ينتمي المطرب الكبير محمد الحلو لجيل المحافظين علي الشكل الجاد للغناء العربي وهو مع جيله يمثلون آخر عنقود أسرة زمن الغناء الجميل. لذلك لم يكن غريباً عليه ان يكون أحد حوائط الصد ضد كل ما هو هابط في زمن سيطرت عليه الأغنية السيئة. الحلو أخذ شهادة اعتماده ضمن قائمة أصوات قمم الغناء العربي من أسماء كثيرة كبيرة كانت تري فيه رغم فارق السنين بينهم انه منهم ويمثل الامتداد لهم منهم الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب وبليغ حمدي والسنباطي وسيد مكاوي وعمار الشريعي وغيرهم. مئات من الأغاني الوطنية والعاطفية ومئات مثلها من الحفلات في مصر والعالم العربي تضمنها سيرته الذاتية لكنه قرر فجأة وبدون مقدمات ان يكون من بين أهم محطات حياته الجلوس علي مقعد نقيب الموسيقيين،ورغم ان البعض حاول ان يبعد الفكرة عن ذهنه نظراً للمشاكل التي عودتنا عليها النقابة خلال السنوات الأخيرة. الا انه صمم دخول المعركة من أجل اعادة النقابة الي ما كنت عليه من هدوء. في البداية سألته لماذا التصميم علي خوض معركة الانتخابات علي مقعد النقيب رغم المخاطر؟ أولاً: وجدت مجموعة كبيرة من الزملاء الموسيقيين يطالبونني بالترشح. ثانياً: منذ فترة طويلة وأنا أحاول جاهداً عمل أشياء كثيرة للموسيقيين ووجدت هذا الأمر لن يحدث الا من خلال كيان يجمعنا وهو النقابة. ما الذي يمكن ان تقدمه للموسيقيين من خلال النقابة؟ الموسيقي يجب ان يوضع في مكانته الصحيحة والتي تليق به فهو مبدع، وهذه النوعية تجدها علي مستوي العالم تعيش في مستوي اجتماعي جيد، وأقل شيء هو الارتفاع بقيمة المعاش الي »1200« جنيه علي الأقل. لكن هل هناك موارد يمكن ان تعتمد عليها؟ نقابة الموسيقيين هي الأغني بين النقابات داخل مصر والعالم العربي. هناك ايراد يومي من المفروض ان يدخلها ممثل في ما يتم جمعه من الافراح التي تقام في الفنادق القاعات الأخري، الي جانب الحفلات، والمهرجانات الغنائية المنتشرة طوال العام. وعلي الصعيد العام ما هي أفكارك للنقابة؟ بعد ثورة الشباب يجب ان تكون نقابة الموسيقيين المصرية هي أكبر نقابة في الشرق الأوسط وعلي مستوي التعاون العربي أتمني أن تصبح نقابة كل العرب، أتمني ان احقق من خلالها ما عجزت عنه السياسة وهو تحويلها الي بيت العرب، وأتمني ان أصل بهذا الي ان يدخل كل الفنانين الي الدول العربية بدون تأشيرة دخول. النقابة خلال السنوات الماضية لم تواجه المشاكل الخاصة بالموسيقي العربية والتحديات التي واجهتها؟ لو أراد الله ووصلت لمقعد النقيب سأواجه مع مجلس الإدارة أي انهيار، دور النقابة لن يكون رفع المعاش فقط، لكن هناك أموراً عامة، وقضايا شائكة ستواجه بكل قوة، منها الحفاظ علي تراثنا، وهويته، ومشروعي في التواصل مع الدول العربية يهدف الي هذا الأمر، تراث الوطن أهم عندي من أي شيء آخر.. والنقابة لن تكون صندوقاً لجمع الأموال فقط. جدول النقابة به بعض الراقصات هل ستقوم بتنقية الجداول؟ أتصور ان الذين دخلوا من قبل لن نستطيع ان نطرده لكن كل ما استطيع ان أعد به أن النقابة لن يدخلها ألا من يستحق ان يكون زميلاً لنا، ولن تدخل النقابة أي صوت من أصوات العري والشذوذ مهما كان اسمها. متي تبدأ جولاتك الانتخابية؟ مع منتصف الشهر الحالي. أم كلثوم وأحمد فؤاد حسن وعبدالوهاب وماهر العطار وغيرهم كانوا نقباء سابقين هل ستسير علي نهج احد منهم؟ نحن الآن في نقابة ما بعد ثورة الشباب وأتصور ان كل من سبقوني أضافوا للنقابة، وأتمني ان اكون لي بصمة مختلفة تحسب لي في ظل مطالبات ثورتنا الاخيرة والتي تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية. كيف ستتعامل مع سمعة النقابة التي تحولت الي ميدان للمعارك خلال السنوات الماضية؟ نحن أبناء اليوم وكما قلت لكل عصر سلبياته وايجابياته لكن كل ما استطيع ان أعد به هو ان النقابة لن تكون ميداناً للمعارك مرة أخري مهما حدث. النقابة مقسمة بين الأكاديميين والعازفيين غير الدارسين؟ أعلم هذا الأمر لكننا في النهاية تجمعنا مظلة واحدة وسأحاول ان استفيد ممن درسوا بالاكاديمية بعمل دورات تدريبية لمن لم يدرسوا رغم يقيني ان هناك مواهب فذة لم تدرس. ثورة الشباب الأخيرة وما نتج عنها من تغيرات هل تراها في صالح الغناء؟ ما بعد الثورة لا صوت يعلو فوق الغناء الجاد وأتصور ان الفترة القادمة سوف تشهد مناخاً مختلفاً للابداع بصفة عامة والغناء بشكل خاص. لاحظنا ان السنوات الاخيرة من عمر النظام السابق لم تحصل المواهب الكبيرة علي حقها؟ هذا صحيح.. تم فرض ذوق غنائي متدهور ومتدن، أعمال تسئ الي الفن المصري وهذه مسئولية الدولة وحدها. فهل من الطبيعي أن يتذيل جيل الوسط بكل اهميته اهتمامات المسئولين عن الاعلام المصري خلال السنوات الأخيرة وتفتح الأبواب للأراجوزات وانصاف المواهب في الغناء والتلحين والآن الوضع تغير والدليل ان هاني شاكر وعلي الحجار وأنا وثروت أعمالنا تذاع وتعرض اكثر من الماضي صوتنا طلع ثاني وحتي الأغنية التي قدمها عزيز الشافعي »يابلادي« هناك جملة أخذت من الأسطورة بليغ حمدي. علي ذكر بليغ حمدي وباعتبار انك كنت من المقربين منه هل تري انه ظلم في آخر أيامه؟ نعم، بليغ ظلم، وغُدر به، وكان يستحق منا كدولة الكثير والكثير وما حدث معه في نهاية حياته شيء محزن فهذا الرجل الذي صنع نصف اغاني نصر اكتوبر المجيد هذا الفنان الذي كان يحارب بالنغمة ولن أبالغ اذا قلت ان بليغ من صانعي نصر اكتوبر لذلك لم يكن يستحق منا هذه المعاملة. هل تري ان الرموز كانت مهانة في فترة من الفترات؟ نعم هناك رموز كثيرة تمت اهانتها وهو امر لم يكن يحدث إلا في مصر. لكن »بليغ« صور علي أنه رجل مستهتر؟ بليغ كان رجلاً يحب الناس ومضيافاً وكريماً وشديد الأدب والتواضع. كان ابن ناس والصورة التي التصقت به لم تكن صحيحة. أغنية »أشكي لمين« التي غناها منير وهي من ألحان الراحل الكبير بليغ حمدي كان لك السبق في غنائها كيف ذهبت الي منير؟ نعم في البداية غنيت أشكي لمين،وقمت ايضاً بتصويرها وعندما طلبها مني منير وافقت وطلبت من بليغ رحمه الله ان نتنازل عنها له،والحمد لله منير كان موفقاً في أدائها. انكار الذات من ايجابيات جيلكم الآن هذا الأمر غير موجود لماذا؟ لأننا كنا نحب بعض وكل واحد منا كان موهبة مستقلة بذاتها الآن الضعف وقلة الموهبة هي الشيء الأكثر انتشاراً لذلك تجد حروباً بين الأصوات علي لحن ما وفي النهاية تكتشف انه مسروق من أحد رموزنا الكبار، كما اننا كجيل جمعنا حب الوطن اما الأجيال الجديدة فجمعها حب المال. عبدالوهاب كان يلقي دعماً كبيراً من الدولة عكس بليغ كيف تري هذا؟ عبدالوهاب كان يجيد فن العلاقات العامة وكان حريصاً علي التواجد بين الامراء والملوك وعلي ان تكون علاقته جيدة بالسلطة في مصر، وهذا لا يعيبه بل افاد الموسيقي والغناء والدليل ان شرطة المصنفات الفنية أنشئت عن طريق اقتراح قدمه للرئيس الراحل انور السادات اما بليغ والسنباطي والقصبجي فكانوا يحبون العزلة والانطواء. اتجاه الأغنية نحو الصورة كيف تري نسبة الضرر التي وقعت علي الأغنية نتيجة لذلك؟ »70٪« تقريباً لأن السمع تراجع. جيلك ظلم بنسبة كبيرة؟ من حيث الارقام والماديات أي بلغة رأس المال ظلمنا لكن علي مستوي ما قدمناه من فن نحن آخر جيل العمالقة والتاريخ يشهد بهذا وبعدنا فتحت الساحة ذراعيها لفاقدي الموهبة وسماسرة الجسد. ظهور جيل عمرو دياب بعدكم مباشرة هل قلل من انتشاركم إعلامياً وعلي مستوي شركات الإنتاج؟ هذا كلام غير صحيح والدليل ان كل ألبوماتي التي حققت نجاحات كبيرة مثل »القلب حب وتاه« »ياحبيبي« و»علي ايه ناويلي« وغيرها حققت مبيعات في وجود عمرو دياب..وبالمناسبة جيل دياب ومحمد فؤاد كان جيداً والهيافة والانهيار حدثت بعدهم. إذن ما الأسباب الحقيقية لتراجع جيلك؟ القرصنة سبب تراجع كل الاجيال لان الانتاج قل بنسبة كبيرة والذين استمروا وتراهم علي الفضائيات سببه وجود مؤسسات خلفهم، اما جيلي فلا تدعمه هذه الكيانات لانهم لا يريدون انتشار الفن الجاد. علي الحجار أقدم علي تجربة الانتاج حتي لا يقع في فخ شركات الانتاج لماذا لم تفعل هذا؟ أري انه من العيب ان ينتج الفنان لنفسه، هذه هي قناعاتي وربما يكون الأمر مختلفاً لصديقي علي الحجار. مؤخراً انتهيت من تسجيل بعض الأغاني الوطنية؟ هذه الأغاني من انتاج الشئون المعنوية وهي »اسمعني واسمعك« و»يسلم جيش بلادي« ألحان محمد الطوخي و»رقبتي يابلدي« ألحان محمد فؤاد وبالمناسبة هناك أغان أخري غناء ريهام عبدالحكم بعنوان »سلامات يامصر« ورشا ابراهيم »لو بنحبها« من ألحان محمد فؤاد وكلمات الشاعر الكبير محمود عبدالظاهر وسامح الرزقي وعزمي سلامة وسوف تظهر للنور قريباً.
