظن أن " خالد خليفة " يتحدث عما حدث في سوريا في ثمانينات القرن الماضي ، بل هو يتحدث عن واقع عربي مؤلم يتردى في نيران الكراهية ، تختلف درجة سعارها هنا أو هناك .
مع تصاعد سيمفونية " الكراهية " السوداء والحقد الأعمى والثأر الدموي ، تنساب تفاصيل إنسانية وديعة وسط ذلك الصخب . رحلة النساء الأسبوعية إلى حمام المدينة مع خادمهم الأعمى رضوان وما تمثله من تحرر نسوى من قيود وكبت ، حفلات العشاء العائلية وحضور الإخوة الذكور وأحاديثهم ، الخالة مروة وفراشاتها الحزينة الجميلة والمحنطة داخل أدراج زجاجية ، وحتى الخالة مريم الصارمة تعتني بمنمنمات وتفاصيل " جهازها " وثياب عرس في انتظار عريس لن يحضر أبداً بينما تتجرع ذكريات حب من طرف واحد مرة لبرهة في حياتها . تبدو الرواية كقطعة سجاد ثمينة وأثرية ، تتجاور فيها النقوش والمنمنمات ، بينما تصنع " الكراهية " خلفيتها بأحداث حقيقية مروعة ، تتكاثر النقوش الإنسانية العذبة مع رومانسية حزينة على سطحها .
كل أبطال الرواية وطقوسها ، هم ضحايا لقهر " الأيديولوجيا " المصمطة التي لا تعرف التسامح ، سواء كان ذلك تحت راية الدين أو الطائفة أو القومية أو الشيوعية . يبدو سحق " الإنسان " أمام التنظيم سواء كان حزب البعث أو جماعة الإخوان المسلمين أو التنظيم السياسي الآخر " الشيوعي " مرادفاً لثنائية الحب المطلق مقابل السياسة والمصالح الفئوية ، والإنسان المفرد مقابل وباء الكراهية الجماعية .
تطرح نهاية الرواية تساؤلاً ، بل إشكالية خطيرة تمس واقعنا العربي . نجد فيها المثقفين وأطراف الفتنة والكراهية الطائفية ، قد أفاقوا من غفوتهم ، فوجدوا أنفسهم مشردين ، مجبرين على الهجرة والفرار من الخراب والدمار . لم يكن الأصوليون استثناءً ، فلقد لجأوا إلى الغرب " الكافر " للفرار من الاضطهاد . إسلاميون وليبراليون وشيوعيون سابقون وجدوا حريتهم فقط في أوربا والغرب لينعموا بأمان من مطاردة الاستبداد والكراهية ، هل هي قيم " الحرية الفردية " وقيمة " الفرد " ، التي هي جوهر الحداثة ، وراء ذلك اللجوء ؟ أليس غريباً أن يلجأ أصحاب النظريات الشمولية وشبه الشمولية إلى أوطان تعترف بحق الفرد في الاعتقاد والاختيار خارج الطائفة والجماعة والمألوف ؟ .إشكالية تطرح بعمق أسباب نكوص الشرق عن مسيرة الحرية والديمقراطية والتحديث .
من بقى من شخصيات الرواية في " الوطن " ، كان مصيره انتظار الموت في صمت . " مريم " تصنع تابوتاً وتستبدل به سريرها ، لتنام كل يوم فيه ، في انتظار موت وراحة أبدية . إنه عشق الموت . رضوان الأعمى ينتظر معها موتاً ، يكون نهاية قصة عشق من طرف واحد ، لم يستطع أن يبح بها . " عمر " ينكفئ بين الملذات والتجارة ليقضي ما تبقى من عمر في وطن تسوده الكراهية والخراب ، أما " سليم " فيختبئ وراء " صوفيته " منعزلاً عن الجميع ، غير آبه بما يدور حوله .
تبقى " مديح الكراهية " عملاً رائعاً يكشف بشجاعة عن أن حرية الإنسان وحق الفرد في الاختيار قضية لم يتم حسمها في مجتمعاتنا العربية ، بينما انتهت كل الأنظمة التي تعتبر الإنسان مجرد " ترس " في آلة بلا مشاعر وبلا عواطف وبلا طموحات . هي رواية يجب أن تقرأ ، لأنها تتعرض لمصير مخيف ينتظرنا إذا غرقنا في بحر الكراهية ، وهي " رواية " تكشف عن مبدع روائي كبير .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.